شريط الأخبار
الرواشدة يبحث أوجه التعاون الثقافي مع مديرة مكتب اليونسكو في عمّان العدوان يصطحب نظيرته البحرينية بجولة ميدانية شملت عدداً من المرافق الشبابية والرياضية في الأردن بطريركيتا القدس للاتين والروم الأرثوذكس توجهان نداء مشتركا بوقف الحرب على غزة رئيس الديوان الملكي يلتقي وفدا شبابيا من مبادرة "نقطة ابتكار" لأول مرة.. دول أوروبية تقف في طابور انتظار أسلحة من مصر بعد وصفهم بـ"الحيوانات".. المبعوث الأمريكي يبرر إهانة الصحفيين اللبنانيين الأردن والبحرين يعززان الشراكة الشبابية الأغذية العالمي: الزيادة القليلة في المساعدات لا تكفي لوقف الجوع في غزة وزير الطاقة: الأردن يسير نحو تطوير قطاع الهيدروجين الأخضر السفير الفرنسي في عمّان: فرنسا ستبقى إلى جانب الأردن وزير الصحة يفتتح مؤتمر أطباء زمالة كلية الجراحين الأميركية عبور قافلة مساعدات أردنية تضم 25 شاحنة إلى غزة حديث الشرع عن الإخوان يثير "الإخوان" الاحتلال الإسرائيلي يقتحم 6 مدارس في الخليل ويحتجز معلمين الضمان تدعو الأردنيين لتحديث بياناتهم لإعادة تفعيل رواتبهم التقاعدية التعليم العالي تُحذر الأردنيين الراغبين بالدراسة في الخارج وزارة العمل تبحث التعاون مع نظيرتها الفلبينية وزارة البيئة تحذر من إدخال أسماك غير أصيلة للبرك الطبيعية صيانة شاملة لثلاثة طرق رئيسة في إقليم الشمال تجارة الأردن : فرص واعدة لقطاع تكنولوجيا المعلومات في أوزبكستان وكازاخستان

" جنرالات الفضائيات" و "المسولفون السياسيون " : من غزة إلى البنتاغون.. من يحكم لعبة الدماء؟

 جنرالات الفضائيات و المسولفون السياسيون  : من غزة إلى البنتاغون.. من يحكم لعبة الدماء؟
" جنرالات الفضائيات" و "المسولفون السياسيون " : من غزة إلى البنتاغون.. من يحكم لعبة الدماء؟

القلعة نيوز:
أحمد عبدالباسط الرجوب

كاتب وباحث استراتيجي اردني

في استوديوهات الفضائيات المكيفة، بين خرائط التفاعل وشاشات اللمس، يجلس "جنرالات" لم يشمّوا رائحة البارود، ينظّرون لمعارك لم يخوضوها. إنهم جيل من المحللين الذين بنوا سمعتهم على حربٍ واحدة مجيدة (1973)، ثم عاشوا عقودًا يختبرون الحرب افتراضيًا، منقسمين بين نصوص كتب تاريخية قديمة وأجندات قنواتهم. بينما في العالم الحقيقي، تُصنع القرارات في لقاءات بين بوتين وترامب، وفي قمم مجموعة السبع، وفي الممرات السرية حيث يراقب التنين الصيني العالم. فكيف نقرأ واقعنا بعيدًا عن ضجيج "الاستوديوهات" ونفهم لعبة القوى الكبرى التي تتحدى المعجزات؟

(1)

الجنرالات الافتراضيون: إرث حقيقي وخبرة افتراضية

صحيح أن حرب أكتوبر 1973 كانت لحظة فارقة، لكن تحويل هذه الخبرة المحدودة إلى مرجعية مطلقة لكل صراع لاحق هو المشكلة. العالم العسكري اليوم يعتمد على الطائرات المسيرة والحرب الإلكترونية والميليشيات، وتحليلها بمنطق حروب الجيوش النظامية هو قياس مع الفارق. الكثير من "الخبراء" يحاولون تطبيق نظريات من كتب تاريخية على واقع معقد مختلف، مما يفقد التحليل مصداقيته.

(2)

السياسيون – المسولفون - "تحت الهواء": أجندة القناة فوق الحقيقة

أما المحلل السياسي - سوالف حصيدة -، فغالبًا ما يكون دوره مكملاً للرواية التي تريدها القناة. عبارة "حسب هواء المحطة" تختزل الإشكلة. يستخدم هؤلاء مصطلحات فضفاضة لإضفاء عمق مزيف، بينما الحوار أصبح "مونولوج" جماعي يخدم رسالة القناة الممولة، بعيدًا عن تحليل المصالح الحقيقية.

(3)

المشهد الحقيقي: حيث تتصارع القوى.. وتتحدى المعجزات

هنا يجب أن ننتقل من التحليل الضيق إلى الرؤية الشاملة. الأحداث في غزة وسوريا ليست سوى ورقة في صراع كوني أعظم.

· لقاءات تهُز العالم: عندما يلتقي بوتين وترامب، أو عندما يجتمع ترامب مع القادة الأوروبيين، فإنهم لا يتحدثون عن "حل الدولتين" أو "المعاناة الإنسانية" كقضايا أخلاقية، بل كمفاوضات على النفوذ. هذه اللقاءات هي حيث تُرسم الخرائط، وتُحدد مناطق النفوذ، وتُتخذ الصفقات. القوة هنا تتحدى المعجزات؛ فالقوي يفرض شروطه، والمصلحة تحجب الضمير، والضعيف – حتى لو كان صاحب قضية عادلة – يصبح مجرد رقم في معادلة كبرى.

· تحالفات الظل والتنين المراقب: التحالفات السرية (الصينية-الروسية-الكورية الشمالية) ليست بالضرورة "سرية" بقدر ما هي تحالفات غير معلنة بشكل كامل ومبنية على المنفعة المتبادلة ضد هيمنة الغرب. الصين، كـ"تنين" صاعد، تراقب بعناية فائقة. هي لا تريد حربًا مفتوحة، بل تريد تفكيك النظام العالمي القديم وإعادة تشكيله لصالحها. تدعم روسيا بالتقنيات وتشتري النفط الإيراني وتدعم كوريا الشمالية كعامل إلهاء واستفزاز لأمريكا وحلفائها. هذه الشبكة المعقدة من المصالح هي التي تحدد كم الدعم الذي تحصل عليه إيران، وبالتالي حلفاؤها في المنطقة، مما يؤثر مباشرة على الوضع في سوريا واليمن ولبنان وغزة.

(4)

انفجار "البارورد العالمي": النظام العالمي على المحك

"وسينفجر البارورد العالمي" ونقصد بها النظام العالمي أو( World Order) هي لب القضية. النظام العالمي القائم على الهيمنة الغربية الأمريكية الذي تشكل بعد الحرب العالمية الثانية يشهد تصدعات هائلة. صعود الصين، وعودة روسيا، وتنامي القوى الإقليمية، وأزمات الاقتصاد العالمي، كلها عوامل تدفع نحو فوضى استراتيجية أو "انفجار للبارود العالمي". في هذه الفترة الانتقالية الخطيرة، تصبح المناطق مثل الشرق الأوسط ساحة اختبار لهذه القوى، وميدانًا لتصفية الحسابات بالوكالة، مما يطيل أمد نزاعاتها ويزيد من معاناة شعوبها.

(5)

الجمهور يُغِيّر القناة: ملل الضجيج وغياب المحتوى

ولا يقتصر الأمر على تحليل هؤلاء "الجنرالات الافتراضيون" و"المسولفون السياسيون" فحسب، بل يمتد إلى استحواذهم شبه الكامل على شاشات جميع الفضائيات العربية بلا استثناء. فهم يُستضافون في حلقة مفرغة، يدلي كل منهم بدلوه في نفس "أبار" التحليل المُستهلك، الذي لا يختلف كثيرًا في محتواه عن مخزون المحللين في القنوات العالمية، بل وأحيانًا يتشابه حتى مع روايات قنوات دولة الكيان المغتصب، ليقدم للجمهور العربي وجبة واحدة مكررة تحت عناوين مختلفة. هذه الدائرة المغلقة من الأصوات المتنافرة في الظاهر، المتوافقة في الجوهر، أدت إلى حالة من القطيعة الجماهيرية. لقد أصبح المواطن العربي – وأنا منهم – قليلاً ما يتابع هذه الفضائيات، بل ونادرًا في كثير من الأحيان، بعد أن أدى المحتوى المكرر والمنفصل عن واقع الصراع الكوني إلى إدخاله في حالة من الضجر والملل والسأم، فاختار أن يغيّر القناة بحثًا عن الحقيقة أو صمتًا عن الضجيج.

(6)

خاتمة: نحو قراءة تتجاوز الضجيج

لم نعد نستطيع تحمل ترف الوهم. الأمة تواجه تحديات وجودية، ولكي نفهمها يجب أن نرفع أبصارنا عن شاشات الفضائيات الضيقة:

· نقرأ التاريخ لا "كسجن "، بل كدليل لفهم أنماط الصراع...(باختصار، "التاريخ كدليل" يعني استخدام الماضي كمخزون معرفي لفهم قواعد اللعبة الكونية، وليس ككتالوج للحلول الجاهزة)..

· نفهم أن بوصلة الحكام الكبار (الروس، الأمريكيين، الصينيين) هي المصلحة البحتة، وليس المبدأ.

· نرى كيف أن الأحداث المحلية ليست سوى شرر ناجم عن اشتعال البَارُودِ العَالَمِيِّ.

· نطالب محطاتنا بمحللين يفكون شيفرات هذه اللعبة الكبرى، ويخبروننا بالحقيقة المرة: أن القوة هي التي تحكم العالم، وأن طريقنا للنجاة يبدأ بإدراك هذه المعادلة القاسية وبناء قوتنا الخاصة within (ضمن) هذه المعادلة العالمية المتغيرة، قبل أن ينفجر العالم من حولنا ونحن غارقون في سجالات الاستوديوهات.