شريط الأخبار
تيسير ابو عرابي العدوان... اسمٌ يفرض احترامه في الدائرة الثالثة للعاصمة عمان ترامب يفكّر بشنّ غارات على الأراضي الفنزويلية ضدّ كارتيلات المخدرات مصدر امني : الامن لم يدخل إلى الجامعة الأردنية الأردن يشارك في احتفالية يوم الوثيقة العربية واجتماع لجنة ذاكرة العالم العربي بالدوحة الجامعة الأردنية تُحيل طلبة إلى لجنة القضايا لاتخاذ إجراءات تأديبية الملك والرئيس الهنغاري يؤكدان أهمية التعاون في التعليم والسياحة "هيئة الإدارة العامة": من يُولد اليوم سيحتاج 73 عامًا لينال وظيفة حكومية (فيديو) مشاجرة في الجامعة الأردنية إرادة ملكية بتعيين قاضٍ جديد لمحكمة القدس الشرعية الأردن يوافق على ترشيح سفير صيني جديد في عمان إرادة ملكية بتعيين قضاة لدى محكمة عمان الابتدائية (أسماء) موظفون حكوميون إلى التقاعد (أسماء) هل تريد حقا؟؟ الرواشدة يستقبل وفدًا من حزب المحافظين الأردني محادثات المرحلة الثانية من اتفاق غزة.. نزع سلاح حماس وانسحاب إسرائيل الكشف عن أبرز 3 دول مرشحة للمشاركة في قوة الاستقرار بغزة وزير المالية السوري: العقوبات خلفنا وسوريا "ستكون ماليزيا" خلال 5 سنوات الجيش الإسرائيلي: الاستعدادات مستمرة مع مصر لفتح معبر رفح نتنياهو: "المعركة لم تنته" في غزة والمنطقة سؤال نيابي حول شراء 20 سيارة لاند كروزر جديدة لوزارة المياه

الفاهوم يكتب : نحو اقتصاد المعرفة: الجامعات الأردنية بوابة الابتكار والاستثمار

الفاهوم يكتب : نحو اقتصاد المعرفة: الجامعات الأردنية بوابة الابتكار والاستثمار
الأستاذ الدكتور أمجد الفاهوم
في عالمٍ يتسارع فيه التحول من الاقتصاد التقليدي إلى اقتصاد المعرفة، تصبح الجامعات أكثر من مجرد مؤسسات أكاديمية؛ إنها معامل للابتكار ومصانع للعقول القادرة على إنتاج القيمة المضافة. وفي هذا الإطار، عقد المنتدى الاقتصادي الأردني جلسة حوارية بعنوان «نحو اقتصاد المعرفة: الجامعات الأردنية كحاضنة للابتكار والاستثمار»، استضاف فيها رئيس الجامعة الألمانية الأردنية الدكتور علاء الدين الحلحولي، بحضور رئيس المنتدى مازن الحمود وعدد من أعضاء مجلس الإدارة والهيئة العامة. أدار الجلسة الدكتور سامر المفلح الذي أكد أن التحول إلى اقتصاد المعرفة يتطلب جسورًا متينة بين القطاعين الأكاديمي والخاص، بحيث تتحول الأفكار البحثية إلى مشاريع إنتاجية واقعية تسهم في النمو الاقتصادي وتوليد فرص عمل مستدامة.
قدّمت الجامعة الألمانية الأردنية (GJU) نموذجًا عمليًا لهذا التوجه، إذ اعتمدت منذ تأسيسها قبل عشرين عامًا على فلسفة التعليم التطبيقي، عبر شراكات واسعة مع 120 جامعة ألمانية وأكثر من 5000 شركة في مجالات الصناعة والخدمات والتقنية. ويمضي طلبتها عامًا كاملاً في ألمانيا ضمن برنامج "السنة الألمانية”، يجمعون فيه بين الدراسة الأكاديمية والتدريب المهني، ما يجعلهم أكثر قدرة على الاندماج في سوق العمل المحلي والدولي. وتشير الإحصاءات إلى أن نحو 92٪ من خريجي GJU يحصلون على وظائف خلال الأشهر الستة الأولى من تخرجهم، وهو دليل على نجاح ربط التعليم بالتطبيق والبحث بالإنتاج.
لكن نجاح تجربة GJU لم يأتِ بمعزل عن منظومة جامعية وطنية بدأت تتلمس طريقها نحو التغيير. فقد أدركت جامعات أردنية أخرى – مثل جامعة اليرموك والجامعة الأردنية والجامعة الحُسينية التقنية – أن دورها لا يمكن أن يبقى تقليديًا يقتصر على التدريس وإصدار الشهادات، بل يجب أن يتحول إلى قيادة الابتكار وربط المعرفة بالتنمية.
تُعد جامعة اليرموك نموذجًا بارزًا في هذا التحول، إذ أنشأت خلال السنوات الأخيرة مركز الابتكار وريادة الأعمال، الذي يعمل كجسر بين الطلبة والقطاع الصناعي في شمال المملكة. يقدّم المركز برامج حاضنات أعمال، ودورات في ريادة المشاريع التكنولوجية، ويشجع على تطوير حلول ذكية لمشكلات حقيقية في مجالات الطاقة، والصحة الرقمية، والتعليم الذكي. كما أطلقت الجامعة بالتعاون مع شركاء أوروبيين برنامجًا لدمج مفاهيم "ريادة الابتكار” في المناهج الأكاديمية، مما مكّن مئات الطلبة من تحويل أفكارهم إلى مشاريع ناشئة قابلة للنمو، بعضها وصل إلى مراحل التمويل الأولي من حاضنات وطنية ودولية.
في المقابل، تعمل الجامعة الأردنية على تعزيز منظومتها البحثية عبر "مكتب نقل التكنولوجيا” الذي يُعنى بحماية الملكية الفكرية وتسويق الابتكارات البحثية، فيما تركّز جامعة الحُسين التقنية على النموذج التقني التطبيقي عبر شراكات مع القطاع الصناعي المحلي في مجالات الاتصالات والطاقة المتجددة. أما جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية فتمثل محورًا وطنيًا في البحث العلمي التطبيقي، إذ تُعدّ من أكثر الجامعات الأردنية إنتاجًا للبحوث المسجلة في قواعد "سكوبس”، بنسبة تتجاوز 22% من إجمالي النشر العلمي الأردني.
هذه التجارب تشير إلى أن التحول نحو اقتصاد المعرفة ليس شعارًا بل مسارًا متدرجًا بدأ يثمر، خاصة مع زيادة الوعي بدور الجامعات في التنمية الاقتصادية. فوفقًا لتقرير البنك الدولي لعام 2024، يمكن لزيادة الاستثمار في البحث العلمي بنسبة 1٪ من الناتج المحلي الإجمالي أن ترفع معدل النمو الاقتصادي بمقدار 0.7٪ سنويًا. وهي معادلة تؤكد أن دعم الابتكار الجامعي ليس ترفًا أكاديميًا، بل ضرورة استراتيجية لتحسين الإنتاجية واستدامة النمو.
غير أن هذا التحول يواجه تحديات حقيقية، أبرزها محدودية التمويل المخصص للبحث العلمي، وضعف التشبيك المنهجي مع القطاع الخاص، وغياب نظام وطني موحد لتقييم أثر المشاريع البحثية. لذا هنالك ضرورة لتفعيل المنصة الوطنية للابتكار المفتوح والتي تربط الجامعات بالشركات عبر تحديات واقعية، وتفعيل دور لجنة الريادة والابتكار في صندوق دعم البحث العلمي وتفعيل صناديق استثمار جامعية لدعم الأفكار الواعدة، مع تعديل الأنظمة لتشجيع الباحثين في الجامعات على تأسيس شركات ناشئة دون قيود بيروقراطية.
إن ما يجري اليوم من حراك فكري ومؤسسي يؤكد أن الجامعات الأردنية تتجه بخطى ثابتة نحو التحول إلى محركات للاقتصاد المعرفي. وإذا ما توفرت الإرادة والتمويل والرؤية المشتركة بين الدولة والقطاع الأكاديمي والخاص، فإن الأردن قادر على أن يصنع من جامعاته بيئة خصبة للابتكار والإنتاج، تُخرّج قادة المستقبل لا طالبي وظائف، وتحوّل المعرفة إلى استثمار مستدام يبني اقتصادًا قائمًا على الإبداع والعقل الأردني المبدع.