
أحمد سعد الحجاج
الطفيلة قلعة الجنوب وحصن العز، أرض التاريخ والبطولة والرجال. جبالها تنبض شموخا، وأوديتها تتنفس عطر الكرامة، وشجر زيتونها الضارب بجذوره في أعماق الأرض يروي حكاية أصالةٍ ضاربة في الجذور، وكرامةٍ متجددة عبر الأجيال. ومن هذه الأرض العابقة بالعزة، انطلقت جامعة الطفيلة لتكون منارة علم، غير أن قدرها بقي محصورا في قيد التقنية، بينما الجامعات من حولها تبحر في فضاءات الشمولية، تحتضن العلوم والمعارف كافة، وتمنح أبناءها اتساع الأفق وسعة الاختيار.
أما آن لهذا القيد أن ينكسر؟ أما آن للطفيلة أن تبسط جناحيها لتلتحق بركب الجامعات الشاملة؟ فالجامعة اليوم مطالبة بأن تضم العلوم والمعارف بجميع تخصصاتها دون استثناء، لتواكب احتياجات سوق العمل المحلي في مديريتي تربية الطفيلة وبصيرا، وتفتح أبوابها أمام تخصصات الشريعة، والدراسات الاجتماعية من تاريخ وجغرافيا، وعلم النفس والإرشاد، إضافةً إلى كليات الطب والصيدلة والحقول الطبية والصحية، لتتكامل منظومتها مع ما تقدمه الجامعات الشقيقة: الحسين، مؤتة، والهاشمية. إن الشمولية ليست ترفًا، بل ضرورةً علمية وتنموية في آنٍ واحد.
فالتحوّل إلى جامعة شاملة ليس مجرد شعار، بل مشروع نهضة متكامل يعيد التوازن التنموي إلى المحافظة بأسرها، ويحوّلها إلى محافظة نابضة بالحياة، فيما تكون منطقة العيص حيث مقر الجامعة ركيزةً للتنمية والازدهار. هنا ستُنعش الأسواق، وتزدهر المواصلات، وتضاء نوافذ الشقق بطلاب جدد، وتتحول الطفيلة كلها إلى ورشة حيوية متكاملة، عمادها الجامعة وطلابها.
وفي خضم هذه اللحظة المفصلية، نتقدم بأحرّ التهاني والتبريكات للأستاذ الدكتور حسن الشلبي ال خطاب بمناسبة تسلّمه رئاسة جامعة الطفيلة. رئيسٌ جديد يُعقد عليه الأمل، ويُنتظر منه أن يقود الجامعة من أسر التقنية إلى فضاء الشمولية، بالتعاون مع أصحاب المعالي والعطوفة والسعادة، ومع الشيوخ والوجهاء من أبناء الطفيلة، وكل من يهمّه أمرها وأمر جامعتها. فالمسؤولية جسيمة، لكن الثقة برئيسها الجديد راسخة، والعزم على المضيّ نحو التحول الجامع لا يعرف التراجع.
إنّ أبناء الطفيلة جميعًا، ومعهم ممثلوهم في مجلس الأمة، يقفون صفًا واحدًا خلف جامعتهم ورئيسها، دعمًا للمسيرة، وإسنادًا للرؤية، وإيمانًا بأن العلم هو البوابة الكبرى للتنمية، وعنوان الكرامة الذي لا يبهت.
جامعة الطفيلة اليوم على موعد مع ولادة جديدة، ولادة تصوغها الشجاعة، وتكتب فصولها الإرادة، وتفتح أبوابها على مصراعيها أمام آفاق المعرفة. ومن الطفيلة، مهد الكبرياء، يبدأ الحلم الكبير بالتحقق: كسر قيد التقنية، والإبحار نحو الشمولية.