شريط الأخبار
الجيش يحبط محاولة تهريب مواد مخدرة بواسطة طائرتين مسيّرتين بالاسماء : ترفيع متصرفين إلى رتبة محافظ وإحالتهم للتقاعد سعد الصغير ينتقد شقيق إبراهيم شيكا: عيب بنك صفوة الإسلامي.. نمو مالي وريادة مجتمعية والثقة بلا حدود لإدارته الحكيمة الحجاج يتوافدون إلى مكة وسط تدابير مشددة ودرجات حرارة مرتفعة الذهب يرتفع مسجلا 3309 دولارات للأونصة عجلون: بيت البسكوت نكهات تراثية بأياد محلية تجارة الأردن تشيد بقرار تمديد مهلة توفيق الأوضاع لشركات الصرافة بالأسماء ... وظائف شاغرة ومدعوون لإجراء المقابلات 180 طبيب بيطري أردني يشرفون على ذبح أكثر من مليون رأس من الهدي في الحج بحث تطوير البنية التحتية لشبكة الإنترنت في سوريا من خلال الأردن رئيس الوزراء يفتتح توسعة مستشفى الأميرة إيمان الحكومي في دير علا تأثير كبير.. إليكم أهمية دور الآباء في تشكيل علاقة الطفل بالطعام دراسة جديدة عن "الزهايمر".. ماذا كشفت؟ كيف يؤثر التدخين على الحامل والجنين؟ أثناء فقدان الوزن.. حيلة بسيطة للاستمتاع بالكربوهيدرات مشروبات لا يُنصح بتناولها مع أدوية شائعة أطعمة ممنوع تسخينها مرة أخرى.. تعرف عليها كيف يدمر ارتفاع سكر الدم صحة الكلى.. تحذير عاجل هل الامتناع عن الأكل بعد الساعة الثامنة مساء يساعد على إنقاص الوزن؟

ضريبة العقارات 2025: بين مطرقة الإصلاح وسندان العدالة

ضريبة العقارات 2025: بين مطرقة الإصلاح وسندان العدالة
ضريبة العقارات 2025: بين مطرقة الإصلاح وسندان العدالة
القلعة نيوز
احمد عبدالباسط الرجوب

في أروقة مجلس النواب الأردني، وعلى طاولات النقاش المجتمعي، يحتدم الجدل حول مشروع قانون ضريبة الأبنية والأراضي الجديد. المشروع الذي جاء كرد فعل لأزمة مالية خانقة تعاني منها البلديات، تحوّل إلى ساحة معركة بين دعاة الإصلاح المالي والمدافعين عن العدالة الاجتماعية.

المشهد يذكرنا بورشة بناء كبيرة، حيث تحاول الحكومة أن تضع لبنات نظام ضريبي جديد، بينما يتخوف المواطنون من أن تصبح هذه اللبنات ثقيلة للغاية على كاهلهم. الوزير المصري يشرح بثقة أن النظام الجديد سيكون "أكثر عدالة وأقل اعتماداً على العنصر البشري"، لكن الأصوات الناقدة تردد: "العدالة تحتاج لأكثر من مجرد نوايا حسنة".

في الجانب الرسمي، تتراص الحجج مثل جنود في معركة. الحديث عن نظام إلكتروني متكامل، وعن تقدير عقاري يعتمد على معايير واضحة بدلاً من التقديرات الشخصية، وعن حوافز للمشاريع الخضراء والتراثية. "هذا ليس مجرد تعديل، بل نقلة نوعية"، كما تصفها الوثائق الرسمية. الخصم بنسبة 80% للمساكن المملوكة لساكنيها يظهر كبطل في سيناريو الحكومة، بينما تتراجع شخصية "الضريبة الظالمة" إلى الخلفية.

لكن المشهد ليس وردياً تماماً. في المقاهي الشعبية وفي وسائل التواصل الاجتماعي، تتجسد مخاوف أخرى. هناك قصة أبو محمد، صاحب الأرض الزراعية الصغيرة التي ورثها عن أبيه، والذي يتساءل كيف سيدفع ضريبة على أرض لا تحقق له دخلاً. وهناك أحلام المواطنين من الطبقة الوسطى الذين يعتبرون تملك المنزل آخر معاقل كرامتهم، ويخشون أن تتحول هذه الملكية إلى عبء لا يقدرون على حمله.

المفارقة تكمن في أن كلا الطرفين يتحدث بلغة العدالة. الحكومة ترى العدالة في نظام ضريبي موحد وشامل، بينما يرى المعارضون أن العدالة الحقيقية يجب أن تراعي الفروقات بين المواطنين. السؤال الذي يطفو على السطح: هل يمكن أن تكون الضريبة عادلة عندما تكون نسبتها ثابتة بغض النظر عن دخل المالك وقدرته على السداد؟

في الخلفية، تلوح أزمة البلديات كشبح يطارد المشهد كله. المليار دينار دين لأمانة عمان ليست مجرد رقم، بل هي طوابير النفايات التي لم تُجمع، والشوارع التي لم تُصلح، والخدمات التي تتراجع. لكن هل يحق للبلديات أن تنقذ نفسها على حساب المواطنين؟ أم أن هناك طرقاً أخرى لم تُستكشف بعد؟

نرى بان المشكلة ليست في فرض الضريبة، بل في كيفية تطبيقها. النظم الضريبية الناجحة حول العالم تدمج بين الكفاءة في الجباية والمرونة في التطبيق". السؤال العقاري : لماذا لا نرى إعفاءات للملكيات الصغيرة؟ ولماذا لا يتم ربط الضريبة بقدرة المالك على الدفع؟

في المقابل، مسؤولو البلديات يردون بأن "الوضع لم يعد يحتمل التأجيل". الأرقام تتحدث عن نفسها: مديونية متصاعدة، وخدمات متراجعة، وموازنات عاجزة عن مجارية الاحتياجات الأساسية. لكن هل يعفي هذا الوضع الصعب من ضرورة إيجاد توازن دقيق بين حاجات البلديات وحقوق المواطنين؟

المشهد الأكثر إثارة للقلق هو ذلك المتعلق بمصير الملكيات الصغيرة. ثمة خشية حقيقية من أن تتحول الضريبة من أداة لتمويل الخدمات إلى آلية غير مباشرة لنزع الملكية، عندما يعجز أصحاب الدخل المحدود عن السداد. السيناريو الذي ترسمه بعض الأصوات الناقدة يبدو قاتماً: بيع الميراث العائلي لتسديد الضرائب، وتآكل الطبقة الوسطى، وتركز الثروة العقارية في أيدي القلة.

بين هذا وذاك، تبرز حقيقة لا يمكن تجاهلها: أي إصلاح حقيقي يحتاج إلى توافق مجتمعي. التجارب العالمية تثبت أن النظم الضريبية تنجح عندما يقتنع الناس بعدالتها، لا عندما تُفرض عليهم فرضاً. ربما يكون الوقت قد حان لحوار وطني شامل، يسمع فيه كل الأطراف، وتُوزن فيه كل المصالح، قبل أن يجف حبر هذا القانون.

في النهاية، تبقى المعادلة صعبة: كيف نوازن بين حاجة ملحة للإصلاح المالي، وحق أساسي في العدالة الاجتماعية؟ الجواب قد لا يكون في أقصى هذا الطرف أو ذاك، بل في نقطة وسطى توفق بين المصالح جميعاً. فالإصلاح الحقيقي هو الذي ينطلق من الأرضية المشتركة، لا من المواقف المتعارضة.

خاتمة: نحو حلول توافقية

الخلاف ليس حول ضرورة الإصلاح المالي، بل حول آلياته وعدالته. التوصيات المطروحة تشمل:

. تعديل النسب الضريبية لتراعي الدخل وطبيعة الاستخدام.

· إعفاء الأراضي غير المستغلة أو تقسيط الضريبة حتى تحقيق عائد منها.

· رقابة قضائية على التقديرات العقارية.

· حوار مجتمعي يضمن مشاركة البلديات والمواطنين في صنع القرار.

السؤال الأكبر: هل تُدار الأزمة المالية للبلديات على حساب المواطن البسيط، أم أن هناك بدائل مثل محاربة الفساد ورفع كفاءة التحصيل؟ الجواب سيحدد ما إذا كان هذا القانون "إصلاحًا" أم فاتورة ظالمة.
كاتب وباحث اردني