
كبار الشيوخ ورجالات الحركة التعليمية في إربد قديماً.
القلعة نيوز:
كتب ووثق تحسين أحمد التل: قرية إربد أو أرابيلّا حاضرة الشمال، وإحدى أهم المدن الرومانية (الديكابوليس)، كانت تشكل سلة غذاء روما، بفضل سهل حوران، الواقعة أجزاء كبيرة منه حول مدينة إربد.
وقعت إربد تحت حكم الأنباط، ثم الغساسنة، وصولاً الى الفتوحات الإسلامية، بقيادة شرحبيل بن حسنة، إذ كان قائداً لجند الأردن، وكان للخليفة الأموي يزيد بن عبد الملك قصراً يقضي فيه معظم أيام الشتاء، ويقع على أطراف قرية إربد.
تراجعت إربد في العصر العباسي؛ بسبب انتقال مركز الخلافة من دمشق أيام الخلافة الأموية، الى بغداد أيام الخلافة العباسية، وتبعت فيما بعد الى الأيوبيين، ثم المماليك، وبعدها صارت جزءاً من الدولة العثمانية.
أصبحت عام (1851) مركزاً لسنجق عجلون الذي يتبع لواء حوران، ومركزه درعا، وامتد هذا السنجق من نهر اليرموك شمالاً حتى نهر الزرقاء جنوباً.
كانت إربد من المراكز المهمة في العصر الأيوبي، والمملوكي، وقد ذكرها ياقوت الحموي في كتابه: معجم البلدان، وابن شداد في كتابه: الأعلاق الخطيرة، والقلقشندي ضمن كتاب: صبح الأعشى، وذكرها الرحالة السويسري بيركهارت في مذكراته عام (1821)، والرحالة الأمريكي إدوارد روبنسون عام (1852).
تشتهر مدينة اربد بوجود نهر اليرموك، والمعركة الشهيرة التي وقعت على ضفاف النهر، وتشتهر أيضاً بوادي الأردن، وتبتدىء حفرة الإنهدام الآسيوي الإفريقي من مناطق إربد الغربية حتى خليج العقبة، وسميت إربد بزهرة الاقحوانة، نسبة الى زهر الاقحوان؛ تلك الزهور التي تنبت بكثرة في هذه المنطقة.
لعبت مدينة إربد في العصر الأيوبي؛ دوراً مهما في حركة الإتصالات، والمواصلات، بين دمشق، وعكا، وسائر الساحل الفلسطيني؛ عندما كانت دمشق تقوم بدور أساسي في التأثير على مملكة بيت المقدس، لكن الدور الأكثر أهمية للمدينة يظهر في العصر المملوكي، عندما كانت تابعة لنيابة دمشق.
وصف القلقشندي منطقة جنوب حوران التي تضم قرية إربد بأنها من أفضل البلاد الشامية، وبها أرزاق جيش المسلمين، وطريق الحج الى بيت الله الحرام، وزيارة نبيه عليه افضل الصلاة وأتم التسليم، وكانت ممراً للتجار الى الديار المصرية، وتتوزع فيها الفنادق التي كان يُطلق عليها (الخانات)، وتضم غرفاً ومساحات واسعة للنزلاء وما يحملونه من بضائع، وحلال، مقابل أجور محددة.
تشير كتب التاريخ الى ان بدايات التعليم في شمال الأردن، تعود الى العهدين الأيوبي والمملوكي، وارتبطت الحركة التعليمية تاريخياً بدمشق، وقد انتشرت الكتاتيب والمدارس في العهد المملوكي في معظم المدن والقرى الشامية، ووصل الطلاب من مدينة إربد والقرى المجاورة الى دمشق لطلب العلم، وكان تخرج العديد العديد من علماء وشيوخ إربد في مدارس عنبر بالشام.
يَذكُر التاريخ أن قرية إربد في العهد العثماني، لم يكن فيها مدارس، سوى مجموعة كتاتيب ضمن مساجد إربد، وكنت ذكرت في أحد تقاريري عن بعض الشيوخ الذين كانوا يعلمون الطلاب الحساب، والخط، والدين؛ مقابل النقود، أو وفق نظام المقايظة في حال عدم توفر المال، حيث يدفع الطلاب القمح، والشعير، وربما مواد غذائية ومنها البيض، والخبز، مقابل التعليم.
من بين شيوخ مساجد إربد، وأئمتها، وشيوخ افتتحوا مراكز تعليمية (كُتّاب) في قرية إربد، وما حولها من قرى، كان هناك الشيوخ الأجلاء:
- الشيخ عيسى أحمد الملكاوي: افتتح في إربد أول كُتّاب لتحفيظ القرآن الكريم، وتعليم القراءة، والخط، والدين، والحساب.
- الشيخ رسمي أبو الضباع، وكان يعلم الطلاب في مسجد إربد المملوكي، ويتقاضى ما تيسر من خبز، أو بيض، أو قمح بدل النقود.
- الشيخ نايف أبو الهيجاء (1905 - 1995)، عمل إماماً لعدة مساجد منها: مسجد الهامي عام (1952 و 1958)، وإماماً للمسجد المملوكي من عام (1961 ولغاية عام 1988).
- الشيخ بركات الحريري شيخ الجامع الكبير (1902 - 1986)، عمل مفتياً لمحافظة إربد في السبعينات، إضافة الى أنه كان يلقي الدروس الدينية في مسجد إربد الكبير.
- الشيخ سليمان فلاح القرعان، شيخ جامع إربد الكبير، تلقى تعليمه في جمعية تجهيز العلوم الشرعية بدمشق، وتخرج فيها عام (1938).
- الشيخ عوض الهامي التميمي، وولده الشيخ (محمد عمر) عوض الهامي من قرية هام في إربد.
الشيخ عوض الهامي التميمي (رحمه الله)، (1817 - 1927) عمل إماماً للحرم المكي ومدرساً للمسجد النبوي الشريف، حوالي خمس سنوات، بعدها أصبح قاضي إربد الشرعي، وقاضياً شرعياً لعجلون حتى عام (1920).
أوصى الشيخ عوض الهامي بدفنه الى جوار جده الشيخ خليل الهامي التميمي، وأذكر أنني تناولت سيرته الذاتية في أحد تقاريري الموثقة عن رموز الحركة الدينية قبل سنوات، وما تعرض له قبره في شارع الحصن من إهمال، ونبش بحجة البحث عن الآثار، وكان أن قامت وزارة الأوقاف ببناء مقام يليق بتاريخ الشيخ عوض الهامي، وجده الشيخ خليل الهامي التميمي، (رحمهما الله تعالى).
- الشيخ علي العمري المولود عام (1883)، الذي افتتح كُتّاب في بيته بقرية كفرسوم لتدريس الطلاب العلوم الشرعية، والقرآن، والخط العربي، وما الى ذلك من مواد متوفرة للتدريس في ذلك الزمن.
- الشيخ عمر يوسف الملكاوي (1873 - 1955) الذي أسند إليه منصب مفتي عجلون زمن الملك عبد الله الأول.
- الشيخ نور الدين السعدي (1905 - 1973)، وكان يعلم الطلاب في منطقة البارحة ما تيسر من مواد تعليمية، مثل: الخط العربي، والدين، وحفظ القرآن الكريم.
وهذه أيضاً قائمة بأسماء العلماء الأجلاء من مدينة إربد وما حولها من قرى وتجمعات سكانية، مع تاريخ الولادة أو الوفاة:
الشيخ أحمد بن سليمان الإربدي الذي توفي عام (1374) م.
الشيخ أحمد بن موسى الحنبلي، من بلدة حبراص، توفي عام (1360) م.
الشيخ أحمد بن علي الرمثاوي الإربدي، من بلدة الرمثا، توفي عام (١٣٦٩) م. وشقيقه الشيخ حسن بن علي الرمثاوي الإربدي الذي توفي عام (١٣٩٧) م.
الشيخ أحمد بن راشد بن طرخان الملكاوي الإربدي، توفي عام (١٤٠٠) م.
الشيخ أحمد بن يحيى الأيدوني الإربدي، توفي (١٥٧٠) م.
الشيخ حسن بن أحمد بن أبي بكر بن حرز الله الاربدي، قاضي من قضاة إربد، توفي عام (1361)م.
الشيخ علي بن زيادة بن عبد الرحمن الحبكي، نسبة الى قرية حبكا جنوب اربد، تولى التدريس في المدرسة المجاهدية، والعادلية، والفلكية في دمشق، وافته المنية عام (١٣٨٠) م.
الشيخ عبد الغني العجلوني الجُمحي، نسبة لبلدة جمحا غرب اربد الذي ولد عام (1468م وتوفي عام 1546) م.
الشيخ عز الدين بن عثمان السعدي الإربدي، من بلدة كفر الماء، ولد عام (١٣٧٠) م.
الشيخ عبد الرحمن بن موسى الملكاوي الإربدي، من بلدة ملكا، توفي عام (١٣٩٨) م.
الشيخ يوسف بن احمد الملكاوي الإربدي، توفي عام (١٤٠٢) م.
الشيخ عيسى بن صبح الرمثاوي الإربدي، توفي عام (١٤٠٨) م.
عبد الله بن خليل بن فرج الاربدي، توفي عام (١٤٢٩) م.
الشيخ عبد الرحمن بن عيسى بن سرار الإربدي، من قرية ايدون باربد، توفي عام (١٤٣٦) م.
الشيخ عمر الشروقي الإربدي، من بلدة سوم، توفي عام (١٥٣٣) م.
الشيخ عبد الغني الجُمحي الإربدي، من بلدة جمحا، توفي عام (١٥٣٦) م.
الشيخ علي بن يحيى الإيدوني الإربدي، توفي عام (١٤٥٥) م.
الشيخ قاسم بن محمد الإربدي الذي اشتغل بالتدريس في المدرسة الأتابكية بدمشق، وتوفي في العام (1362) م.
الشيخ موسى بن أحمد بن موسى الإربدي، توفي عام (١٤١٣) م.
الشيخ موسى بن مسلم بن أيوب الحبراصي الإربدي، من بلدة حبراص، توفي عام (١٣٨٧) م.
الشيخ محمد بن موسى الرمثاوي الإربدي، توفي عام (١٣٩٨) م.
الشيخ محمد بن يحيى الإيدوني الإربدي، توفي عام (١٥٧٧) م.
الشيخ محمد بن موسى العجلوني الإربدي، توفي عام (١٤٨٧) م.
الشيخ يحيى بن عبد الله بن محيي الدين الإربدي الذي ولد عام (1466 وتوفي عام 1516) م.
أما الشيخ أبو بكر بن صالح كريزم؛ الجد الأكبر لآل كريزم، فيرجع الفضل إليه في تنظيم الحركة التعليمية والدينية، وإنشاء بعض دور الكتاب لتعليم الصبية الصغار: القراءة، والكتابة، وحفظ القرآن الكريم.
توالت فترات شيختهم لإربد حتى العام (1846)، وجاء الشيخ أحمد المصلح بن أحمد الكريزم؛ شيخاً، وتلاه بالشيخة شقيقه الشيخ علي المصلح بن أحمد كريزم وأنتهت مشيخته عام (1846) م.
في الثلث الأخير من القرن التاسع عشر؛ قام الشيخ مصطفى يوسف الملحم التل، شيخ مشايخ الدولة العثمانية على قرية إربد، بطلب الإذن من الحكومة التركية لفتح صفوف دراسية في الجامع المملوكي من أجل تدريس وتعليم الأولاد القرآن الكريم، والحساب، والعربي، والتاريخ، وبالرغم من خوف الأهالي من تسجيل أولادهم في المدرسة، لاعتقادهم بأن الدولة العثمانية من الممكن أن تجندهم في الجيش التركي، وتجبرهم على الإنخراط في جبهات القتال، بالرغم من ذلك انتسب عشرات الطلاب للمدرسة الجديدة التي افتتحها الشيخ مصطفى اليوسف التل، وجاءت على شكل غرفتين دراسيتين، تتسع كل غرفة عشرين طالباً.
أربعون طالباً انتسبوا الى مدرسة الشيخ مصطفى اليوسف داخل المسجد المملوكي الغربي في السنة الأولى، واستمرت الدراسة لعدة سنوات الى أن انتقل التعليم الى المدرسة التجهيزية، أو الرشدية، أو (حسن كامل الصباح)، وكان التعليم فيها: إبتدائي، وإعدادي، وفيما بعد أصبح التعليم للصفوف الثانوية.
تعتبر المدرسة الرشدية أول مدرسة في تاريخ الأردن، إذ تم تشييدها في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين (1899 - 1900)، وتقع على تل إربد من الجهة الشرقية، وتقابل مبنى السرايا العثماني الذي تحول الى متحف لدائرة الآثار العامة في التسعينات من القرن الماضي.
انتهى التقرير بحمد الله جل شأنه.
الكاتب تحسين أحمد اغريّب التل.
رئيس مركز حق للتنمية السياسية حالياً.
رئيس تحرير وكالة نيرون الإخبارية سابقاً.
مؤسس وأمين سر إتحاد الصحافة الإخبارية سابقاً.
مستشار إعلامي سابق لجامعة جدارا الأردنية للتميز.
tahseinettal@yahoo.com - (0795450586)