
د. فينان الزهيري
في زمنٍ باتت فيه الإنسانية تُقاسُ بالأوراق، والرحمة مشروطةٌ بالأرقام، ظهر رجلٌ أردنيّ، لا يبحث عن كاميرا، ولا يطارد مجدًا.
ظهر أنس العجارمة، ليعيد للأخلاق معناها، وللنخوة رونقها، وليثبت أن الرجولة ليست وظيفة، بل موقف يُصنع في لحظة كرامة.
في إحدى مدارس الأردن، وعند توزيع مخصصات برنامج "بصمة" الذي ترعاه مؤسسة ولي العهد، صُدم الطلبة حين قيل لهم:
"الطالب الذي لا يحمل رقمًا وطنيًا... لا يحق له أن يأخذ بدل التغذية."
لحظة...
وقف الأطفال في صمت، عيونهم إلى الأرض، وقلوبهم مكسورة.
لكن... كان هناك من يسمع أنين الكرامة دون أن يُنطق به.
وقف أنس العجارمة، مدير مدرسة "سعد بن عبادة"، ورفض هذا المشهد القاسي. لم يسأل عن "التعليمات"، ولم يتوارَ خلف "النظام".
بل قال كلمته التي دخلت القلوب:
"إذا جلالة الملك عبدالله الثاني استضافهم في الدولة الأردنية، فأنا في مدرستي أكرمهم. لا والله، غير كل طالب منهم يأخذ مستحقاته."
ثم أخرج من جيبه الخاص ما معه، وأعطى كل طالب منهم 2 دينارًا، لا لشيء إلا لأنه لم يحتمل أن يرى طالبًا مكسور الخاطر.
قال في نفسه:
"هذولا أولادي... هذولا إخواني... هذولا ضيوف ببلدي، والضيف ما يُهان، والطفل ما يُكسَر."
أنس العجارمة لم يكن يوزع دنانير... بل كان يوزع كرامة ونخوة ورجولة.
وإن كان حاتم الطائي يُعرف بالكرم، فإن أنس يُعرف اليوم بالكرامة المقرونة بالشرف.
فما الذي دفعه؟
دفعه الدم الأردني الأصيل، والنخوة التي لا تُشترى، والتربية التي ارتوت بمبادئ الحسين، وسُقيت برعاية عبدالله الثاني، ونمت على درب ولي العهد الأمين.
ومني انا أقول ...
أنس العجارمة… لك كل الاحترام والتقدير، لأنك لم تكن مدير مدرسة فحسب، بل كنت "راعي نخوة" حين سكت الآخرون.
تنويه:
أعلنت الوزارة عن اتخاذ قرار بقبول جميع الطلبة دون أي استثناءات، في خطوة تهدف إلى تعزيز فرص التعليم والمساواة بين جميع الطلاب.