
الخطاب الهاشمي في الدوحة
لقد شكل العدوان الإسرائيلي على العاصمة القطرية الدوحة صدمة للوجدان
العربي وإهانة بالغة للوعي القومي العربي اذ ان الرسالة التي نجحت إسرائيل في
ايصالها للعالم، هي انه لا يوجد كيان على وجه هذه البسيطة في مفازة من البطش
الصهيوني وان ذراع الموساد و جيش الاحتلال لن يأمنها احد مهما تماهى بالتطبيع مع
الدولة الإسرائيلية و حجم القرب من صانع القرار في الولايات المتحدة الامريكية.
وحيث ان الانظمة العربية ومعها بعض الدول ذات الأغلبية المسلمة تداع لعقد
قمة تضامن مع دولة قطر مساء 15-9-2025 وقدم مندوبو الدول المشاركة خطابات تجيش
بالمشاعر النبيلة وتفيض بعبارات التضامن مع الدوحة في مواجهة العدوان الإسرائيلي، الا ان خطاب جلالة الملك عبدالله الثاني بن
الحسين حفظه الله ورعاه شكل خارطة طريق واضحة المعالم في التعامل مع العدوان
الإسرائيلي السافر و يكاد يكون الخطاب الوحيد الذي وضع يده على أساس المشكلة وهي
استمرار آلة القتل والتدمير في قطاع غزة.
فقد وضّح جلالة الملك حفظه الله ورعاه ان دولة الاحتلال لم تترك وسيلة
للقتل والتدمير والتشريد والتهجير الا واستخدمتها في غزة لتغيير معالم القطاع الديمغرافية
والجغرافية وان استهداف الدوحة ليس الا احد أدوات الرعب التي تمارسها ضد من يمثلوا
قطاع غزة في مارثون المفاوضات المستمر منذ قرابة العامين والذي لعبت فيه الدوحة
والقاهرة دور الوسيط بناءاً على طلب رسمي من الولايات المتحدة ودولة إسرائيل
ذاتها.
استخدم جلالة الملك مصطلح "التمادي" لوصف السلوك الإسرائيلي في
المنطقة سواءاً أكان في غزة او في الضفة او ما جرى من عدوان سافر على الدوحة عاصمة
امارة قطر التي كانت من أوائل الدول العربية التي بدأت بالتطبيع التجاري مع دولة
إسرائيل، ليسلط الضوء على الصلف والتعدي ووهم التفوق السياسي والعسكري والأخلاقي
الذي تدعيه دولة الاحتلال.
ان الصدمة التي تركتها الغارة الإسرائيلية على دولة قطر الشقيقة ليست الا
تذكيراً بان دولة الاحتلال الإسرائيلي لا ترى بدول المنطقة الا اقطاعيات وأنظمة
هشة تسمح لنفسها بتجاوز شرعية هذه الأنظمة لتنفيذ عمليات اغتيال و قتل و زعزعة
لأمن هذه الدول وقتما تشاء وهو الامر الذي أكد عليه جلالة الملك في خطابه في
الدوحة وقد طالب جلالة الملك بترجمة حالة الغضب و التضامن العربي الإسلامي الى
خطوات عملية لمواجهة خطر و تعنت إسرائيل بما في ذلك إجراءات واضحة لدعم صمود اهل
غزة و حماية سكان الضفة الغربية من التهجير والحاق الضفة الغربية بإدارة إسرائيل
ووأد اتفاق أوسلو.
نعم لقد أوجز جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين المعظم في خطابه وفي
ثلاث دقائق تشخيص الحالة العربية وقدم خارطة طريق متكاملة لمواجهة التعنت والصلف
الإسرائيلي و حماية ما تبقى من الحلم العربي في قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة و
حماية المصالح القومية العربية و الامن القومي العربي المشترك.
ما يمز خطاب جلالة الملك الهاشمي وهو الاقدم في الحكم بين نظراءه العرب و الأكثر خبرة و الأعلى تعليماً بينهم
انه خطاب قانوني عقلاني منطقي متجرد من الحشو العاطفي والبلاغي.
وتبقى المسؤولية على باقي الحكام
العرب في الاستماع لهذا الخطاب الذي يجب ان يكتب بمداد من ذهب ويعلق على جدار
جامعة الدول العربية و منظمة الدول الإسلامية لما فيه عبر و هدايات تمثل منارةً
لمن القى السمع و هو شهيد.
حفظ الله فلسطين
حفظ الله قطر
حفظ الله الأردن وسائر بلاد العرب والمسلمين