شريط الأخبار
الإفراج عن الداعية السعودي الشيخ بدر المشاري الحكومة تتوقع إصدار جدول تشكيل الوحدات الحكومية منتصف العام الحكومة تطلب "احتساب المكافآت" لـ ممثليها في مجالس الإدارة إيفانكا ترامب تذهل الجميع بفستانها الأنيق في حفل تنصيب والدها - شاهد بالصور الصفدي ⁦‪‬⁩يعقد لقاءات موسعة مع نظرائه وزراء خارجية دول أجنبية وعربية ومسؤولين أمميين في دافوس ولي العهد: خلال أعمال المنتدى الاقتصادي العالمي الصفدي: أمن الأردن يحميه الأردنيون وتفجر أوضاع الضفة يؤثر على المنطقة ولي العهد يلتقي رئيس الوفد البحريني المشارك في المنتدى الاقتصادي العالمي وزير الخارجية: المنطقة تحتاج أن نتقدم فعلا في إنهاء الحرب على غزة والضفة الغربية ترامب يتوعّد روسيا بعقوبات إذا لم تتوصّل "فورا" إلى حل للنزاع مع أوكرانيا مبعوث ترامب: سأذهب لغزة للتحقق من وقف إطلاق النار "النواب" يُحيل مشاريع قوانين إلى اللجان النيابية المُختصة وزير الشؤون السياسية: مسيرة التحديث حصنت الأردن وجسدت أهم عناصر قوته إدارة ترامب تقبل استقالة السفيرة الأمريكية لدى الأردن الشيباني: رفع العقوبات الدولية هو مفتاح استقرار سوريا وزير الطاقة: 13 مذكرة لاستخراج الثروات الطبيعية في الأردن ولي العهد يشارك في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس الموعد والقنوات الناقلة لمباراة مصر وأيسلندا في مونديال كرة اليد بوتين يعلن ارتفاع عائدات روسيا غير النفطية بنسبة 26% في عام 2024 إسرائيل تعرض تسليم أسلحة روسية استولت عليها من غزة ولبنان إلى أوكرانيا

د. الدباس يكتب : الاستراتيجية الامريكية وإنتاج الحركات الإسلامية المتشددة: محطة استراحة دون توقف

د. الدباس يكتب : الاستراتيجية الامريكية وإنتاج الحركات الإسلامية المتشددة: محطة استراحة دون توقف

القلعه نيوز - د. خالد مفضي الدباس*

لوحظ في الآونة الأخيرة وتحديدا خلال العقدين الماضيين التزايد المضطرد في أعداد ونشاط الحركات الإسلامية المتشددة، فما أن تخبو حركة متشددة حتى تظهر في الأفق حركات أخرى اكثر تشددا باتجاهات جديدة، أو منبثقة عنها، وقد كانت النتائج كارثية في جميع الأحوال، وقد انعكست على الدولة، والمجتمع والمنظومة القيمية، فبدت الصراعات المسلحة، والتناحرات الطائفية هي التي تسيطر على المشهد الاقليمي، حيث انهارت الدولة، وانهار المجتمع، وأصبحت المنطقة العربية ميدانا للتدخل الدولي.

فقد عملت الإدارة الامريكية بعد تفردها بقيادة النظام العالمي في بداية التسعينات من القرن المنصرم على خلق مناخ سياسي واقتصادي وفكري ملائم يخلق لها بيئة آمنة يمكنها من التواجد المستقر والتأثير المستمر في المجتمعات العربية والإسلامية بهدف خلق عقل جمعي مبرمج وفقا للنمط الغربي، الأمر الذي يدخل هذه المجتمعات في حالة من عدم التوازن ويجعلها قابلة للاختراق. وقد أشار إلى ذلك بريجنسكي بقوله إن” التشديد الأميركي على الديمقراطية السياسية والتطوير الاقتصادي يتحدان معاً ليـنقلا رسالة إيديولوجية بسيطة تغري الكثيرين… وإذ تغزو الطرائق الأميركية العالم بالتدريج فإنها تخلق الوسط الأكثر ملاءمـة لممارسـة الهيمنة الأميركية غير المباشرة والتي تبدو كأنها ذات طابع يوجد إجماع عليه، وهكذا تتدعم السيادة العالمية الأمريكية بوساطة منظومـة دقيقـة مـن التحالفـات والائتلافات تمتد في كل أنحاء العالم”.

وقد استخدمت الادارة الامريكية وسائل علمية مدروسة لتحقيق ذلك من خلال التوظيف السياسي للنظريات العلمية ومنها ”

نظرية الفوضى الخلاقة” ونظرية "أثر جناحي الفراشة”،

وقد اختلف الباحثون في شأن هذه النظريات الى اتجاهات مختلفة، فالاتجاه الاول يعتبر أن استخدام تعبير "الفوضى الخلاقة” ما هو إلا تلاعب بالألفاظ وتزوير للحقائق لصك مفهوم جديد؛ حيث تصبح الفوضى "خلاقة” و "بناءة” مقترنة بالصور الايجابية. اما الاتجاه الثاني، فيذهب قولا إلى أن استخدام مصطلح "الفوضى الخلاقة” قد جاء لتضليل الرأي العام العالمي نتيجة الفشل الاستراتيجي الذي ارتكبته الإدارة الامريكية بعد احتلالها للعراق، وليس مجرد تلاعب بالألفاظ، فقد كانت الفوضى نتاج غياب الاستراتيجية وليست استراتيجية. اما الاتجاه الثالث، فيفضي الى القول بأن الفوضى هي خيار استراتيجي ينطوي على مغامرة كبرى بغرض الوصول إلى نتائج مرغوب فيها دون وجود ضمانات لتحقيق الاهداف، وهو منهج براجماتي حيث لا تكون الفوضى مرغوبة الا بمقدار ما تحقق من نتائج.

من جهة أخرى، أوضحت نظرية "جناحي الفراشة” المنبثقة عن نظرية الكايوس(الفوضى) إنَّ بعضَ الأمور التي لا تبدو مُهِمَّة فإنَّها قد تحدث تأثيرًات بالغًة في جوانب أخرى قد تبدوا بعيدة فالأحداث الصغيرة من شأنها أنْ تنتج كوارثَ كبيرةً غير متوقعة في المستقبل، فما يبدو بالمجمل غير مترابط هو في الأصل مُترابط جدًّا ومتسلسل، والبحث في التفاصيل يظهر هذا الترابط غير المنظور. وضمن هذا السياق فقد تم توظيف حركات الإسلام السياسي المتطرفة في المنطقة العربية بما يتوائم ومصالح الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها، وقد بدا هذا التوظيف بشكل واضح في أعقاب انتهاء الحرب الباردة. فقد ادركت الإدارة الامريكية ان إعادة إنتاج الحركات الإسلامية المتشددة في منطقة المشرق العربي مرتبط بشكل وثيق بإعادة إنتاج الصراع في المنطقة العربية، واعادة تشكيلها بما يحقق مصالح الامريكية وحلفاؤها الإقليميين بمن فيهم الكيان الصهيوني. فقد لوحظ في العقدين السابقين وتحديدا بعد أحداث 11 سبتمبر /عام 2001 و الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003، التزايد المضطرد في نشاط الحركات الإسلامية وأعدادها في المنطقة العربية، فما أن تختفي حركة متشددة حتى تبرز في الأفق حركات أخرى اكثر تشددا مما يولد مزيدا من الصراع وخاصة في الدول التي تستهدفها الولايات المتحدة الأمريكية.

وقد أسهمت هجمات الحادي عشر من سبتمبر في توفير فرصة كبيرة أمام الإدارة الأمريكية لتنفيذ أجندتها سواء على صعيد المنطقة العربية، أو غيرها من المناطق بما يقتضيه ذلك من ضرورة استحداث نظريات جديدة تبرر هذا التدخل. فقد أصبح التعامل مع قضايا الإرهاب الدولي أحد أهم أولوياتها ، حيث أدركت الولايات المتحدة فشل أدوات الردع والاحتواء لمكافحه الإرهاب، وأقرت استراتيجية الحرب الاستباقية التي لا تستهدف الإرهاب فقط ولكن كل من يرعاه ويدعمه من وجه نظرها ،أو من لا يخضع للقواعد الأمريكية لمكافحه الإرهاب. وبذلك استطاعت الولايات المتحدة تحقيق استراتيجيتها العظمى في جعل القرن الحادي والعشرين قرناً أمريكيا عبر الدخول من بوابتين : الأولى- بوابة الإرهاب والثانية: التذرع بفكرة تهديد الأمن والسلم الدوليين من قبل الدول المارقة في النظام الدولي وذلك عبر سعيها لامتلاك أسلحة الدمار الشامل والهدف الأمريكي من وراء ذلك هو حشد التأييد الدولي اللازم لإضفاء الصفة الشرعية على السياسة الأمريكية المزمع تنفيذها.

وقد مثل الإرهاب الإطار الشرعي والمناسب لتبرير أية سياسة تنتهجها الولايات المتحدة على اعتبار أنها أولى ضحاياه وأنها الأحق بتصفيته في أي مكان في العالم ضمن إطار السياسات الوقائية والانتقامية. فقد اعتبرها الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن في خطابه أمام الكونغرس بتاريخ 20/سبتمبر/2001 ” بأنها ستكون الأفظع والأقسى من أي حرب دخلتها أمريكا من قبل وانها تبدأ بالقاعدة ولكنها لا تنتهي عندها وأنه كل أمة ستستمر في احتضان أو دعم الإرهاب ستعتبرها الولايات المتحدة نظاما معاديا لها ” وان ” الولايات المتحدة الأمريكية سوف لا تميز بين الذين اقترفوا هذه الأعمال والذين يأوونهم” وقد استطاعت الولايات المتحدة تحقيق جملة من الأهداف في المنطقة العربية تحت ذريعة محاربة الإرهاب، والجماعات المتطرفة، ومن هذه الأهداف:

· تغيير النظم التقليدية وإعادة إنتاج نظم جديدة تتبنى خلق مصالح مشتركة مع الكيان الصهيوني عن طريق إعادة تشكيل بنية الصراع في المنطقة وتوجيهه وتبديل أطرافه وتغيير الأدوار المنوطة بكل طرف وإعادة تركيب مكونات الإقليم. فقد تم إثارة نزعة الأقليات والحرب الطائفية بين المسلمين (إسلام شيعي وإسلام سني وإسلام كردي) وتجلى ذلك بشكل واضح في التجربة العراقية وقد انعكس ذلك برمته على دول المشرق العربي.

· ضمان هشاشة الدولة العربية فحسب مؤشرات مدركات الفساد منذ عام 2005 إلى عام 2018 كانت هناك سبع دول عربية ضمن قائمة الدول العشرة الأكثر فسادًا في العالم وتضم كلا من العراق وليبيا والصومال وموريتانيا والسودان واليمن وسوريا .

· أصبحت النظم العربية مخترقة وأكثر انكشافا. فحسب الدراسة المعدة من قبل ليون كارل بروان فأن إقليم الشرق الأوسط والدول الإفريقية قد تم الاستحواذ عليها(Gobbled) وهي تاريخيا من اكثر الأقاليم اختراقا من قبل الدول الغربية. ويعد النظام الإقليمي العربي مثالا صارخا في مجال الاختراق حيث تتوفر البيئة المناسبة والناشئة عن التهديد العربي- العربي حيث تهدد الدول العربية بعضها البعض مما يدفع كل منها للبحث عن حليف خارجي.

· تغيير أدوار اللاعبين وقواعد اللعبة السياسية في المنطقة فالدول الصغيرة أصبحت تؤدي أدوارا كبيرة ، أما الدول العربية الكبرى فقد أصبحت مهمشة كمصر وتم إخراج العديد من الدول العربية المحورية من الساحة نهائيا كالعراق وسوريا وليبيا والتي أصبحت ساحة للاحتراب الداخلي والفتنة الطائفية والمذهبية.

· تحويل مجرى الصراع ليكون صراعا بينيا على المستوى العربي والإسلامي واستبعاد فكرة العداء مع أمريكا وإسرائيل، بل إن الأمر يتخطى ذلك إلى تسارع الدول العربية والإسلامية في الحصول على الدعم الأمريكي سياسياً وعسكرياً واقتصادياً في المواجهات البينية. فقد تم إذكاء الصراع بين الدول العربية السنية وايران وتكريس الانقسام في المنطقة العربية وإجهاض أي مشروع وحدوي وتبديل خارطة التحالفات الإقليمية بحيث يجري الاتجاه إلى بناء تحالف عربي – إسرائيلي بهدف مواجهة المد الإيراني في المنطقة.

· إعادة تشكيل المعطيات القائمة للثقافة الدينية السائدة في الشرق الأوسط تشكيلا إيجابيا نحو الديمقراطية والمشاركة السياسة وحقوق الأنسان وتغيير المناهج وذلك بهدف تغليب التيارات المعتدلة بحيث تكون ذات طابع تطوري وسلمي ولذلك فأن من الأدوار الرئيسية لنظرية الفوضى الخلاقة إعادة إنتاج نموذج إسلامي جديد وبرؤية جديدة ويتأتى ذلك عن طريق تشويه صورة الحركات الإسلامية التي لا تتوافق توجهاتها مع الإدارة الامريكية، وخاصة تلك التي تتبنى الجهاد كوسيلة للتخلص من الهيمنة الأمريكية والغربية.

وتشير العديد من الدراسات ان هناك تعاونا وثيقا بين مراكز البحوث في الولايات المتحدة الأمريكية وبين السياسة الامريكية ،فالتوظيف السياسي للنظريات العلمية قد افرز نتائج سياسية عظيمة في الحسابات النهائية تصب في المصلحة الأمريكية. فهنالك ترابط عضوي وجوهري بين الأحداث الكونية. فقد أظهرت الكايوس أن الأمور البسيطة ستفضي إلى نتائج عظيمة في المستقبل. فربط الإسلام بالإرهاب وتضخيم خطر الحركات الإسلامية قد افضى إلى نتائج مرعبة وتداعيات خطيرة حيث عانت المنطقة العربية والدول العربية من ويلات الصراعات الداخلية فالدول التي كانت تناوئ أو تشكل خطرا على المصالح الصهيو-امريكية بشكل أو باخر أصبحت مرتعا للاحتراب الداخلي وساحة صراع للجماعات المسلحة بما فيها الجماعات الإسلامية المتطرفة.

وأخيرا وليس اخرا، حري بنا القول ان اهداف ومرامي السياسة الامريكية وحلفاؤها وتحديدا الكيان الصهيوني لم تبلغ ذروتها بعد، فإذا كانت ” محطة كورونا” قد تصدرت الاحداث، ووارت عن الأنظار الحديث عن قضايا الإرهاب والجماعات الإسلامية المتشددة، فأن المشهد السياسي لم يكتمل بعد..

* استاذ العلوم السياسيه في جامعة اليرموك – عن راي اليوم -اللندنية