
العرب والغرب والنظرة الدونية ...
القلعة نيوز -
النظرة الدونية تصبغ كل شيء في علاقة الغرب بالشرق بصبغتها في الماضي والحاضر والمستقبل ، فلا قوة في المقاومة قادرة على إيقاف الظلم، وتبقى المقاومة هي مقاومة منكافة وأخذ ورد ، وليس هناك عدة ولا عتاد ولا قادة على قدر الحدث ، لن تستطيع أن تخرج بموقف ولا فكرة ولا مشروع للنهوض لأنك تشعر بأنك مهزوم على كل الأصعدة، وهنا يجب أن نتذكر قول ريتشارد كلارك في كتابه ضد كل الأعداء الذي ألفه بعد الحادي عشر من سبتمبر ، "ذلك البدوي المتخلف إستطاع أن يظهر ضعفنا وإنهيارنا وهشاشتا وقابليتنا للإنكسار".
يجب إستغلال نقاط ضعف العدو ودراستها جيدا ، فإستراتيجة فهم السيناريوهات والتحكم بها ، يبدو أنها ليس من ضمن إهتمامات العالم الإسلامي اليوم ، فنحن ما زلنا هنا نتصرف بعقلية شيخ القبيلة الذي ما أن تدخل بيته حتى تأخذ كل شيء عنده كرم في غير أهله ، ولكن الغرب لا يتعامل مع غيره وفق هذه النظرية، بل وفق نظرية شيء مقابل شيء ، وخدمة مقابل خدمة ، ومصلحة مقابل مصلحة ، فالعالم الإسلامي يقدم أمواله على طبق من ذهب لتوضع في البنوك الإمريكية ونشترى سنداته التي خسرت أكثر من مرة ، وندعم مشاريعه الفاشلة ، لا بل نمنح شركاته إمتيازا كبيرا على غيرها في العطاءات والأعمال وغيره الكثير.
وربما هذا ما اخافهم حتى الموت ، من الموقف الإخير الذي قامت به المقاومة ، وهو قلب الحالة النفسية من الإنهزامية إلى المبادرة والتحرك والأخذ بزمام الأمور برغم قلة الموارد والحصار فكان الإنتصار في هذه المعركة حليف المقاومة ، من ناحية الإعداد والنتائج وحتى من الناحية النفسية إستطاعت المقاومة أن تعامل هذا العدو بأخلاق الإسلام وتكون لها اليد العليا في الفعل والإنفعال للحدث.
المقاوم يدفع ثمنا كبيرا لكنه في النهاية ينتصر، ولكنه يجب أن يصبر على الأذى والخسائر الكبيرة ، لم يحدث في يوم أن إستمر إستعمار وأهل الأرض يقاومون، لا صلح لا تصالح كما قال هوشي منه اخرج من ارضي ، وغدا اشرب معك فنجان قهوة ، انت اليوم عدوي، كان هذا خطاؤنا منذ البداية كما يقول الباحث محمد المختار الشنقيطي ، لأنك لن تستطيع ان تنتصر على المحتل او المستعمر إلا بحرب عصابات ، ولذلك خسرنا معه الأرض ، ومعظم الحروب التي خضناها معه سابقا ، وها هو اليوم يخسر في حرب العصابات ضد فئة قليلة، هذا هي نظرته للعالم العربي ، وليس هذا محصورا بتلك الفئة التي قامت بالفعل الذي أستفزه ، وهنا يحضرني بقوة كيف أن المجرم منهم هو مجرم بذاته ، وأن المجرم منا هو إرهابي من مجموعة إرهابيين ، بصرف النظر عن فكره وموقعه وفعله ، فهو ينتمي إلى إمة هي كلها إرهابيون.
يقول إيمانويل تود الذي توقع سقوط الإتحاد السوفياتي وسقط بعدها بثلاث سنوات أن سقوط للولايات المتحدة سيكون قريبا جدا، والسبب هو نفس المشكلة التعليمية والتوازن الديموغرافي في عدد السكان ، إن إنخفاض عدد السكان يؤدي إلى تراجع الدولة وقلة ومحدودية إمكانياتها ، وأنخفاض مستوى التعليم يؤدي إلى نتائج كارثية على مستوى الأمة ولذلك تسعى الولايات المتحدة إلى فتح باب الهجرة عن طريق القرعة من أجل تعويض هذا الفاقد ، وتحاول ان تطيل ام وجودها ، برغم انخفاض الناتج القومي وارتفاع الدين إلى مستويات قياسية.
لم نفكر يوم لا بالقوة الناعمة ولا بأكثر منها أن نفاوض ونطالب ونرفع سقف تحصيلنا لمصالحنا ، حتى أصبح اليوم ينظر الغرب إلينا على أننا تحصيل حاصل ، وقوم بلا رأي أو حمية أو موقف، وربما هذا ما يفسر صمتهم المريب على كل ذلك القتل الذي يحدث في غزة للأطفال والنساء والمرضى والعجزة ، والصمت على قصف المستشفيات والمدراس ودور العبادة ومنها الكنائس التي تعود للشرق فهؤلاء مسيحيوا الشرق ايضا وليس للغرب .
نعود للتفاوض ماذا لو كانوا يريدون القميص فقط ولكنهم أعطوهم القميص والبنطال والجاكيت كما قال رالف بانش الوسيط الدولي لرئيس الوزراء العربي الذي طلبه اليهود بالإسم لعقد إتفاق الهدنة، للهزيمة أسباب نفسية وإستعداد وعدد وقادة ، عندما تفشل كل هذه تحدث الهزيمة .
العدو ما زال من هول الصدمة يتصرف وفق الأرض المحروقة، وضرب المقاومة من خلال ضرب الأهداف المدنية والنساء والأطفال، العالم يتغير بسرعة كبيرة ونقاط القوة والضعف تتحكم فيها الكثير من الأمور، طبيعة الشخصية الأمريكية وطريقة تعاطيها مع الأحداث الداخلية والخارجية تمتاز ببساطة كبيرة جدا وهذا مؤشر خطير أيضا ، والأنحياز الأمريكي ضد مصالح الأمة يضع الكثير من علامات السؤال .
العالم الإسلامي يملك الكثير من وسائل الضغط والتفاوض والقوة ، ولكنه للأسف لا يضع خطط ولا سناريوهات ولا القوة الناعمة ، ولا السياسة ، ولا المال ، ولا الإعلام ، ولا التحالفات في خدمة مصالحه ومصالح أمته .
إبراهيم أبو حويله ...