
الدكتور نسيم أبو خضير
في خطوة تُجسد روح الإصلاح العملي والتقدير العميق للدور الوطني للمعلم ، جاءت مبادرة منح المعلمين قطع أراضٍ لتكون علامة فارقة في مسيرة الإهتمام بالكوادر التربوية في الأردن . هذه المبادرة التي أعلن عنها دولة رئيس الوزراء د.جعفرحسان ، لا تُعدّ مجرد قرار إداري أو إجراء شكلي ، بل هي إنعكاس صادق لفكر جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين – حفظه الله – ورؤيته في تعزيز كرامة المعلّم وتحسين واقعه المعيشي ، بإعتباره الركيزة الأساسية في بناء الإنسان الأردني .
لقد أدرك رئيس الوزراء ، ومنذ تسلمه مهامه ، أن هناك قضايا أكد عليها جلالة الملك مرارا وتكرارا لدى كل الحكومات السابقة تستحق الإهتمام وسرعة التنفيذ ومنها المعلم الذي يجب أن يكون في صُلب العملية التنموية الشاملة . وبذلك فإن رئيس الوزراء يستلهم فكر جلالة الملك الذي طالما دعا في خطاباته وتوجيهاته إلى ضرورة تمكين المعلّم ، ودعمه ، وتوفير سبل الراحة والإستقرار له ، ليتمكن من أداء رسالته التربوية الخالدة بكل أمانة وإبداع .
ولم يكن غريبًا أن تأتي هذه المبادرة متوافقة أيضًا مع ما توليه جلالة الملكة رانيا العبدالله من إهتمام بالغ بالمعلمين والمعلمات ، حيث عملت لسنوات على إطلاق المبادرات التربوية ، ومنح الجوائز التقديرية ، ورفع سوية التعليم ، وكلها تنطلق من قناعة راسخة بأن التعليم هو المحرّك الأول للإصلاح والنهضة .
تخصيص قطع أراضٍ للمعلمين ليس مجرّد تحفيز ، بل هو إستثمار في إستقرار الأسرة التعليمية ، وفي مستقبل العملية التربوية . فالمعلم الذي يشعر بأن دولته تحميه وتقدّره وتضمن له سكنًا كريمًا ، سيكون أكثر إخلاصًا ، وأقوى عطاءً ، وأشد انتماءً . وهذه المبادرة تحمل في طيّاتها أبعادًا إنسانية واقتصادية وتنموية ، وتفتح آفاقًا جديدة للمعلمين لبناء مستقبل أفضل لهم ولأسرهم .
كما أن لهذه الخطوة أثرًا نفسيًا كبيرًا في نفوس المعلمين ، الذين لطالما شعروا بالحاجة إلى من يثمّن جهدهم ويترجم تقديره إلى قرارات عملية ، وهو ما فعله رئيس الوزراء عبر هذا القرار ، الذي نال إحترام الشارع الأردني بمختلف فئاته .
إن ما يميز دولة جعفر حسان هو إنحيازه الواضح للفئات الوطنية التي تستحق الدعم ، وفي مقدمتها المعلم الأردني . فرغم التحديات الإقتصادية والضغوط المالية التي تمر بها المملكة ، لم يتردد في إتخاذ قرار جريء يحمل بعدًا إصلاحيًا وإجتماعيًاً ، ويبرهن أن الإرادة السياسية إذا ما إقترنت بالإخلاص والعدالة ، فإنها قادرة على تحقيق الكثير .
ويُنظر إلى هذه المبادرة على أنها بداية لسلسلة خطوات إصلاحية مرتقبة تهدف إلى التحسين والتطوير لكل العاملين في الدولةالأردنية وعلى رأسها المعلمين ، سواء في مجال السكن أو الرواتب أو التدريب والتطوير المهني . وهي تأكيد جديد على أن الإصلاح الحقيقي يبدأ من التعليم ، وأن النهوض بالأردن لا يتم إلا بتمكين من يُعلّم ويبني عقول الأجيال .
في زمن تتشابك فيه التحديات وتتعاظم فيه الحاجة إلى بناء الإنسان ، تأتي مبادرة منح المعلمين قطع أراضٍ لتكون صفحة مشرقة في كتاب الإصلاح الأردني ، ولتُسجَّل باسم حكومة تؤمن بأن المعلم هو نواة التغيير ، وأن رعاية أصحاب الرسالة ليست منّة ، بل واجب وطني .
كل التقدير لدولة رئيس الوزراء على هذه المبادرة الريادية ، التي هي بحق ترجمة لفكر القيادة ، وتقدير للرسالة ، وبناء لمستقبل أكثر عدلاً وإستقرارًا .