شريط الأخبار
الأردني محمد العواملة رئيسا للاتحاد الآسيوي للمصارعة تحذيرات من احتمال تعثر الولايات المتحدة في سداد ديونها ليبيا وبنغلاديش تبحثان تنظيم استقدام العمالة والتصدي للهجرة غير القانونية الخاتم متى؟.. رونالدو يكشف شرطه للزواج من جورجينا تحالف دولي ينفذ مشروع طاقة ضخما في السعودية بتكلفة تزيد عن 2.6 مليار دولار "واشنطن بوست": خفض المساعدات الأمريكية في إفريقيا يتيح الفرص لروسيا والصين صعوبة اللعب في شهر رمضان وتحديات أخرى.. تصريحات مدرب السعودية قبل مواجهة اليابان بالصور...الملك يزور مركز البنيّات للتربية الخاصة جلالة الملك عبدالله الثاني يزور الامارات العربية غداً الثلاثاء المواجهة الحتمية.... القلعة نيوز تعزي الزميل الاستاذ الدكتور فائق الفرارجه وزير الخارجية: غرفة عمليات مصرية قطرية سجلت أكثر من 900 خرق إسرائيلي للهدنة رئيس الوزراء: العدوان الإسرائيلي في غزة تجاوز موضوع الإدانة أخو ارشيدة يكتب: الأردن في مواجهة الشائعات.. معركة الوعي ضد الفتن تعرف على أسعار الخضار والفواكة في السوق المركزي اليوم لتعزيز صحة جسمك في رمضان .. 4 نصائح عليكَ اتباعها فوائد نوى وبذور التمر للصحة.. اعرفها كيف تتناول بذور الشيا بطريقة صحيحة لتحصل على فوائدها 8 فيتامينات ومعادن تحمى عينيك من تأثير الجلوس أمام الشاشات هل تشعر بالجفاف حتى بعد شرب 3 لترات من الماء؟ إليك السبب

تفكيك خيوط العنف..جريمة الزرقاء مثالاً حنين البطوش استشارية نفسية أسرية وتربوية

تفكيك خيوط العنف..جريمة الزرقاء مثالاً  حنين البطوش  استشارية نفسية أسرية وتربوية
القلعة نيوز:

تستدعي جريمة قتل الزوج لزوجته في الزرقاء، بما حملته من بشاعة، تحليلاً متعمقاً لتفكيك خيوط العنف الذي أفضى إلى هذه المأساة، لفهم الدوافع والأسباب الكامنة وراءها، لا بد من النظر إلى الجريمة من زوايا متعددة،
وتحليل هذه العوامل ليس مجرد تمرين أكاديمي، بل هو ضروري لفهم أسباب العنف الأسري، وتطوير استراتيجيات فعالة لمنعه، ينبغي علينا أن نعمل على تغيير الأعراف الاجتماعية التي تبرر العنف، وتوفير الدعم النفسي والاجتماعي لضحايا العنف، وتطبيق القوانين التي تحمي حقوقهم.
تتضمن اهمها العوامل النفسية، حيث قد يكون الجاني مصاباً باضطرابات شخصية، كاضطراب الشخصية المعادية للمجتمع، الذي يتسم بالاندفاعية والعنف وغياب الندم، وعدم التعاطف، مما يجعله أكثر عرضة لارتكاب أفعال عنيفة، بالإضافة إلى ذلك، فإن تاريخ الجاني من العنف والعدوانية يزيد من احتمالية تكرار هذه السلوكيات، كما أن تعاطي المخدرات يلعب دوراً محورياً في تغيير الحالة العقلية للشخص، وتقليل قدرته على التحكم في سلوكه، وتفاقم اندفاعيته وعنفه، وقد تكون المخدرات عاملاً أساسياً في تصعيد العنف الذي مارسه الجاني ضد زوجته، مما أدى إلى هذه النتيجة المأساوية، حيث يشتبه بتأثير المخدرات على الجاني أثناء ارتكاب الجريمة، حيث يمكن أن تؤدي المخدرات إلى تغيير الحالة العقلية، وزيادة العدوانية، وتقليل القدرة على التحكم في النفس، و قد يعاني الجاني من مشاكل في الصحة العقلية، كالاكتئاب أو الذهان، التي قد تؤثر على سلوكه وتزيد من حدة عدوانيته، وكما قد يكون لديه تاريخ من الصدمات النفسية، التي تزيد من احتمالية اللجوء إلى العنف.

وتبرز العوامل الاجتماعية كجزء لا يتجزأ من تحليل جريمة الزرقاء، حيث يمثل العنف الأسري مشكلة معقدة تتأثر بالظروف الثقافية والاجتماعية والاقتصادية، وقد تكون هناك عوامل اجتماعية متأصلة في المجتمع تسهم في انتشار العنف الأسري، مثل عدم المساواة بين الجنسين والأعراف التي تبرر العنف، كما أن تأثير المجتمع يلعب دوراً محورياً، حيث قد يكون الجاني قد تأثر بثقافة العنف التي يتعرض لها في محيطه، سواء من خلال وسائل الإعلام أو من خلال تجاربه الشخصية، وقد رسخ في ذهنه شعور زائف بالسلطة على زوجته، واعتقاد خاطئ بحقه في استخدام العنف ضدها، بالإضافة إلى ذلك، قد تكون الضحية لم تحصل على الدعم الاجتماعي الكافي لحمايتها من العنف، سواء من أسرتها أو من المجتمع، وقد تكون شعرت بالخوف أو العار من طلب المساعدة، مما منعها من الحصول على الحماية اللازمة.

لا يمكن إغفال تأثير العوامل المادية في جريمة الزرقاء المروعة، حيث قد تكون الظروف الاقتصادية الصعبة قد ساهمت في زيادة التوتر في العلاقة الزوجية، وزيادة احتمال حدوث العنف، فالمشاكل المالية التي يعاني منها الجاني قد تكون زادت من شعوره بالإحباط والغضب، مما دفعه إلى ارتكاب هذا الفعل الشنيع. بالإضافة إلى ذلك، فإن تعاطي المخدرات يمكن أن يؤدي إلى مشاكل مالية، حيث ينفق الشخص مبالغ كبيرة على المخدرات، وقد تكون المشاكل المالية الناتجة عن تعاطي المخدرات قد ساهمت في زيادة التوتر في العلاقة الزوجية، ولا يمكن إغفال عامل السيطرة المادية، حيث قد يكون الجاني يسيطر ماديا على الضحية، مما يزيد من تحكمه بها، وقد تكون الضحية تخشى من طلب المساعدة لعدم وجود مصدر دخل خاص بها.

وغياب الوازع الديني يعتبر عاملًا مؤثرًا في تفاقم جرائم العنف الأسري، حيث أن الدين يرسخ قيمًا نبيلة وأخلاقًا سامية ترفض العنف والاعتداء، وتدعو إلى الرحمة والمودة والتسامح، ويتجلى تأثير غياب الوازع الديني في عدة جوانب، منها الفهم الخاطئ للدين الذي قد يستخدم لتبرير العنف، وتراجع القيم الأخلاقية التي تحول دون إيذاء الآخرين، وتضاؤل الخوف من الله الذي يقلل من رادع ارتكاب الجرائم، وضعف الروابط الأسرية التي يقوم الدين بتقويتها، وغياب القدوة الحسنة التي يقدمها الدين في التعامل مع الآخرين، لذا فإن تعزيز الوازع الديني والقيم الأخلاقية في المجتمع، إلى جانب معالجة العوامل الأخرى المساهمة في العنف الأسري، يعد أمرًا ضروريًا للحد من هذه الظاهرة.

تؤكد الآية الكريمة "وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ" على عظم جرم قتل النفس التي حرمها الله إلا بالحق الذي بينه الشرع، إذ يعد قتل النفس بغير حق من أكبر الذنوب بعد الشرك بالله، وقد شبه رسول الله صلى الله عليه وسلم ذنب قتل المسلم بغير حق بالكفر، مما يدل على فداحة هذا الذنب وعقوبته الشديدة.

يشهد زماننا هذا تفشي ظاهرة "الهرج"، وهو القتل، الذي يعد من علامات يوم القيامة كما أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم، حيث تسفك دماء المؤمنين بغير حق، مما يستدعي منا الاستعانة بالله والتوكل عليه. وفي هذا السياق، ينبغي على كل مسلم عاقل أن يحذر مما نهاه الله عنه، وأن يخشى عاقبة أفعاله، وأن يمتثل لأوامر ربه، ويجتنب نواهيه، وأن يتدبر قوله تعالى: {ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ}، فالله تعالى لم يذكر هذه الوصايا في كتابه إلا لعظم شأنها، وعلى من يرتكب المعاصي أن يتذكر أنه ميت، وأنه سيقف بين يدي الله ليحاسبه على أعماله.

تمثل جريمة الزرقاء المروعة حالة تتطلب تحليلًا متعدد الأوجه، إذ تتجاوز كونها حادثة فردية لتكشف عن خلل عميق في المنظومة الاجتماعية والقانونية، فبشاعة الجريمة ووحشيتها، التي تضمنت تعذيبًا ممنهجًا وتشويهًا للضحية، تشير إلى دوافع نفسية معقدة لدى الجاني، الذي يحمل سجلًا إجراميًا حافلًا، وقد يكون متأثرًا بتعاطي المخدرات، وفي المقابل، تبرز مأساة الضحية، الشابة التي تركت طفلًا يتيمًا، لتسلط الضوء على قضية العنف الأسري وضرورة حماية النساء، وتستدعي هذه الجريمة استجابة حازمة من الأجهزة الأمنية والقضائية، من خلال تحقيق شامل وتطبيق أقصى العقوبات، لردع مثل هذه الجرائم وتحقيق العدالة، وعلى المستوى الاجتماعي، ينبغي مراجعة القيم والمعتقدات التي تساهم في انتشار العنف، وتعزيز الوعي بحقوق الإنسان، وتفعيل دور المؤسسات الدينية والتعليمية والإعلامية في نشر ثقافة التسامح والمحبة.

إن التسرع في الزواج والاختيارات الخاطئة يشكلان عوامل خطيرة تزيد من احتمالية وقوع العنف الأسري ، وقد يصل الأمر إلى حد قتل الزوجات، لذا من الضروري التأني والدراسة المتأنية قبل اتخاذ هذه الخطوة المصيرية، ينبغي استغلال فترة الخطوبة للتعرف على شخصية الطرف الآخر وقيمه وأسلوب حياته، ومراقبة سلوكياته وكيفية تعامله مع الضغوط والمشاكل، والتأكد من وجود توافق في الأهداف والطموحات، كما ينبغي الانتباه لأي علامات تحذيرية تدل على سلوكيات عنيفة أو مسيطرة، والحذر من الغيرة المفرطة ومحاولات التحكم، والابتعاد عن أي شخص يظهر سلوكيات عدوانية، ومن الضروري التأكد من تمتع كلا الطرفين بالاستقرار النفسي والعاطفي، والتعامل مع أي مشاكل قبل الزواج، والاستعانة بمختصين نفسيين عند الحاجة، وأن يكون الزواج مبنيًا على الحب والاحترام المتبادل والتفاهم، وليس حلًا للمشاكل الشخصية أو العاطفية، ويمكن الاستعانة بمستشار أسري لتقييم العلاقة وتقديم النصح، والحصول على معلومات حول الحقوق والواجبات الزوجية، فالزواج شراكة طويلة الأمد تتطلب التزامًا وتفاهمًا، والتسرع في اتخاذ هذا القرار قد يؤدي إلى عواقب وخيمة.

إن مكافحة العنف الأسري تتطلب تضافر جهود جميع أفراد المجتمع ومؤسساته، ينبغي علينا أن نعمل على تغيير الأعراف الاجتماعية التي تبرر العنف، وتعزيز ثقافة الاحترام والمساواة، كما ينبغي علينا أن نوفر الدعم النفسي والاجتماعي لضحايا العنف، وأن نضمن تطبيق القوانين التي تحمي حقوقهم، وإن جريمة الزرقاء ينبغي أن تكون نقطة تحول في تعاملنا مع العنف الأسري، وأن تكون دافعًا لنا للعمل معًا من أجل بناء مجتمع آمن وعادل للجميع.