
الشباب… القلب النابض للدولة ومسؤولية الوطن
القلعة نيوز:
بقلم: الناشطة المجتمعية والشبابية الاستاذة يارا العلي.
إنّ استثمار طاقات الشباب ليس ترفًا سياسيًا ولا خيارًا مرحليًا، بل هو أولوية وطنية وركيزة لبقاء الدولة ونهوضها. نحن الشباب المورد الأغلى لأي وطن، وإذا لم تُفتح أمامنا الأبواب، تحولنا من طاقة بناء إلى طاقة تبحث عن بدائل.
الانخراط في الشأن العام لا يجب أن يقتصر على الحضور الرمزي، بل يجب أن يتنوع بين المشاركة المؤسسية والمبادرات الشعبية والمساحات الرقمية، بحيث تُترجم طاقات الشباب إلى فعل ملموس. المشاركة السياسية عبر الأحزاب، المجالس المحلية، البرلمانات الشبابية، والمبادرات القانونية والاجتماعية ليست مجرد منصات بروتوكولية، بل أدوات للتأثير وصناعة القرار.
لكن الواقع صادم: طاقات الشباب وأفكارهم كثيرًا ما تُستغل وتُسرق من قبل بعض الجهات، التي تبني مشاريعها على جهود الشباب، ثم تنسب النتائج لنفسها أو توظفها لأجندات خاصة. هذا الاستغلال يقتل روح المبادرة، ويغتال الإبداع في مهده، ويترك الشباب في دائرة الإحباط والعزوف. الشباب ليسوا ديكورًا، ولا وقودًا مؤقتًا؛ هم القلب النابض للوطن، ومن يسرق أفكارهم أو يمنعهم من المشاركة، يضيع عليهم الحلم ويضر بمستقبل الدولة.
القانون هو لغة التغيير المستدام، والمعرفة هي مفتاح المشاركة الفاعلة. فالشاب الذي يفهم حقوقه، الثوابت الوطنية، والتشريعات، يصبح شريكًا حقيقيًا لا متفرجًا سلبيًا. كما أن الإعلام الرقمي والمنصات الاجتماعية يجب أن تتحول إلى منابر مسؤولة تحتضن المبادرات الشبابية بدل استغلالها أو التضييق عليها، لأن استغلال أفكار الشباب من قبل بعض الجهات يحوّل طاقاتهم إلى أدوات لأجندات أخرى، ويسرق الحلم ويتركهم في دائرة الإحباط والعزوف.
ولا يمكن إغفال دور العمل المدني التطوعي عبر الجمعيات والنقابات، فهو الذي يحوّل القيم الوطنية إلى ممارسات يومية ملموسة، ويجعل المواطن يلمس أثر الشباب في حياته. إشراك الشباب في صياغة السياسات والحوار الوطني هو الطريق الأمثل لبناء الثقة المتبادلة، لأن الشاب حين يشعر أن صوته مسموع، يتحول إلى مدافع شرس عن وطنه.
أما الاستجابة الرسمية فهي حتى الآن شكلية، وتبقى المشاركة الرمزية محدودة المساحة، بينما الشباب يواجهون محاولات تهميش وسرقة جهودهم. السماح لهذه الممارسات دون حماية وتنظيم هو خسارة كبرى لأي دولة، إذ أن الشباب ليسوا ديكورًا، بل القلب النابض لأي وطن.
ولتحويل المشاركة إلى واقع، أرى أن هناك توصيات عملية وواضحة:
1. الوعي القانوني والسياسي شرط أساسي، فالمعرفة تحول الحماس إلى فعل منظم يحمي الوطن.
2. بناء جسور الثقة بين الشباب ومؤسسات الدولة عبر إشراكهم الحقيقي في اتخاذ القرار.
3. خلق مساحات آمنة للتعبير ومنصات مسؤولة تحتضن المبادرات الشبابية.
4. التمكين الاقتصادي كمدخل أساسي للمشاركة، فالبطالة تحدّ من قدرة الشباب على الانخراط.
5. المأسسة بدل الفردية، بحيث تتحول طاقات الشباب إلى قوة منظمة داخل المؤسسات الحزبية والمدنية.
6. كسر الصورة النمطية عن الشباب والتعامل معهم كشركاء في القرار.
7. تحويل المشاركة إلى ثقافة وطنية، تجعل الشأن العام مسؤولية يومية، وليس شعارًا موسميًا.
أن مشاركة الشباب في الشأن العام ليست خيارًا تكميليًا، بل معركة وعي ومسؤولية. من لا يمنح الشباب موقعهم في الحاضر، سيجد وطنه بلا مستقبل. والشاب الذي يعي هذا الدور، لا يترك وطنه نهبًا للظروف، بل يتحول إلى خط الدفاع الأول عن كرامته وهويته.🇯🇴