
ديالا زهدي
في لحظة وداعٍ لا تُشبه سواها، التقت المشاعر بالكلمات، وامتزج الامتنان بالحضور. هذه الكلمات، التي خُطّت بصدق ودفء، هي أقلّ ما يمكن أن يُقال في حقّ من جعل الوداع أجمل، والدعم أعمق، والحضور أبقى من المناسبة نفسها.
في لحظةٍ لا تشبه سواها، حين يُغلق بابٌ من العمر ويُفتح آخر، كان لا بدّ للوداع أن يحمل من الجمال ما يليق بخاتمة الرحلة.
لم يكن احتفالًا عابرًا، بل قصيدة تُؤدى مرة واحدة فقط.
هدية في اللحظة الأخيرة، جاءت على هيئة مشهدٍ مُتقن، تشكّل من خلف الكواليس، من يدٍ تعرف تمامًا كيف تحوّل التفاصيل الصغيرة إلى لحظةٍ تُخلّد في القلب.
كأنّ أحدهم التقط وجوهنا المنهكة، وقرّر أن يمنحها وداعًا يليق بما عانته، دون أن تنطق.
لقد نثرت البهجة، كما لو كنت تعرف مسبقًا كم كانت أرواحنا بحاجة إلى هذا الضوء.
فلم يكن وداعًا، بل امتنانًا يفيض بالحضور…
امتنانٌ لك، لأنك كنت خلف اللحظة التي خُتمت بها رحلتنا،
وأجمل ما فيها.
أن تُبهرنا التفاصيل، فذلك مألوف.
لكن أن يُبهِرنا الحضور، أن تلمع الروح خلف كل مشهد،
وأن يُسكب الصدق في كل لمسة؛ تلك رفاهية لا يصنعها إلا من يملك قلبًا يعرف كيف يفرح بالنيابة عن الجميع.
يليقُ بمن ينثر الفرح، أن يُبصر بالقلوب قبل العيون؛ كما يُبصر الضوء لا لأنه يطلب أن يُرى، بل لأنه يضيء. فالذي لا ينتظر شكرًا، هو الأحقُّ به فعلًا.
لعميد شؤون الطلبة الأستاذ الدكتور باسل المشاقبة، الذي لم يكن مجرد عميد، بل ملامحُ فكر، وقامة تسمو على المنصب.
في حضوره تصمت الضوضاء، وتنهض اللغة إجلالًا.
لا يُمثّل الجامعة، بل يُجسّد هيبتها. وأثره باقٍ، حتى بعد الصمت، ولكل الأكاديميين والإداريين في الجامعة الذين شاركوه النُبلَ والنيّة الطيبة في رسم هذا الختام.
امتناننا لا يُختزل بكلمات، بل يُروى كحكايةٍ خالدة في ذاكرة النور.
لأنك لم تصنع حفلاً، بل خلّدت أثرًا.
لم تكن تنسّق يومًا، بل توثّق عمرًا.
لم تكن خلف المشهد، بل كنت المشهد كلّه، دون أن تنطق بكلمة.
وكما تُختَم اللوحة بتوقيع فنان، خُتمت لحظاتنا بحضورك، فارتقى بها الجمال إلى قمّته