
الدكتور نسيم أبو خضير
في زمن تتكالب فيه القوى الظالمة على غزة ، وتُسفك فيه الدماء بوحشية على يد آلة الحرب التي يقودها بن غفير وسموتيرتش ، يظل الأردن ــ قيادةً وشعبًا ــ شوكة في حلق العدوان ، ودرعًا منيعًا في وجه التخاذل والصمت . فمواقف الأردن ليست آنية ولا طارئة ، بل هي نابعة من إيمان راسخ بالحق الفلسطيني العيش بكرامة _ وإقامة دولته المستقلةعلى حدودالرابع من حزيران عام 67 _ ، ومن عهد لا تنقضه الرياح ولا تهزه العواصف .
منذ اليوم الأول للحرب الغاشمة ، كان الأردن سبّاقًا ، لا ينتظر ضوءًا أخضر من أحد ، ولا يخضع لحسابات ضيقة . فتح المستشفيات الميدانية داخل القطاع وفي أطرافه ، وخصص طواقم طبية ومعدات متقدمة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من أرواح تُذبح على مرأى العالم . وسير قوافل الخير ، من غذاء ودواء ومستلزمات طبية ، رغم الحصار والجحيم . لا ينسى أهل غزة تلك الإنزالات الجوية التي حملت الرحمة من السماء ، والتي شارك فيها أصحاب السمو الأمراء بأنفسهم ، في مشهد إنساني نادر ، لا تقدر عليه إلا الملوك حين تنطق أفعالهم قبل أقوالهم .
لسنا بحاجة لمن يقيّم دورنا أو يمنحنا صك الشرف . فمواقف الأردن من فلسطين عامة ، ومن غزة خاصة ، محفورة في جبين التاريخ .
نحن في الأردن نقف مع كل أهل غزة ، لا نفرّق بين جهة وأخرى ، ولا نُصنّف أبناءها بميزان السياسة ، بل نحتضن جراحهم وكأنها جراحنا ، ونُؤوي أطفالهم في القلب قبل أن تؤويهم الخيام .
وإذا خرجت بعض الغربان والبوم في العتمة ، لتُشكك أو تُنكر أو تُقلل ، فإنها لا تُمثّل إلا نفسها ، ولا تعكس إلا ظلام نفوسها . هؤلاء لا يرون الشمس لأنهم إختاروا أن يعيشوا في الظلمة . ولكن الأردن سيبقى ، كما عهدناه ، يسير بثقة وإيمان في طريق الحق والإنسانية ، لا يلتفت إلى النابحين خلف القوافل .
إلى أهلنا في غزة :
لن نتوقف عن دعمكم ، ولن يمنعنا المتنكرون ولا الحاقدون ، لأن الحق لا يُستجدىز، ولأن القضية في قلوبنا ، لا على هامش أخبارنا .
دمكم دمنا ، وأرضكم أرضنا ، ووجعكم وجعنا .
فليعلم العالم أجمع أن الأردن ــ بقيادته الهاشمية ــ لا يهادن في الحق ، ولا يساوم في الأخوّة ، وسيبقى السند الأقرب والظهر الأقوى لفلسطين ، حتى تعود الأرض لأهلها ، والقدس لعروبتها ، وغزة لحريتها .