
قراءة في منهاج النبوة في صناعة جيل الصحابة...
القلعة نيوز ـ
ما الذي حدث مع صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم الذين نزلت فيهم الآية:
"قُل لِّلَّذِینَ آمَنُوا۟ یَغۡفِرُوا۟ لِلَّذِینَ لَا یَرۡجُونَ أَیَّامَ ٱللَّهِ لِیَجۡزِیَ قَوۡمَۢا بِمَا كَانُوا۟ یَكۡسِبُونَ" (الجاثية: 14).
هو أنهم هم من فاز في النهاية، وكل من كان حولهم دان لهم رغبةً ورهبةً في النهاية.
الفكرة أصبحت عقيدة، وهم يعلمون تمامًا ما هو أصل فيها وما هو فرع فيها، وكيف يحملونها إلى غيرهم، وما هو قابل للتفاوض وما هو غير قابل للتفاوض.
قد ينحرف واحد منهم عن المنهج لضعف أو لعدم وصول الفكرة بشكل سليم أو أو... وما قصة عمر مع المهور وتحديدها، وقصة حاطب وغيرهم، ولكن في مجملهم وفي مجموعهم كان المنهج الرباني واضحًا.
طريق العطاء هو في الحقيقة طريق البناء للأسرة الصغيرة التي لا تنهض إلا إذا كان هناك من يقوم عليها، ويعمل على تقديم ما تحتاجه ولو على حسابه الشخصي. وهذا ينطبق تمامًا على العشيرة، ويتضح بصورة بالغة مع الوطن، ويتحقق مع الرسالة أو المبدأ في بناء الأمم.
الصحابة رضوان الله عليهم سعوا إلى تقديم كل ما يطلبه المنهج أو الرسالة على كل رغباتهم الخاصة وحياتهم الخاصة ومشاعرهم الخاصة، فكانت النتائج أن هذه الأمة استطاعت أن تبني حضارة وأمة امتدت إلى يومنا هذا، وتحققت إرادة الله في الأرض.
ما أقف عنده هو ذلك المنهج الذي اعتمده الرسول صلى الله عليه وسلم ليبني هذا الجيل، وكيف خرج هذا الجيل من كل العناصر الخاصة التي تشكّل إنسان تلك الفترة بصفاته السلبية والإيجابية، ليكون إنسانًا مختلفًا تمامًا، إنسان صناعة حضارة، مستعدًا للتضحية، ومنضبطًا وفاعلًا ومنفعلًا وفق منهج واضح.
فهو لا يقدّم ما يقدّمه إنسان البادية البسيط، ولا ينصاع لرغبات ولا شهوات، وهو يملك نظرة ثاقبة تحدّد الهدف الذي يسعى إليه ليس بكليته فقط، بل بمجموع هؤلاء. فسعي عمر رضي الله عنه، ووحدة المنهج عند أبي بكر رضي الله عنه، يوضحان تمامًا ذلك، وجهاد خالد، وإخلاص أبي عبيدة، وأمانة السر عند حذيفة.
بين من يرجو ومن لا يرجو، مع قناعتي بأن الحياة دائمًا قائمة على تلك الفئة التي تعطي، وهي في الأغلب التي تأخذ معظم النتائج الطيبة، وإن كان لهذه القاعدة شواذ.
نجح الرسول صلوات ربي عليه في إيصال الروح والجسم والأعضاء لهم، فهم يعلمون تمامًا ما تقوم به الحياة وما تنتهي به الحياة لهذا المنهج.
فهل نعقل نحن؟
إبراهيم أبو حويله