شريط الأخبار
مشروبات تعزز الكولاجين لدعم صحة بشرتك وشعرك ومفاصلك أفضل ألوان البلاشر لإبراز جمال البشرة السمراء ساندويش فرانسيسكو باللحم طريقة عمل دبس التمر الأصلي مشروبات تعزز الكولاجين لدعم صحة بشرتك وشعرك ومفاصلك هو مليونير مصري.. هل تزوجت الإعلامية رضوى الشربيني سراً؟ 390 لاعبة يشاركن ببطولة المراكز للجمباز بالأسماء .. فاقدون لوظائفهم في وزارة الصحة الأرصاد الجوية: طقس معتدل الأحد وحالة عدم استقرار الإثنين مساءً بالأسماء .. فصل التيار الكهربائي عن مناطق في المملكة اليوم بالأسماء .. مؤسسات حكومية تدعو مرشحين لاجراء المقابلة الشخصية بدء استقبال طلبات التوظيف لأبناء المتقاعدين العسكريين اليوم -رابط ارتفاع عدد الأحداث المستفيدين من التدابير غير السالبة للحرية إلى 3182 خلال 2024 "وزير الثقافة" يكشف عن الهوية البصرية لقرى الكرك " ذات راس " - فيديو إضاءة شجرة عيد الميلاد في إربد أبو غزالة: ثروتي لا تتجاوز 100 ألف والإجازات رشوة الحكومات للشعوب وزير الثقافة : ‏إسدال الستار على ألوية الثقافة لا يعني نهاية النشاط بل يشكّل بداية عمل ثقافي مستمر مندوبا عن وزير الثقافة .... العياصرة يرعى اختتام فعاليات لواء الثقافة الأردنية في المعراض ماكرون يعلن عقد اجتماع للدول الداعمة لأوكرانيا الثلاثاء ترامب: اقتراحي الحالي بشأن أوكرانيا ليس عرضا نهائيا

وليد خالد الصمادي يكتب : تاريخ لا يُقرأ… وطن لا يُفهم

وليد  خالد  الصمادي  يكتب : تاريخ لا يُقرأ… وطن لا يُفهم

تاريخ لا يُقرأ… وطن لا يُفهم

القلعة نيوز:

بقلم : وليد خالد الصمادي

جامعة الحسين التقنية

في حديث مثير للدكتور حسام بدراوي، الأمين العام للحزب الوطني الديمقراطي خلال أحداث ثورة يناير 2011، والتي أطاحت بالرئيس المصري حسني مبارك بعد أكثر من ثلاثين عاماً في الحكم، كشف بدراوي عن كواليس لقائه بالرئيس مبارك، في محاولة لإقناعه بالتنحي عن السلطة والدعوة إلى انتخابات رئاسية مبكرة.

وخلال اللقاء، بحسب ما رواه الدكتور بدراوي، بدأ مبارك في استعراض إنجازاته التي امتدت لثلاثة عقود، متحدثًا عن تخفيض الدين العام، وتطوير البنية التحتية، وغيرها من الملفات، وكأنه يبحث عن تبرير لبقائه في الحكم، مترددًا في اتخاذ قرار الرحيل. لكن بدراوي، الذي كان قد التقى بالشباب في ميدان التحرير وعدد من المسؤولين قبل لقائه بالرئيس، نقل له بوضوح مخاوفه من أن الشعب المصري لم يعد قادرًا على تحمل الوضع القائم.

وكان رد الدكتور بدراوي حاسمًا: "هذه إنجازات ولى عليها الزمن، وهناك فجوة عميقة بين الجيل الحالي والجيل الذي عاصر هذه الإنجازات”. وأكثر ما شدني في حديثه، حين قال: "كنت أدخل إلى المحاضرة في الجامعة وأتحدث للطلبة عن حرب 6 أكتوبر، فيقولون لي: يهمنا في إيه حرب 6 أكتوبر؟

هذه الجملة بالتحديد كانت الدافع وراء كتابة هذا المقال. فقد وجدت أن تجربة الدكتور بدراوي داخل قاعة المحاضرات تُسقط نفسها، وبقوة، على واقعنا الأردني اليوم. فالفجوة بين تاريخنا الوطني وجيل الشباب آخذة بالاتساع، في ظل حقيقة لا يمكن تجاهلها: أكثر من 60٪ من الشعب الأردني هم من فئة الشباب تحت سن الثلاثين، ما يعني أنهم لم يعاصروا العديد من المحطات المفصلية في تاريخ الدولة.

وفي جلسات جمعتني بعدد من المفكرين والمحللين والسياسيين القدامى، تكررت عبارة واحدة على ألسنتهم: "نحن شعب لا يقرأ، ولا يحب الكتب.” وربما يفسر هذا جانباً كبيراً من الفجوة الراهنة بين ماضينا وحاضرنا.

فعندما يحل عيد الاستقلال أو يوم الكرامة أو يوم العلم، أرى كثيرين من جيلي لا يدركون رمزية هذه المناسبات، ولا يقدّرون ما تحمله من إرث وتاريخ وحكاية. بعضها اندثر، وبعضها الآخر ما زال محفوظًا في الكتب، غير أن الجزء المندثر – كما أراه – هو الأهم، لأنه يحمل في طياته القيم والدروس والعِبر، لكنه لا يُكتشف إلا بالقراءة والاهتمام والبحث.

وما يحدث اليوم هو العكس تمامًا: لا قراءة، لا ثقافة، لا دراية بالتاريخ، ولا فخر ولا اعتزاز. وهذه المعطيات كفيلة بأن تؤدي إلى تعميق الفجوة أكثر فأكثر.

ولعل الخطر الحقيقي لا يكمن فقط في الجهل بالتاريخ، بل في غياب العلاقة الوجدانية معه. فعندما لا يقرأ الجيل الجديد عن معركة الكرامة، لا يشعر بتلك الرجفة التي عاشها الأردنيون في لحظة الانتصار. وعندما لا يعرف تفاصيل تأسيس الدولة الأردنية، لا يقدّر حجم التضحيات التي بُذلت ليصل اليوم إلى جامعته أو مكان عمله بأمان. فالتاريخ، حين يُقرأ، لا يُحفظ كحقائق ميتة، بل يُستحضر كقيمة، كإرث، كجزء من الهوية.

القراءة في التاريخ ليست ترفًا ثقافيًا، بل ضرورة وطنية. فغيابها يخلق أجيالًا بلا جذور، يسهل التأثير عليها، وتفقد بوصلتها في فهم الواقع واستشراف المستقبل. والتاريخ الأردني حافل بالقصص التي تستحق أن تُروى: من بناء الدولة الحديثة، إلى الدفاع عن القدس، إلى دور الجيش العربي في حرب 1948، إلى بطولات أبناء العشائر في حماية الأرض والعِرض.

وإذا لم تُروَ هذه القصص للأجيال، فمن سيرويها؟ وإذا لم يُقرأ تاريخنا، فمن سيحفظه؟ ما نحتاج إليه اليوم هو مبادرات تُقرّب التاريخ من الناس، لا أن تُبعده عنهم في كتب مغلقة أو محاضرات جافة. نحتاج إلى أن نحكي التاريخ بلغة الناس، أن نحوّله إلى حكاية وطن، إلى فيلم، إلى عرض مسرحي، إلى حوار إذاعي، إلى درس مختلف في المدرسة والجامعة.

إن الخطر الأكبر لا يكمن في نسيان الماضي، بل في تكراره دون وعي بأننا نعيد الخطأ ذاته. وهذا ما يحدث حين يُهمل التاريخ، حين يصبح مجرد "تاريخ”!

فلنقرأ تاريخنا، لا لنحفظه، بل لنفهم أنفسنا، لنفهم وطننا، لندرك إلى أين نسير.