ما هو المرسوم؟ المرسوم الذي أصدره الرئيس التونسي، الجمعة، يفرض عقوبة بالسجن خمس سنوات وغرامة مالية كبيرة على كل شخص ينشر "أخبارا كاذبة" أو "إشاعات" عبر الإنترنت.
وينص المرسوم على عقوبة بالسجن لمدة خمس سنوات وغرامة قدرها 50 ألف دينار تونسي، بحق أي شخص "يستخدم عمدا شبكات الاتصال وأنظمة المعلومات لإنتاج أو ترويج أو نشر أو إرسال معلومات كاذبة أو شائعات كاذبة"، وفقا لـ"الجريدة الرسمية" في تونس.
وينص الفصل 24 من قانون جرائم المعلومات والاتصال الذي صدر الجمعة، على عقوبة بالسجن خمس سنوات لنشر أخبار كاذبة أو معلومات كاذبة أو إشاعات بهدف الاعتداء على الآخرين أو الإضرار بالأمن العام أو بث الذعر.
وبحسب المرسوم، تصبح العقوبة "مضاعفة" وتصل إلى عشر سنوات، إذا كان المستهدف "موظفا عاما". حالة من الجدل أثار المرسوم حالة من الجدل بين النشطاء على موقع "فيسبوك"، بين ناقدين اعتبروا أن السلطات قد تستخدمه لـ"تكميم الإعلام أو إسكات المعارضين"، ومؤيدين للمرسوم بهدف ضبط "الأداء الإعلامي".
وقال رئيس نقابة الصحفيين في تونس، مهدي الجلاصي، إن "المرسوم انتكاسة جديدة للحقوق والحريات"، معتبرا أن "عقوبات النشر في أي شبكة هي ضربة قوية لقيم الثورة التي منحت الحرية للصحفيين ولعموم التونسيين"، وفقا لـ"رويترز".
وتواصل موقع "الحرة" مع نقيب الصحفيين في تونس، لكنه "لم يرد" على طلب التعليق.
من جانبه يري الكاتب والمحلل السياسي التونسي، باسل الترجمان، أن القرار يهدف لـ"مواجهة الشائعات التي انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي خلال عشر سنوات".
وفي حديثه لموقع "الحرة"، يشير إلى أن "صفحات التواصل الاجتماعي في تونس تحولت إلى وسيلة لنشر الكذب وهتك الأعراض وتشويه سمعة الناس في كافة المجالات"، معتبرا المرسوم "متناغم من طلبات سابقة لوقف تلك الممارسات".
إيجابيات وسلبيات رئيس تحرير صحيفة الأنوار التونسية، نور الدين العكاري، يتحدث عن "إيجابيات وسلبيات" لقرار قيس سعيد، وقال إن "المرسوم يغطى فراغا تشريعا في ظل وجود جرائم يتم ارتكابها تحت مسمى حرية التعبير".
وفي حديثه لموقع "الحرة"، يشير إلى "كتائب وجيوش إلكترونية لكافة الأحزاب والقوى السياسية" تسعى لـ"مهاجمة وسحل معارضيها وفرض آرائها على الآخرين"، مطالبا بـ"تطبيق القانون على كل المتجاوزين والمخالفين".
لكن في الوقت ذاته، أبدى العكاري "تخوفات فيما يتعلق بتطبيق القانون"، قائلا "القانون جاء دون تشاور بين مكونات المشهد الاتصالي والإعلامي والسياسي في تونس والعقوبات مبالغ فيها".
حرية الإعلام في خطر؟ منذ ثورة 2011، أصبح الإعلام في تونس من أكثر وسائل الإعلام انفتاحا في أي دولة عربية، حتى أن وكالة الأنباء المملوكة للدولة تنقل أخبارا "منتقدة للسلطات وتعطي مساحة للمعارضة"، وفقا لـ"رويترز".
ومنذ تولي قيس سعيد كامل السلطات في 25 يوليو 2021، أعربت منظمات غير حكومية محلية ودولية عدة عن أسفها لـ"تراجع"الحريات في تونس، وفقا لـ"فرانس برس".
وقالت بعض المنظمات إن قرارات سعيد أدت إلى زعزعة الديموقراطية في البلاد التي انطلقت منها ثورات ما عرف بـ"الربيع العربي" في العام 2011.
وفي تقرير تم نشره مطلع مايو، حذر الاتحاد الوطني للصحفيين من "تهديدات خطيرة" لحرية الصحافة في البلاد.
من جانبه يرى الترجمان أن"حرية الإعلام الرأي والتعبير مصانة في تونس"، مضيفا أن "قرار الرئيس التونسي يضع إطارا قانونيا لمعاقبة ناشري ومروجي الشائعات"، ما ينظم "الفضاء الإعلامي".
ويستهدف القرار وفقا للترجمان ضبط أداء بعض "المنصات الإعلامية" وخاصة تلك التابعة لجماعة الإخوان والتي تبث الشائعات ويتم استخدامها "لتشويه المعارضين للجماعة وتصفية الحسابات السياسية"، على حد تعبيره.
لكن العكاري يتحدث عن "المبالغة في العقوبات"، مؤكدا أنه "كان يجب إصدار القانون مع بداية عمل البرلمان الجديد العام القادم، حتى يتم التشاور حوله وأخد جميع الآراء الحقوقية والإعلامية والسياسية".
ويخشي العكاري أن يتم استخدام القانون لـ"تكميم الأفواه وإسكات المعارضين و ضرب حرية التعبير بصفة عامة".
عودة قوانين بن علي؟ في حديثه لـ"رويترز"، قال الجلاصي، إن القانون الجديد يشبه تلك القوانين التي استخدمها الرئيس التونسي الراحل، زين العابدين بن علي، لـ"تكميم أفواه المعارضين".
لكن الترجمان يرفض ذلك الطرح، قائلا " أين زمن بن علي؟ وأين قمع الحريات الذي يتحدث عنه البعض؟"، مشيرا إلى أن قرارات سعيد تهدف لـ"مواجهة منصات الكذب وتشويه سمعة الناس"، على حد تعبيره.
ويتهم البعض سعيد بالقيام بانقلاب في الصيف الماضي عندما تولى السلطة التنفيذية، والانتقال إلى حكم الرجل الواحد بسلسلة من المراسيم التي كرسها في دستور أقره استفتاء في يوليو، حسب "رويترز".
لكن سعيد نفى التصرف بشكل غير قانوني، وقال إن أفعاله كانت ضرورية لـ"إنقاذ تونس من سنوات من الركود والشلل السياسي وتفشي الفساد بين الطبقة السياسية".
المصدر- الحرة