
القلعة نيوز: الدكتور محمد الطحان
انت لا تعلم كم كلفني الهدوء
في زمنٍ يُقاس
فيه النجاح بعدد العلاقات، وتُحتسب القيمة الاجتماعية بعدد المتابعين والأصدقاء
والمجاملات يختار البعض طريقًا مختلفًا عن الجميع.. فالاختلاف لا يعني الغرابة،ولا
يعني العزلة دائمًا ولكنك تصبح ترى الأشياء
من زاويتك الخاصة، فلا تُقلّد لمجرد أن
تُرضي الاخرين، ولا تتخلى عن ذاتك لتُشبه غيرك .
الثمن الاول
للهدوء العزلة لا تعني
الانطواء، بل هي مساحة لإعادة التوازن هي لحظة للحديث مع الذات، وللإنصات للاصوات الداخلية
طالما غمرها ضجيج الخارج . لكنها ليست طريقًا سهلًا، فالعزلة تُريك نفسك كما هي،
بلا تجميل ولا تبرير، وتُجبرك على مواجهة ما تهرب منه في الزحام .
وبطبيعة الحال ليس الاعتزال ضعفًا، بل قوة تُولد
من رحم المعاناة ويكون ذلك بان تنسحب بهدوء ممن لا يقدّر وجودك، وأن تتجاهل ما كان
يؤلمك بالأمس وكأنه لم يكن، أن تضع كرامتك أولًا، وسلامك الداخلي فوق كل اعتبار.
الثمن الثاني قلة الأصحاب والاكتفاء بالنفس ثمن يبدو هادئًا من الخارج، لكنه يحمل في طياته
معارك داخلية لا يعلمها إلا من خاضها قلة
الأصحاب ليست بالضرورة علامة ضعف اجتماعي، بل قد تكون نتيجة وعي متقدم، وتجارب
أرهقت القلب والعقل فحين تكتشف أن
العلاقات السطحية تستهلك طاقتك، وأن التواجد المستمر في الدوائر الاجتماعية لا
يضيف لروحك شيئًا، تبدأ بالانسحاب... لا كرهًا في الناس، بل حبًا للسلام الداخلي.
الثمن الثالث التجاهل هنا ليس قسوة، بل حفاظ على ما تبقى من طاقتك فالتجاهل فن، لا يتقنه
إلا من عرف نفسه جيدًا، ومن جرّب الانكسار ثم نهض، ومن تعلم ألا يجعل من كل كلمة
سهمًا، ولا من كل موقف معركة. ليس كل ما يُقال يستحق الرد، ولا كل من يقترب يستحق
البقاء.