شريط الأخبار
ماذا يحدث للجسم عند تناول الوجبات السريعة ؟ سمك السلمون بزبدة الثوم مع السبانخ والفطر في صلصة كريمية طقم من الألماس... إليكم سعر الهدية التي قدمتها حماة نارين بيوتي في عرسها ترجيح انخفاض أسعار المحروقات الشهر المقبل 4 شهداء في انفجار آلية للجيش اللبناني التنمية الاجتماعية تحذر من روابط وهمية تدّعي تقديم مساعدات مالية استعدادات لزفاف ثاني أغنى رجل في العالم بإيطاليا.. هل يحضر ترامب؟ السفيرة التونسية في عمان مفيدة الزريبي تزور اتحاد الكتاب والادباء الاردنيين. السلامة في البيروقراطية... اتحاد الكتاب يحتفي بيوم التراث العالمي والمقابله تشهر مؤلفاتها التراثية الملك يتسلم دعوة من الرئيس العراقي للمشاركة بالقمة العربية في بغداد 17 أيار المقبل “المناطق الحرة” تشارك في معرض ومؤتمر النقل في الشرق الأوسط 2025 رئيس الوزراء: شركة البوتاس خصصت 170 مليون دينارا لقطاعي الصحة والتعليم وزارة الحج السعودية تحذر من إعلانات حج وهمية "الاتصال الحكومي" تنشر موجز إنجازات الوزارات خلال الشهر الماضي وزير الخارجية يتسلم رسالة دعوة للملك من الرئيس العراقي لحضور القمة العربية بالصور ... 'بلدية الكرك' تضبط (مسلخ لحوم منزلي) غير مرخص "حكيم" تعلن عن فتح باب التسجيل في النسخة العاشرة من مسابقتها السنوية بمشاركة 45 باحثا من 19 دولة ..مؤتمر "المكتبات الوطنية ودور المحفوظات ودورها في حفظ الذاكرة الوطنية" ينطلق الثلاثاء وفد تجاري اردني يشارك بمعرض في باكستان

الفِراسة في الرجال.. حين تُقرأ النوايا قبل أن تُكشف الأقنعة

الفِراسة في الرجال.. حين تُقرأ النوايا قبل أن تُكشف الأقنعة

القلعة نيوز:
أ. د. اخليف الطراونة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في زمنٍ تشابهت فيه الوجوه وتناسخت فيه الشعارات، باتت الفِراسة (نظرية نفسية تستخدم لوصف شخصية الإنسان) إحدى أهم أدوات تمييز الرجال، بل إحدى ضرورات صوْن الأوطان. لم تكن الفراسة عند العرب مجرد حدس أو ملامح تُقرأ، بل كانت بصيرة تستشفّ المواقف قبل وقوعها، وتُدرك النوايا من وراء الحُجب، وتُفرّق بين الثابت والمتلون، وبين من يقف على الأرض ومن يتقن السير على حبال الشعارات.

ولعل ما شهدته الساحة الأردنية مؤخرًا من كشف خلية إرهابية كانت تُخطط لعمليات نوعية في بلدنا الحبيب، على يد أبطال دائرة المخابرات العامة، يعيد التذكير بأن الفِراسة لم تغب، وأن رجال الظل ما زالوا يقرأون ما خفي من الحركات والسكنات، وينتزعون الخطر من جذوره قبل أن يتسلّل إلى أمن الوطن وطمأنينة الناس.

هذا الإنجاز الأمني الرفيع لم يكن مجرد ضربة استباقية ناجحة، بل كان شاهدًا على أن الفِراسة ما زالت حاضرة في عقل الدولة وعيونها. فالأردنيون لا تنطلي عليهم الأقنعة، ولا تُغريهم المظاهر، وهم يدركون أن الولاء الحقيقي لا يُقاس بالكلمات الرنانة، بل بالانتماء الصادق والثبات ساعة العصف.

وفي خضمّ ما تشهده غزة من مآسٍ لا تُحتمل، وما يعتصر قلوب الأردنيين من وجعٍ حقيقي تجاه أهلنا هناك، تخرج – كما في كل محنة – أصوات تحاول استثمار الدم الفلسطيني لصالح مشاريع التخريب والتجييش، وتُلبس الفوضى ثوب الغضب الشريف. وهنا، لا بدّ من الفِراسة الوطنية مجددًا؛ لتمييز الغضب الصادق من التجييش الموجَّه، والنصرة النقية من الاستثمار المشبوه.

المواقف الكبرى تفتح الأبواب على مصاريعها، وتسمح للأوفياء والمُندسّين- على حدّ سواء–بالظهور في المشهد. لكن من يُحسن القراءة يدرك أن بعض من يرفعون الشعارات لا يحملون من فلسطين سوى اسمها، وأن مساعيهم لا تهدف إلى تحرير الأرض، بل إلى زعزعة أمنٍ حافظ على بوصلته رغم العواصف. الأردن، الذي ظل قلبًا نابضًا للقضية الفلسطينية، لم يكن يومًا بحاجة لمزاودات من أحد، ولم تكن بوصلته يومًا محل شك. ولكن ما نرفضه – ونحذر منه – هو محاولة اختراق هذه البوصلة من قبل فئات تسعى إلى زرع الفوضى تحت راية المقاومة، أو تسويق أجندات معتمة?في وضح النهار.

وفي خضمّ كل ذلك، تبرز الفِراسة بوصفها قيمةً حيوية لا نظرية، في إدارة الشأن العام، وفي اختيار رجالات المرحلة، وتمييز من يستحق الثقة من أولئك الذين أتقنوا فنون التجمّل والتزيّن في زمن الصورة والكلمة المصقولة.

أما في الإقليم؛ فنشهد كيف تخذُل الفِراسة أصحابها حين يُراهن على وجوه ما لبثت أن تهاوت أمام أول اختبار، أو حين تُعطى الثقة لمن يتحدّثون باسم الشعوب وهم ينسجون ولاءاتهم في الغرف المغلقة. أما على الساحة الدولية؛ فقد كشف العالم وجهه منذ زمن، وأصبح من لا يُجيد قراءة النوايا خلف الكلمات ضحيةً سهلة في لعبةٍ لا ترحم.

لقد آن الأوان لإعادة الاعتبار للفِراسة: في التربية، في التعليم، في الإدارة، وفي الإعلام. آن الأوان لنعلّم أبناءنا أن الصدق يُرى في المواقف لا في الشعارات، وأن الرجولة لا تُقاس بحجم الصوت بل بحجم التضحية، وأن الوطني الحقيقي لا يُطعن من الخلف ثم يلوّح بالعلم من الأمام.

الأردن اليوم، بأجهزته ومؤسساته ورجاله، يبرهن مرة تلو أخرى أن الحياد عن الحق لا مكان له، وأن البصيرة لم تُطفأ، وأن الفِراسة مازالت ترسم ملامح المستقبل، رغم كل هذا الضجيج. ــ الراي