
"معان.. موطن النّخوة وبوابة الهوية الأردنية"
بقلم إسراء امضيان دهيسات
حين يسألون: "شوفيه بمعان رايحين عليها زيارة؟!"
نبتسم ونقول: فيها ما يملأ القلب فخرًا، وما يروي الرّوح طيبًا وكرمًا.
معان ليست مُجرّد مدينة، بل قصة تُروى على ألسنة الزائرين، وراية مرفوعة على قمم العزة، من يمرّ بطريقها دون أن يقف، تُبلغه بأجمل الطرق أن في معان لا أحد يُترك عابرًا، بل يُستقبل بالورد والوفادة، وتُفرش له موائد العزّ والكرم، فهي دار الشهامة وأرض العزائم العامرة.
فيها من الجود ما يُشبع الزائر قبل أن يجوع، ومن الطيب ما يُروى دون طلب.
في معان، بدأت الحكاية، ومنها انطلقت هوية الأردن وارتفعت رايات حضارته. ، هي مدينة الملك المؤسس عبدالله الأول بن الحسين، وفي قصره يتجسد المجد وتُروى فصول من تاريخنا المُشرق.
زيارتنا اليوم، ضمن وفد مديرية شباب الكرك، كانت محطّة مُضيئة في القلب، حيث كان في استقبالنا رئيس بلدية معان سعادة الدكتور ياسين صلاح ونائبه والكادر الإداري، الذين جسّدوا بطِيب استقبالهم صورة المعاني الأصيلة، فحدّثنا سعادة رئيس البلدية عن تاريخ المدينة، ومكانتها في قلب الأردن، كما يليق بها وبأهلها.
وكان للشّهامة عنوان آخر، تجلّت في شباب معان الأكارم: مدير مركز البادية الجنوبية للتدريب والتوعية والعمل التطوعي في معان الأستاذ خالد الجازي الذي قام بالتنسيق للزيارة، كما تجلّت النخوة بفارس التطوع الأستاذ محمد كريشان، منسق منصة "نحن" في الجنوب، برغم قدومه من العقبة، لكنه الحاضر دومًا بنخوته المعانية، رافقنا إلى متحف معان، وإلى معارض الحرف اليدوية في مديرية السياحة، فكانت رحلة في عبق التراث وصوت الأجداد.
واختُتمت زيارتنا في السوق القديم، حيث التقينا بـ"شكسبير معان"، الحاج الذي لا يعرف العُبوس، ولا يؤمن إلا بالفرح، يتحدث بأربع لغات، ويتغنّى بصوته الجميل بالحياة على أنغام فريد الأطرش: "الحياة حلوة بس نفهمها".
رسائله بتلك الكلمات لم تكن مُجرد كلمات، بل دعوة للحُب، وتمرّد نبيل على الإحباط، واحتفاءً بجمال الحياة مهما كان فيها من مصاعب، وكأنه يصف لذّة الحياة بنكهة " الهريسة المعانية" بطيبها ولذّتها.
معان ليست وجهة عابرة، بل وطن داخل الوطن، فيها الكرم كما لم تره، وفيها التاريخ كما لم تقرأه، وفيها الأمل كما يجب أن يُعاش.
من يقول "شوفيه بمعان؟" نجيبه: فيها الأردن... فيها الحكاية... وفيها الطِيب إذا ذُكر الكرم.
كلّ الشكر والوفاء لـملكة الجنوب، معان، ولأهلها الكرام، من قلوب أردنية تنبض حبًا وعزًا.