شريط الأخبار
الصفدي: الاعتراف بالدولة الفلسطينية بات ضرورة لا غنى عنها الاحتلال يشن حملة مداهمات واعتقالات في الضفة الغربية وزير تطوير القطاع العام يطلق ورقة مفاهيمية حول "قطاع عام أكثر مرونة" القوات المسلحة تواصل تنفيذ الإنزالات الجوية على قطاع غزة بمشاركة الأمارات رئيس الديوان الملكي يلتقي وفد نادي نشامى المستقبل للسيدات الرياضي العين العرموطي : مركز تدريب المرأة العسكرية يُعد "صرحاً وطنياً عريقاً يجسد قصة نجاح وتميز للمرأة الأردنية تقدير دولي لموقف الأردن ومساعيه في دعم الاعتراف بالدولة الفلسطينية "إلى كل من يسمعني.." السيسي يوجه رسالة حول غزة بينهم زعيم عربي.. ترمب يعطي رقمه الشخصي لقادة هذه الدول مؤتمر "حل الدولتين" يستند لأسس واضحة لإنهاء الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي مؤتمر "حل الدولتين" يسعى لتجسيد قرارات أممية وتفعيلها على الأرض "الخيرية الهاشمية": عبور 25 شاحنة مساعدات إلى غزة.. ونجهز 60 أخرى بمشاركة الأردن.. انطلاق مؤتمر دولي لبحث تنفيذ "حل الدولتين" اليوم ألمانيا: مستعدون لزيادة الضغط على إسرائيل بشأن غزة رئيس النواب يرعى ورشة "الأطر القانونية للتغير المناخي والانتقال الطاقي بالأردن" 14وفاة بسبب المجاعة في قطاع غزة خلال يوم الاحتلال يجبر مواطنا على هدم منزله ذاتيا في جبل المكبر جنوب شرق القدس عشرات المستوطنين المتطرفين يقتحمون الأقصى بحراسة شرطة الاحتلال الملك يلتقي المستشار الألماني في برلين غدا وليتبروا ما علوا تتبيرا....

وليتبروا ما علوا تتبيرا....

وليتبروا ما علوا تتبيرا....
وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا...
القلعة نيوز
في تلك اللحظة التي يعلو فيها الباطل ويتضخم حتى يكاد يملأ المحيط، تأتي ظروف الزمان بتصاريف عجيبة، وهنا تقف مستغربًا: هل لكل هذا من نهاية؟ الظلم مخيف، وعواقبه أكثر إخافة، وما يتعرض له الناس في فلسطين، كل فلسطين، منذ حوالي القرن ونيف، شيء عجيب، يفوق قدرة الناس على التحمُّل؛ جوع وقتل وتشريد وخيام، وقنابل خارقة للتحصينات تنزل على أجساد النساء والأطفال والمدنيين العُزَّل، وصمتٌ مريب يكاد يأخذ بالعقول.
وصمودٌ أسطوري يكاد يذهب بالعقول.

كيف استطاع هؤلاء الصمود إلى الآن، في وقتٍ يُلقي فيه هذا الجندي المُدجج بآلة الحرب والدعم النفسي واللوجستي والفضائي والطيران والمدرعات، نفسه من شرفة طابق حتى لا يلاقي هذا المقاوم المدافع عن شرفه وأرضه، والذي من الممكن أن يكون ببنطال رياضة وزنوبة وبطن خاوية؟ مقاييس لا يتقبلها العقل ولا المنطق.

هؤلاء الذين علوا في الأرض علوًّا كبيرًا، ووصلوا أن يفرضوا على حكام الأرض ما يريدون، سواء كان حقًّا أو باطلًا، أمرًا مقبولًا أو مرفوضًا، أخلاقيًّا أو غير أخلاقي، يتوافق مع القوانين أو لا، بلا حرج ولا تكلف ولا خاطر لأي أحدٍ فيهم، بل يكاد الأمر أن يكون مفروضًا.

ولكن هل يدرك هذا الخبيث الجبان أن سنن الله ماضية، وأقداره محتومة، وأن هذا العلو إذا لم يُحسنوا فيه لأنفسهم، فإن مصيرهم هو التتبير والزوال والدمار؟ أول مراتب المقاومة الرفض لهذا الواقع، والعمل على تغييره، والصمود والصبر على المقاومة، حتى الشهادة أو النصر. هل صدق عمر المختار رحمه الله في القول هنا: "نحن لا نستسلم، ننتصر أو نموت"؟ يبدو ذلك جليًّا هنا. هذه الفئة صامدة برغم ما أصابها، محتسبة أمرها، متوجهة إلى ربها، لا يضرها من خذلها، ويبدو لي أن مع العسر سيكون يسرًا، بل يجب أن يكون مع العسر يسرًا، فهذا أمرٌ إلهي لا يقدر أحد على إيقافه أو منعه.

عندما تصبر هذه الفئة المظلومة على ما أصابها وتحتسب أمرها، تبدأ المواقف بالتفكك، وحتى الصلب منها يتفتت تحت هذه المطارق. فمع كل قتل هناك مطرقة، تضرب تلك الرؤوس الظالمة في العمق من مواقفها وأفكارها. ومع كل مجزرة وطفل وامرأة وصرخة وألم وجوع، وقتل للضعيف والمريض والنساء والأطفال، تتعدد المطارق بعدد المصائب، فتفكّ بهذه الرؤوس. يا إلهي، كيف تصبح صخرة الصمود مطرقةً لرؤوس الظالمين، وسببًا في تصدُّع مواقفهم وآرائهم؟

هل لذلك بدأت بعض الضمائر تصحو؟ اليوم يخرج علينا المستشار الألماني فريدرش ميرتس، وديفيد لامي وزير خارجية بريطانيا، وجوزيب بوريل مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، لينتقدوا تجويع المدنيين، والإيطالي والفرنسي والإسباني. هل استيقظت الدماء الزرقاء أخيرًا على وقع هذا الصمود أو القتل غير المبرر؟ أم هل بدأت تكلفة رعاية هذا الكيان المجرم المارق ترتفع؟ هذه الأصوات تهمس بالحقيقة، هؤلاء الذين صمتوا دُهورًا طويلة على هذا الظلم، بل كانوا من المبررين الداعمين، وما زالوا، ولكن هذه الهمسة في العُرف التاريخي والاجتماعي لها مدلولات كبيرة.

هي بداية أمرٍ ما، قد يقصر وقد يطول، ولكنها البداية. لم يكن أحد يجرؤ على هذا القول حتى في خياله من الساسة، وكانت زلة واحدة كفيلة بنهاية حياته السياسية. وهذا المجنون في البيت الأبيض، عجوز أحمق الخطى، يسير وفق عنجهية وتكبر وازدراء وصلف عجيب، وهو يخلط الأوراق والأعداء والأصدقاء، حتى لقد ضجَّ منه القريب والبعيد، وتخرج الأصوات في الكيان تنادي بضرورة إيجاد السبل والوسائل للسيطرة والتحكم به، فهو غير متوقَّع نهائيًّا، وقد يأتي بأي فعل تكون له عواقب وخيمة على هذا الكيان.

هل هذا هو الصديق الجاهل، الذي يريد أن ينفعك فيهبدك بحجر يُعجِّل نهايتك لأن ذبابة أزعجتك وأنت نائم؟ طبعًا من يستقرئ الأحداث ويتابعها، يدرك أن في الأفق شيئًا يقترب، فهذه الإرهاصات تتجمع وتصبح تيارًا يضع هذه الفئة وهذا الكيان الخبيث في إطار معيَّن، ويصرف لهم صفاتٍ معينة، ويرفع عنهم الكثير من الدعم المعنوي والإنساني والقانوني والدولي، وهو –بحسب معطياته– مرشحٌ للصمود، ولكن السؤال: إلى متى؟

هل هذا هو التتبير الذي تكلَّم عنه الله في كتابه؟ لا شك أن يومهم آتٍ، هو آتٍ لا محالة، ولكن كل نهاية لها مقدمات تعجِّلها أو تؤخرها. الظروف في بداية القرن كانت تتجمع في مصلحتهم في كل شيء، حتى عندما دخل العثمانيون الحرب مع الألمان، وحتى عندما استدان السلطان من الغرب الأموال، في الاقتصاد والسياسة، في الحرب والسلم، في التحالفات والمعاهدات، كان كل شيء يسير في مصلحتهم.

والآن أرى أن الأمور تتغير بشكل كبير. نعم، هناك خسائر كبيرة تكاد تفطر قلب الواحد منا، ولكن هل نسينا ما قامت به الحربان العالميتان، وحجم الدمار والقتل؟ البعض يشير إلى أنهم –أي جماعة الكيان– كانت لهم يد في هذه الحرب، وأقول: ربما. الحرب مائدة الجبناء والقتلة وتجار الحروب والضمائر، هؤلاء الذين يقتاتون على دماء الأطفال الأبرياء، والنساء والعجزة، هؤلاء لا يهتمون مَن هو المنتصر، هم فقط يريدون للحرب أن تستمر، لأن هذا هو مكسبهم الحقيقي، ولو كان يُدفع بدماء الأبرياء.

إرهاصات المرحلة القادمة يكتبها الانقسام الذي يكبر يومًا بعد يوم في الكيان، ويكتبها موقف غربي يتشكل بهدوء، ولكنه يكبر ويقوى ويرتفع صوته. ولكن أين الموقف العربي الرسمي والشعبي؟ هل يعاني إحباطًا وعجزًا وضيقًا في الأفق؟ حقيقةً، أدرك أن تحرُّك البعض محدود، والآخر معدوم، والثالث متواطئ، ولكن هل نستطيع أن نرمي الجميع عن قوس واحدة؟ فهناك من يتبنى فلسطين قضية، ويجعل كل منبر له فرصة ليعرض قضيتها، ويستغل كل ظرف ليخفف من معاناتها.

نعم، كلنا مقصِّرون، ولكن المنصف يُدرك هذا الذي يحاول، من ذلك الذي يحفر تحتها. ذلك الذي في قلبه مرضٌ أيضًا معروف، ولكننا بحاجة إلى قليل من الإنصاف. وما أن تتهيأ الظروف –والتي أرى أنها اقتربت اليوم أكثر من أي زمن مضى–، فهذا الحجم من التضحيات والإخلاص لن يذهب سُدًى، وهذا ما أرى: أن النهاية باتت اليوم أقرب.

إبراهيم أبو حويله