شريط الأخبار
الأردن يؤكد ضرورة الالتزام باتفاق وقف النار في غزة وإنهاء الحرب ترامب: سأتوجه إلى مصر لحضور توقيع اتفاق غزة 4 شهداء وعشرات المفقودين والجرحى في قصفٍ منزلٍ بغزة وزير الثقافة يرعى حفل تخريج طلبة مركز الفنون بمسرح مركز الحسن الثقافي ترامب: بعض الحاصلين على نوبل للسلام لم ينجزوا شيئًا مقارنة بي وزير خارجية فرنسا: أمن غزة ستحققه شرطة فلسطينية مدربة الرواشدة يزور الباحث في التراث حامد النوايسة ترامب: أنهينا الحرب في غزة وأعتقد أنه سيكون هناك سلام دائم ولي العهد يشيد بموقف فرنسا الداعم لإنهاء حرب غزة والاعتراف بفلسطين ماكرون: توسع الاستيطان في الضفة يتعارض مع خطة ترامب ولي العهد يلتقي مع رئيس أركان الجيش الفرنسي ويزور مقرا للدرك وزراء إسرائيليون يجتمعون لوضع اللمسات الأخيرة على وقف إطلاق النار بغزة رئيس حركة حماس في غزة: الاتفاق يتضمن فتح معبر رفح من كلا الاتجاهين الأمن العام يوضّح ملابسات الفيديو جرى تداوله يظهر إطلاق نار على منزل داخله سيدة في إربد ذوي الطفل محمد الخالدي يناشدون الديوان الملكي الهاشمي العامر الحية: الاتفاق يضمن الإفراج عن جميع النساء والأطفال المعتقلين ولي العهد عبر انستقرام: اليوم الثاني من الزيارة الرسمية إلى فرنسا حمدان: إسرائيل ستفرج عن 250 أسيرًا من أصحاب المؤبدات والأحكام العالية بوتين: لا حل لملف النووي الإيراني الّا بالدبلوماسية والمفاوضات "السفير القضاة "يواصل حراكه الدبلوماسي في دمشق ويعقد عدة لقاءات

وليد خالد الصمادي يكتب : تاريخ لا يُقرأ… وطن لا يُفهم

وليد  خالد  الصمادي  يكتب : تاريخ لا يُقرأ… وطن لا يُفهم

تاريخ لا يُقرأ… وطن لا يُفهم

القلعة نيوز:

بقلم : وليد خالد الصمادي

جامعة الحسين التقنية

في حديث مثير للدكتور حسام بدراوي، الأمين العام للحزب الوطني الديمقراطي خلال أحداث ثورة يناير 2011، والتي أطاحت بالرئيس المصري حسني مبارك بعد أكثر من ثلاثين عاماً في الحكم، كشف بدراوي عن كواليس لقائه بالرئيس مبارك، في محاولة لإقناعه بالتنحي عن السلطة والدعوة إلى انتخابات رئاسية مبكرة.

وخلال اللقاء، بحسب ما رواه الدكتور بدراوي، بدأ مبارك في استعراض إنجازاته التي امتدت لثلاثة عقود، متحدثًا عن تخفيض الدين العام، وتطوير البنية التحتية، وغيرها من الملفات، وكأنه يبحث عن تبرير لبقائه في الحكم، مترددًا في اتخاذ قرار الرحيل. لكن بدراوي، الذي كان قد التقى بالشباب في ميدان التحرير وعدد من المسؤولين قبل لقائه بالرئيس، نقل له بوضوح مخاوفه من أن الشعب المصري لم يعد قادرًا على تحمل الوضع القائم.

وكان رد الدكتور بدراوي حاسمًا: "هذه إنجازات ولى عليها الزمن، وهناك فجوة عميقة بين الجيل الحالي والجيل الذي عاصر هذه الإنجازات”. وأكثر ما شدني في حديثه، حين قال: "كنت أدخل إلى المحاضرة في الجامعة وأتحدث للطلبة عن حرب 6 أكتوبر، فيقولون لي: يهمنا في إيه حرب 6 أكتوبر؟

هذه الجملة بالتحديد كانت الدافع وراء كتابة هذا المقال. فقد وجدت أن تجربة الدكتور بدراوي داخل قاعة المحاضرات تُسقط نفسها، وبقوة، على واقعنا الأردني اليوم. فالفجوة بين تاريخنا الوطني وجيل الشباب آخذة بالاتساع، في ظل حقيقة لا يمكن تجاهلها: أكثر من 60٪ من الشعب الأردني هم من فئة الشباب تحت سن الثلاثين، ما يعني أنهم لم يعاصروا العديد من المحطات المفصلية في تاريخ الدولة.

وفي جلسات جمعتني بعدد من المفكرين والمحللين والسياسيين القدامى، تكررت عبارة واحدة على ألسنتهم: "نحن شعب لا يقرأ، ولا يحب الكتب.” وربما يفسر هذا جانباً كبيراً من الفجوة الراهنة بين ماضينا وحاضرنا.

فعندما يحل عيد الاستقلال أو يوم الكرامة أو يوم العلم، أرى كثيرين من جيلي لا يدركون رمزية هذه المناسبات، ولا يقدّرون ما تحمله من إرث وتاريخ وحكاية. بعضها اندثر، وبعضها الآخر ما زال محفوظًا في الكتب، غير أن الجزء المندثر – كما أراه – هو الأهم، لأنه يحمل في طياته القيم والدروس والعِبر، لكنه لا يُكتشف إلا بالقراءة والاهتمام والبحث.

وما يحدث اليوم هو العكس تمامًا: لا قراءة، لا ثقافة، لا دراية بالتاريخ، ولا فخر ولا اعتزاز. وهذه المعطيات كفيلة بأن تؤدي إلى تعميق الفجوة أكثر فأكثر.

ولعل الخطر الحقيقي لا يكمن فقط في الجهل بالتاريخ، بل في غياب العلاقة الوجدانية معه. فعندما لا يقرأ الجيل الجديد عن معركة الكرامة، لا يشعر بتلك الرجفة التي عاشها الأردنيون في لحظة الانتصار. وعندما لا يعرف تفاصيل تأسيس الدولة الأردنية، لا يقدّر حجم التضحيات التي بُذلت ليصل اليوم إلى جامعته أو مكان عمله بأمان. فالتاريخ، حين يُقرأ، لا يُحفظ كحقائق ميتة، بل يُستحضر كقيمة، كإرث، كجزء من الهوية.

القراءة في التاريخ ليست ترفًا ثقافيًا، بل ضرورة وطنية. فغيابها يخلق أجيالًا بلا جذور، يسهل التأثير عليها، وتفقد بوصلتها في فهم الواقع واستشراف المستقبل. والتاريخ الأردني حافل بالقصص التي تستحق أن تُروى: من بناء الدولة الحديثة، إلى الدفاع عن القدس، إلى دور الجيش العربي في حرب 1948، إلى بطولات أبناء العشائر في حماية الأرض والعِرض.

وإذا لم تُروَ هذه القصص للأجيال، فمن سيرويها؟ وإذا لم يُقرأ تاريخنا، فمن سيحفظه؟ ما نحتاج إليه اليوم هو مبادرات تُقرّب التاريخ من الناس، لا أن تُبعده عنهم في كتب مغلقة أو محاضرات جافة. نحتاج إلى أن نحكي التاريخ بلغة الناس، أن نحوّله إلى حكاية وطن، إلى فيلم، إلى عرض مسرحي، إلى حوار إذاعي، إلى درس مختلف في المدرسة والجامعة.

إن الخطر الأكبر لا يكمن في نسيان الماضي، بل في تكراره دون وعي بأننا نعيد الخطأ ذاته. وهذا ما يحدث حين يُهمل التاريخ، حين يصبح مجرد "تاريخ”!

فلنقرأ تاريخنا، لا لنحفظه، بل لنفهم أنفسنا، لنفهم وطننا، لندرك إلى أين نسير.