
المناسبات الاجتماعية وعقدة الصف الأول ...
القلعة نيوز ـ
لم تكن المناسبات الاجتماعية إلا رموزًا تحمل إشارات دينية ونفسية واجتماعية، وهنا تسعى النفوس التي تريد إثبات مكانة، أو أنها صاحبة ثروة، لإظهارها. وهل قضية التفاخر في الحقيقة إلا صورة من تلك الصور؟ وهنا نحن نعلق في مفهوم الفرحة بشكلها المجرّد الذي يحمل بُعد المشاركة والتعبير، وبين تلك الصور التي تصل إلى حدّ التباهي والتبذير والترف.
قديمًا كانت الألوان هي الطريق الذي تعتمده الحضارات من أجل إيجاد تلك المساحة والتمييز بين العامة والخاصة، وما عبارة "وُلِد في الأرجوان" إلا كناية عن تلك النزعة من الميل إلى التميز، باللون الخاص بالشيوخ والأباطرة في روما القديمة. وتجد لكل حضارة ألوانها وطقوسها، ومن هنا تظهر النزعة النفسية في التميز، والتي تسعى إلى الاعتراف والتقدير والمنافسة وحتى العواطف والانتماء.
ومن هنا، كيف تكون النزعة النفسية هي الدافع للمظاهر الاحتفالية، سواء بإظهار الثروة أو القوة والمنعة من أجل الحصول على مكانة مميزة في المجتمع، وهي تتمثل بصورة كبيرة بعقدة الصف الأول في عصرنا الحالي؟ وهنا نحن لا نتكلم عن الجمال بحدّه الطبيعي الذي يسعى إليه كل إنسان سوي كما في الحديث الشريف، ولكن ذلك الحدّ الذي يصنع البطر والكبر على الآخرين.
وهنا، هل تستطيع المجتمعات أن تتفق على تلك الأسس التي تعطي إنسانًا ما تميزًا، وتترك الطريق مفتوحًا أمام الآخرين لبلوغ تلك الدرجة، وعدم إغلاقها على فئات معينة؟ بحيث تكون هناك مجموعة من الأمور التي إذا اتّصف بها الإنسان، مثل الكرم والشجاعة والتميز العلمي وما ينفع الناس، يُمنح مقعدًا في الصف الأول.
وعندها ستقل إلى درجة كبيرة تلك المظاهر الاحتفالية الفارغة القائمة على المبالغة في إظهار المناسبة بشكل يتجاوز حدّ الفرحة الطبيعي، أو يحدث أذى وإزعاجًا للآخرين كما يحدث في الاحتفالات الصاخبة، أو إغلاق للطرق ومصالح الناس.
وهنا نعود إلى نقطة جوهرية تساهم بشكل كبير في الحدّ من الظاهرة، وهي التأهيل النفسي والاجتماعي للإنسان، بحيث يدرك تمامًا تلك الأمور الإيجابية التي يجب اتباعها لصنع السعادة والرضا والتميز، وتقوم على المشاركة الحقيقية بين الأفراد، حتى لو كانت المظاهر متواضعة، فإنها تحقق المطلوب.
إبراهيم أبو حويله