
اسعد بني عطا
يؤكد مسؤولون عسكريون اسرائيليون أن المعركة في غزة حُسمت ، وبنك الأهداف قد نضب ، ولا يوجد إنجاز إضافي يمكن تحقيقه ، وأن الوقت قد حان لترجمة الإنجازات العسكرية إلى سياسية ، محذرين من بدء واشنطن باتخاذ خطوات تهدد بعزل إسرائيل ، ورغم تدهور الأوضاع الإنسانية ، والضغوط الدولية خصوصا من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على اسرائيل لإدخال المساعدات ، والتحذير من تداعيات الحصار ، فقد واصلت الحكومة اليمينية الاسرائيلية تعنتها بحسب المراقبين ، وقامت بما يلي :
. أيدت الخطة الأمريكية لتوزيع المساعدات في غزة بطريقة مُصمّمة لتعزيز السيطرة على المواد الاساسية كجزء من استراتيجية عسكرية ، ودفع المدنيين لمناطق عسكرية للحصول على حصص إعاشة ما يهدد أرواحهم ، ويزيد ترسيخ النزوح القسري ، وسط تحفظ المنظمات الإنسانية والدولية على الخطة التي تُعرّض حياة عمال الإغاثة والغزيين للخطر ، وقد رفضتها الأمم المتحدة .
تصريحات ( نتنياهو ) المتكررة حول توجهه للسيطرة على غزة ، ومنع حركة حماس من الوصول للمساعدات ، واستعادة المحتجزين وهزيمة الحركة ، وشدد الجناح الاكثر تطرفا بالحكومة أن اسرائيل ستدمر ما تبقى من غزة ، وان دخولها سيكون بهدف البقاء والسيطرة حتى لو كان ذلك على حساب المختطفين ، والتأكيد على أنه سيتم إجبار السكان على الانتقال الى جنوب القطاع، ثم تهجيرهم من هناك إلى دولة ثالثة بحجة تفادي عملية ( ٧ اكتوبر ) جديدة .
وافق ( الكابينت ) بالإجماع على خطة ( رئيس الأركان الإسرائيلي إيال زامير ) لتوسيع العمليات في غزة ، وتم استدعاء عشرات الآلاف من قوات الاحتياط لحسم المعركة ، وتبحث ( تل أبيب ) عن دول قد تقبل بتهجير الغزيين من القطاع إليها . في غضون ذلك افادت مصادر فلسطينية بما يلي :
ارتفاع عدد مراكز توزيع الغذاء والمساعدات الإنسانية التي استهدفها الجيش الإسرائيلي منذ بدء حرب الإبادة الجماعية إلى ( ٣٩ ) مركزاً لتوزيع الغذاء والمساعدات و( ٢٩ ) تكية طعام تقدم وجبات يومية للجوعى ، وهجّر جيش الاحتلال ( ٣٠٠ ) ألفا من شمال غزة خلال ( ٤٨ ) ساعة .
تجاوزت حصيلة الضحايا ( ٢١٣ ) صحفياً .
انتشار عصابات مدججة بالسلاح تستغل حالة الفلتان الامني لسرقة المساعدات من خلال مهاجمة متاجر مواد غذائية ومطابخ شعبية ، وتعمل تحت مظلة عشائرية او كمجموعات منظمة ، كما ويلقى بعضها دعما مباشرا من إسرائيل .
تضخيم الآلة الإعلامية العبرية والأمريكية لإمكانيات حماس لتبرير مواصلة عمليات الجيش الاسرائيلي في غزة ، من خلال التأكيد على أن الحركة لا تزال تمتلك شبكة استراتيجية من الأنفاق ، وتقوم بترميم وتوسيع الانفاق القائمة وحفر أنفاق جديدة ، كما لم يلحق اضرار جسيمة بوحدة الاستخبارات العسكرية التابعة للحركة ، وتلعب دورا رئيسيا بالحفاظ على سيطرة حماس على السلطة ، هذا في الوقت الذي أعلن فيه الجيش تصفية عدد من مسؤولي الحركة من بينهم ( محمد السنوار ومحمد شبانة ) ، وبهدف إدامة الانقسام الفلسطيني والتشويش عربيا - روج الإعلام العبري لمبادرة خليجية بالتنسيق مع الولايات المتحدة حول غزة ، اشتملت على :
إنشاء الدول العربية المعتدلة إدارة لحكم قطاع غزة يستمر لعشر سنوات بطلب من السلطة الفلسطينية حتى لا يعتبر ذلك احتلالا.
نزع سلاح حماس ونفي قياداتها من غزة .
أن إدارة ترامب ناقشت خطة لنقل مليون فلسطيني من غزة لتوطينهم في ليبيا مقابل الإفراج عن مليارات الدولارات من الأموال الليبية المجمدة ، إلا أن الإدارة الأمريكية نفت صحة المعلومات لاحقا .
رغم مضي اسرائيل قُدُما بمشروعها التوسعي باحتلال الأرض وتفريغها من السكان دون رادع حقيقي ، ضاربة عُرض الحائط بكافة الجهود والضغوط العربية والدولية لوقف شلال الدم النازف من الجرح الفلسطيني ، إلّا أن الانقسام والخلافات الداخلية الحادة التي تعاني منها ، والعزلة الدولية المتصاعدة تلقي بظلالها على " الدولة العبرية " ، ولا يبدو أن حرب غزة ستكون الأخيرة في المنطقة بوجود حكومة يمينية مؤدلجة ضيقة الأفق ، ستحمل الاسرائيلي المزيد من الدم ، ودافع الضرائب الأمريكي المزيد من المال .