القلعة نيوز-
برعاية مدير ثقافة إربد الشاعر عاقل الخوالدة، احتفى فرع رابطة الكتاب وملتقى الثقافي في إربد، بديوان الشاعر والناقد نضال القاسم «أحزان الفصول الأربعة» بمشاركة الناقدة د. ليندا عبيد الناقد د. سلطان الخضور، وأدار مفردات الأمسية النقدية القاص والناقد د. حسين العمري وسط حضور كبير من المثقفين والمهتمين.
واستهل الأمسية المحتفى به القاسم بتقديم شهادة إبداعية قال فيها: ما كنت أعرف أُوجه خطواتي الأولى في حدائق الكتابة السرّية، وأظنني لم أدرك أن الشعر هو طريقي الأول، إلا في عام 1993، أما قبل تلك الفترة فقد كنت مشغولا بأشياء كثيرة، وكانت تتنازعني في هذا العمر المبكر رغبات عدة للمستقبل في أن أكون قاصا أو روائيا أو كاتبا مسرحيا، لكن في ذلك العام تحددت رغبتي الأدبية، وارتبطت بالشعر الذي أعيه ولا أعقله، ارتباط التابع بالمتبوع، وكان ذلك كافيا ليرتبط وجودي بهذا الغامض الآسر منذ ذلك الأمد.
إلى ذلك قدمت الناقدة د.ليندا عبيد دراسة بعنوان «أحزان الفصول الأربعة: البحث عن الذات وجمالية البناء الفني»، للشاعر نضال القاسم، و تتناول الدراسة وقوفا عند التجديد وجمالية البناء الفني، ومحاولة الذات الشاعرة البحث عن هويتها وكينونتها في ظل غياب الفضاء المكاني الأول الممثل بالوطن. فالذات تحيا زمن الاغتراب والتشظيات والانكسار والهزيمة، وتمر بدوائر متعددة من المعاناة والتيه. فيأتي ديوان «أحزان الفصول الأربعة» ليؤرخ لإحساس المبدع والمثقف الفلسطيني الذي يحيا أزمة الشتات والاغتراب، دون أن يقع في أسر المباشرة والأيديولوجيا، بل ينطلق من ذلك إلى الواقع العربي، والأفق الإنساني الترحيب، فنراه يعبر دوائر التيه بحثا عن هويته وعالمه الأول محاولة منه للتنفس والانعتاق من أسر الاغتراب والمنفى والهزيمة.
وتؤكد د. عبيد أن دراستها تقف عند لغة الديوان وما بها من تجديد وحداثة، إذ تنثال التداعيات اللغوية والمجاز آت الطازجة، وتراسل الحواس، ولعبة الضمائر، والحوارات والمونولوجآت الطويلة والقصيرة، وجمالية التصوير، والبراعة في خلق الكثافة الشعرية، التي يطل منها تملك الشاعر لأدواته، وامتلاكه لمخزون ثقافي وأدبي رفيع يمزج بين رزانة الموروث وبين لذة الحداثة وتقنياتها، ضمن حفاوة واضحة بالتفاصيل والتي تختزنها الذات في مكبوتاتها وصولا إلى اندغامها ببناء فني متماسك يجدد في تقنياته وأدواته دون أن يطغى الاهتمام بالشكل على حساب المضمون، أو الاحتفاء بالمضمون على حساب الشكل.
وتضيف د. عبيد: بأن الديوان يحتفي بالطبيعة وجمالها وتفاصيلها في محاولته لخلق ملاذات بديلة للوطن بالتأريخ إلى أمكنة جديدة تظل في دائرة اللامتعذر واللاممكن رغم ما يتخلق بها من حيوات تظل عقيمة لا تنجب لأنها من تشكيل ثقافي ونفسي مختلف لا يستطيع احتواء عذابات الشاعر، التي تتأتى من انشغال بهموم ومعاناة لا تعني شيئا للآخر الغريب. وكما تقف الدراسة عند مرجعياته الثقافية المتنوعة، واتكائه على الأساطير اليونانية، والمرجعيات الدينية والتاريخية والغناء الشعبي والأمثال، والجغرافيا المختلفة.
وخلصت د. عبيد إلى القول: يقف القاسم في ديوانه على توظيف قضايا حداثية مضمونية، والى تجديدات كثيرة في بناء قصائد ضمن براعة يتعاضد بها تخليق الشخوص وتجلية دواخلهم النفسية مع حركة القصيدة التفعيلة الحداثية حينا، وقصيدة السرد الأكثر حداثية حينا آخر، وما بها من كثافة وشعرية. .
من جهته قدم الناقد د. سلطان الخضور قراءة في ديوان «أحزان الفصول الأربعة..للشاعر نضال القاسم» أكد فيها أن عنوان الديوان مثير في معانيه، فالوضع الطبيعي أن يحمل أحد فصوله أو اثنين منها حزناً، لسبب أو لآخر لحدث ما ممكن أن يكون قد وقع, اما أن تتصف الفصول الأربعة بالحزن فهذا يعني أن هناك حدثا جلل قد وقع، ما يضفي على دورة الحياة بفصولها الأربعة طابع الحزن, وهو أمر غير مألوف، أما صورة الغلاف الأمامية، فهي غصن زيتون مستدير على شكل إكليل امتاز بصفات أربع التي تتفق مع ما ورد في النصوص العشرين التي حملها الديوان والتي تعكس المزاج العام للديوان.
وختم مداخلته النقدية بالقول: إن من يقرأ الديوان يلمس بسهولة عاطفة الشوق والحنين للوطن عند القاسم، فهو يستمطر في ديوانه المذكور ما وجده مناسباً للتعبير عن عاطفة الحب للوطن الجريح، ويستدرج بنجاح مفردات تاريخية وجغرافية وتراثية وروائية وإنسانية تعكس الحق المسلوب، وتصور الفلسطيني المصلوب على خشبة القهر والظلم، والمقيد بحبال استلاب هذا الحق، كجزء من العالم العربي الذي تكسوه الهموم. وقد عبر القاسم عن ذلك أيضاً، من خلال عناوين القصائد التي تحمل بوضوح معان تصب في هذا الاتجاه.