
القلعة نيوز - بات الذكاء الاصطناعي، أكثر من مجرد أداة مساعدة في الحقل الأكاديمي؛ بل أصبح شريكًا فاعلًا في جميع مراحل البحث العلمي، من توليد الأفكار إلى صياغة الأوراق ونشرها.
وأصبح جليًا، أن أدوات الذكاء الاصطناعي تدعم الباحثين في توليد الفرضيات، وتحليل البيانات، وتحرير النصوص، مما يعزز السرعة والإنتاجية العلمية مع ضرورة توخي الحذر وتطبيق إشراف بشري دقيق في الوقت الذي تشهد صناعة النشر الأكاديمي تحولات جذرية مع اعتماد الذكاء الاصطناعي في الفحص الأولي للمقالات، وكشف الانتحال، ومطابقة المراجعين، إضافة إلى تحسين جودة التحرير واللغة، لكن هذا التقدّم لا يخلو من التحديات.
وقال أكاديميون لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، إن الاعتماد الواسع على الذكاء الاصطناعي يمكن أن يولّد محتوى غير دقيق، أو يعزز من انتشار الدوريات الاحتيالية، مهدّدًا نزاهة العملية العلمية، مشيرين إلى أن استطلاعًا حديثًا لخمسة آلاف باحث كشف أن الآراء متباينة فيما يتعلق باستخدام الذكاء الاصطناعي في كتابة الأوراق الأكاديمية، خاصة في مسألة الإفصاح عن استخدام هذه الأدوات.
وفي هذا السياق، عبّر عميد البحث العلمي في جامعة جرش الدكتور أحمد الربيع، عن تفاؤله بدور الذكاء الاصطناعي في تطوير العملية التعليمية والبحثية والنشر.
وأضاف الربيع، أنّه "وسيلة للارتقاء بالمخرجات التربوية والتعليمية والبحثية من خلال تقديم محتوى وخبرة تعليمية تتسم بالأمن والفاعلية والجاذبية"، مؤكدًا ضرورة مواكبة هذه الثورة التكنولوجية الشاملة لتحقيق أهداف التعليم الحديث، دون الإشارة إلى أي تحفظات حول قدراته أو اعتماد الباحث عليه بالكامل.
وأشار الدكتور الربيع، أن "الذكاء الاصطناعي لا يستطيع أن يقدم بحثًا أكاديميًا متكامل الأركان من حيث المنهجية، والنتائج، والتحليل، والإطار النظري والمراجع ، بل يجب النظر إليه كأداة مساعدة تساعد العنصر البشري على إعداد بحوث علمية تُواكب العصر".
بدوره، أوضح عميد البحث العلمي بجامعة العقبة للتكنولوجيا الدكتور حسن رشايدة، أنه يجب أن لا يغفل الباحثون عن الأخطار الأخلاقية والفنية المصاحبة لإعداد البحوث، مؤكدًا ضرورة وضع السياسات والمبادرات التي تحاول مواجهة هذه التحديات ضمن مجتمع البحث العلمي والنشر الأكاديمي.
وأضاف رشايدة، بأنه ينظر للذكاء الاصطناعي بالنسبة للباحث العلمي، باعتباره أداة وليس بديلًا، يعزز من سرعة البحث ودقته واتساع مجالاته، إلا أنه لا يُغني عن البحث العلمي الذي يتمتع بالإبداع والتفكير النقدي والفهم العميق للموضوع.
وأوصى الرشايدة بضرورة إكساب الباحثين المهارات اللازمة للتعامل مع هذه الأدوات، دون الاعتماد عليها بشكل كامل وإخضاعهم لدورات تدريبية تصب في الهدف ذاته والاستخدام الآمن لأدوات الذكاء الاصطناعي.
كما شدّد الأكاديمي الدكتور عيسى الطراونة على أن الذكاء الاصطناعي لا يمكنه إنتاج بحث علمي متكامل بمفرده؛ فمهامه تظل محدودة بالأطر التي يحددها الباحث، بينما تبرز أهمية العنصر البشري لضمان التحقق والمصداقية.
ويأتي هذا التحذير في سياق تشاطر عالمي بين الباحثين، إذ أظهر استطلاع حديث أن ما يقرب من ثلث الأكاديميين يعارضون كتابة بحث كامل باستخدام الذكاء الاصطناعي، فيما يرى 65% فقط أنها ممارَسة مقبولة أخلاقيًا، بينما يفضل معظمهم حصر دور الأداة على الأجزاء التقنية مثل تحرير الملخص فقط.
كما قال الأكاديمي الدكتور فيصل العمري، إنه "على الرغم من أن الذكاء الاصطناعي أصبح واقعًا ملموسًا، فهو يُعَدّ مساعدًا فعّالًا للعنصر البشري في توليد الأفكار، لكنه لا يمكن الاعتماد عليه كليًا لإنتاج بحث أكاديمي متكامل، سواء من ناحية المنهجية أو التحليل أو الإطار النظري؛ لذلك من الضروري الإشارة إلى مساهمته كمصدر مساعد عند الإعداد".
وحذر العمري من الاعتماد المفرط على الذكاء الاصطناعي، لأنه قد يقلل من مهارات التحليل والتفكير النقدي لدى الباحثين.
--(بترا)