
د محمد عبد الحميد الرمامنه
في حضرة الجمال، وأمام مشهدٍ يأبى النسيان، أسدلت جامعة البلقاء التطبيقية ستارها على واحدٍ من أضخم احتفالات التخرّج، وكأنها تقول للعالم: هنا يولد الأمل، وهنا تتفتح زهور الطموح على ضفاف الحلم. المكان بدا وكأنه لوحة من نورٍ وحنين، زُيّنت بأجنحة من فخر، ونُسجت من قلوب الأهل، وعزائم الخريجين، ودموع الفرح التي بللت عيون الأمهات في لحظة طال انتظارها. كان الحفل أبعد من أن يكون مناسبة عابرة، بل بدا كأنه قصيدة ملونة بأثواب الخريجين، تسير على بساط من الهيبة والتنظيم والإبداع.
منصة التخريج كانت أشبه بمسرح الشمس، تلامسها خطوات الخريجين المتوشحين بعباءة الفخر، يتقدّمون في زفّةٍ يتهادى فيها النور مع التصفيق، وتتراقص فيها القلوب قبل الأقدام. لا صوت يعلو على صوت الإنجاز ولا لوحة تفوق هذا الجمال إلا أمٌّ تطوّق ابنها بذراعيها، وكأنّها تعانق الدعاء. وكان للحضور وقعه الخاص، حين غدت المدرجات أمواجًا بشريةً من الفخر والتصفيق ، تتماوج فوقها رايات الفرح، وتمتزج فيها الحروف بصفيرٍ وتصفيق ، لتصوغ سيمفونية البلقاء بأجمل ألحانها.
وفي تفاصيل التنظيم، فقد جاءت ببهاء خفي، لا يُعلن نفسه، بل يُقرأ في كل زاوية، في انسيابية اللحظة، ودفء الاستقبال، وانضباط الإيقاع. وكأن يدًا خفيةً من صبر وإبداع قد رتّبت كل شيء بحب، لتجعل من هذا العرس الأكاديمي مشهدًا خالدًا في ذاكرة من حضر.
وهنا، لا بدّ من وقفة وفاء...
ولأن الكبار يُعرفون بأفعالهم لا بأسمائهم، ولأن الإتقان لا يحتاج إلى ناطق بل يشهد له المشهد، فإننا لا نملك سوى أن نُهدي خالص الشكر والتقدير إلى أولئك الجنود الذين نسجوا هذا الحفل بخيوط من حرير الإبداع ومهارات الدقة، فصار كلوحة معلّقة على جدار الفخر.
تحية من القلب لكل من آمن أن العلم ليس مجرد محاضرات، بل هو رسالة تُصنع بالقلوب قبل العقول. فشكرًا لكم على جلدكم، وصبركم، وتفانيكم... أنتم مَن جعل من جامعة البلقاء التطبيقية منارة تضيء فوق الهامات، ومرفأً للحالمين والمجتهدين.
لقد رسمتم لوحة فنية غاية في الإتقان والجمال، عكست عظمة الدور الذي تؤدّونه في صناعة الإنسان. وها نحن، في خواتيم هذا الفرح، لا نكتفي بالتصفيق، بل نحمل لكم في القلب عرفانًا، وفي الذاكرة أثرًا، وفي الكلمات شكرًا يليق بمقامكم.
فهنيئًا للبلقاء بأبنائها... وهنيئًا لنا جميعًا بهذا المجد الذي طُرز في سماء الأردن بحروف من نور.