د.نسيم أبو خضير
في عالم مليء بالتحديات والأزمات السياسية ، تبرز مواقف القادة التي تعكس ثبات المبادئ وقوة الإرادة في مواجهة محاولات المساس بحقوق الشعوب .
لقد أثار موقف جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين من تصريحات رئيس الولايات المتحدة الأمريكية حول تهجير أهل غزة إلى الأردن ومصر موجة من التأييد والإعجاب في العالم العربي والعالمي على حد سواء.
جاء رد جلالة الملك عبدالله الثاني على هذه التصريحات ليكون بمثابة إعلان قوي ، ورسالة حازمة لكل من يعتقد أنه يمكن المساومة على حقوق الشعب الفلسطيني ، أو أن الأردن يمكن أن يكون بديلاً لفلسطين أو غزة .
تصريحات الرئيس الأمريكي التي طرحت فكرة تهجير الفلسطينيين من غزة إلى الدول المجاورة ، بما في ذلك الأردن ، قوبلت من جلالة الملك برفض قاطع لا مواربة فيه .
لقد أكّد جلالته أن الأردن يرفض رفضًا قاطعًا أي محاولات لتهجير الغزيين من أرضهم ، وأن هذا الموضوع هو خط أحمر لا يمكن تجاوزه .
هذه الكلمات لم تكن مجرد رد فعل على تصريحات شخصية ، بل كانت تعبيرًا عن موقف سياسي ثابت لا يتغير بتغير الأزمان أو الأشخاص . موقف جلالة الملك يمثل جوهر السياسة الأردنية الثابتة التي ترفض أي محاولات لتغيير الحقائق على الأرض، مهما كانت الضغوط .
إن موقف جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين ، الذي يتسم بالثبات والوضوح ، يعكس نهجًا أردنيًا طويل الأمد في دعم القضية الفلسطينية . فالأردن كان وما زال يثبت أنه لا يمكن التلاعب أو المساومة على قضيته المركزية الأولى : فلسطين .
لقد أكّد جلالته في العديد من المناسبات أن القدس هي العاصمة الأبدية لدولة فلسطين ، وأن الأردن سيبقى دائمًا في صف الفلسطينيين في نضالهم من أجل حقوقهم المشروعة . هذه المبادئ كانت وما زالت جزءًا لا يتجزأ من السياسة الأردنية ، ولن يتغير هذا الموقف تحت أي ظرف من الظروف . إن هذا الموقف القوي هو بمثابة رسالة واضحة لكل من يحاول التأثير على موقف الأردن تجاه القضية الفلسطينية ، بأن هذا الموقف ثابت ولن يتزحزح .
لقد أوضح جلالة الملك عبدالله أن الحل الأمثل والوحيد لأزمة غزة ليس في تهجير أهلها إلى دول أخرى ، بل في إعادة إعمار غزة ليتمكن أهلها من العيش بكرامة وأمان . إن هذا التصريح هو تأكيد على أن فلسطين هي أرض الفلسطينيين ، وأنهم وحدهم يقررون مصيرهم ، ولا يجوز بأي حال من الأحوال أن يتم تهجيرهم قسرًا تحت أي ذريعة كانت .
ويعتبر هذا الموقف دعوة للمجتمع الدولي للعمل لإيجاد حلول حقيقية ومستدامة تُفضي إلى إنهاء معاناة الفلسطينيين في غزة وفي باقي الأراضي الفلسطينية .
إن إعمار غزة يحتاج إلى دعم دولي حقيقي ، ويجب أن يتم من خلال توفير جميع الإمكانيات اللازمة لإعادة بناء ما دمرته الحروب والحصار ، وتوفير حياة أفضل للشعب الفلسطيني في قطاع غزة .
المواقف الصلبة التي يتخذها جلالة الملك عبدالله الثاني دائمًا لا تأتي من فراغ ، بل هي انعكاس لثقة راسخة في قدرة الأردن على مواجهة الضغوط الدولية والعالمية ، والدفاع عن مصالحه الوطنية والعربية . وعندما يتحدث جلالته عن هذا الموضوع ، فإنه يعبر عن إرادة شعبية كاملة ، حيث أن الأردنيين يعتقدون بشدة أن القضية الفلسطينية هي قضية كل عربي ، وأنه لا يمكن لأي دولة عربية أن تتخلى عن فلسطين أو عن حقوق الشعب الفلسطيني .
كما أن الموقف الأردني الرافض لتهجير الغزيين يبرز الدعم الكامل لحقوق الفلسطينيين في العودة إلى أراضيهم ، ويؤكد أن الأردن لا يقبل بأي حلول تسعى إلى تغيير الوضع القائم أو محاولات تصفية القضية الفلسطينية من خلال خطط غير عادلة .
إن تصريحات جلالة الملك عبدالله الثاني هي بمثابة نداء قوي للأمة العربية والمجتمع الدولي لتوحيد الجهود في دعم القضية الفلسطينية ، ففي وقت تتصاعد فيه التحديات أمام الفلسطينيين ، تأتي كلمات جلالته لتكون حافزًا جديدًا للأمة العربية للتكاتف خلف فلسطين وشعبها ، ولحث المجتمع الدولي على تحمّل مسؤولياته في إنهاء معاناة الفلسطينيين ، ورفع الحصار عن غزة ، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي .
موقف جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين من تصريحات رئيس الولايات المتحدة الأمريكية حول تهجير أهل غزة إلى الأردن ومصر ليس مجرد رد فعل عابر ، بل هو موقف ثابت ومبدئي ، يعكس إلتزام الأردن الراسخ بالقضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني . هذا الموقف يعكس الخطوط الحمراء التي لا يمكن تجاوزها ، وأن الأردن لن يسمح بأي مساس بالحقوق الفلسطينية مهما كانت الضغوط .
إن المضي قدمًا في دعم قضية فلسطين ، وإعمار غزة ، وتحقيق السلام العادل والشامل ، هو ما يجب أن ينشده الجميع . ورسالة جلالة الملك عبدالله الثاني هي بمثابة تذكير للعالم بأن الأردن سيظل دائمًا في مقدمة المدافعين عن فلسطين ، ولن يتخلى عن هذا الدور مهما كانت الظروف .