
القلعة نيوز:
بداية، لا بد من وقفة اجلال و
احترام لفرسان الحق في دائرة المخابرات العامة، و اخوتهم في كافة اجهزة الدولة
الاردنية من امنية و عسكرية و مدنية، على انجازهم الكبير باحباط المخططات
الارهابية للخلايا الضالة و رصد ارتباطاتهم و اظهار حقيقتهم للعيان. و ايضا يقدر
الشعب الاردني لحكومته التحرك القانوني و السياسي و الاداري الحصيف و المحكم
للتعامل مع هذه الازمة بعزيمة و اقتدار.
اثبت الاردن على مر تاريخه انه لا
تضيره اعمال الارهاب تحت اي شعار، فهو بوعي شعبه و وحدته الوطنية و يقظة اجهزته
اقوى من ذلك بكثير. الاردنيون يعرفون ان من يضمرون الشر لهذا الوطن هم موتورون
مجرمون لا ينتمون الى الوطنية او العروبية و لا الى الدين الحنيف، بل هم موغلون في ظلمات
عقولهم و قلوبهم المريضة و نواياهم الشريرة.
الامن و الامان في الاردن لم
يتحققا من غير العمل المهني الدؤوب. مصدر قوة امننا و بحمد الله انه مبادر، لا
يبنى على ردة الفعل، نبراسه الدقة في تحري المعلومة ثم اتخاذ الاجراءات السليمة، و
في وقتها. و خلال ذلك كله فقد تميز عمل المخابرات الاردنية بالهدوء و المهنية بعيدا
عن المظاهر. هذا النهج هو ما اسس الاردن واحة امن و سلام في محيط عاصف.
منذ زمن بعيد، و اجهزة الدولة
الامنية تتابع جماعة الاخوان المسلمين و تجمع المعلومات و تقدم التقارير بالنشاطات
المشبوهة المستترة خلف تحركات سياسية ذات خطاب ملىء بالمعاني الملونة و الشعارات
الفضفاضة القابلة للتأويل. و لان الاردن بلد التنوع و التعدد و التسامح، تم
التعامل مع الجماعة عبر العقود بالحوار و باللين و سعة الصدر. و مع كل الشد و
الجذب، كانت الجماعة تمارس المزاودة و تستخدم المنابر الدينية لدغدغة العواطف، و
تمرير اجنداتها غير الوطنية، بينما تستمر الدولة بنهج "مسك العصا من
النص". الى ان وصلنا الى مرحلة خرجت بشكل واضح عن الاطار الامني و القانوني و
السياسي و الوطني، فكان لا بد من الضرب بيد من حديد و قطع الطريق كليا على اي
التفاف و تمويه او اجرام.
نحن نعبش لحظة
فارقة، و لا بد لنا من وقفة جادة. آن لنا ان ندرك ان مكافحة الارهاب و التطرف و
الافكار الضلالية ليست مسؤولية امنية حصرية. الجاهزية الامنية هي محور اساس، و لكننا
بحاجة ماسة الى استراتيجية وطنية شاملة لمكافحة الافكار المتطرفة يكون المحور
الامني جزءا حيوياً منها و لكنه ليس الوحيد. مطلوب تفعيل العناصر الثقافية و
الاجتماعية و السياسية. اين قادة المجتمع و اصحاب الفكر و السياسيين عن تحليل
الاسباب التي تجعل من الشباب لقمة سائغة للتنظيمات غير الوطنية ذات الافكار
المدمرة؟ كيف تغلغل هؤلاء في المجتمع يبثون افكارهم الحاقدة و تحت اي ستار؟ علينا
ان نعترف ان الافكار الدينية المضللة منتشرة بين ظهرانينا بشكل مخيف و اكبر مما
نتصور.
الشجاعة الوطنية
تقتضي ان نواجه المشكلة من جذورها و ان نطرح الاسئلة المركزية، و على رأسها طبيعة
الدولة المدنية التي نريد؟ و ما هي خصائص الحراكات السياسية التي تعبر عن نبض
الوطن و كيف نعزز من فرص نجاحها؟ علينا ان ندرك اللحظة التاريخية التي فرضها الظرف
الحالي، و ان نقتنص الفرصة السياسية السانحة، و الا اعاد التاريخ نفسه! على مرحلة "ما
بعد الاخوان" ان تجب ما قبلها.