القلعة نيوز : أثارت إزالة النصب التذكاريّ الذي يُخلّد شهداء اللّجون المهجرة في منطقة الروحة قضاء مدينة حيفا، في خطوة تمّت بعد نصبه بنحو أسبوعين؛ غضب المواطنين في مدينة أم الفحم، ولا سيّما لدى المهجّرين من اللجون، والذين نزحوا إلى المدينة، ومناطقها المجاورة.
وحسب تقرير أمير علي بويرات، كان النصب التذكاري قد وُضع خلال فعالية تخليد شهداء أم الفحم واللّجون المهجرة التي أقيمت يوم 26 آب/ أغسطس الماضي. وعمل على وضع النصب التذكاري، لجنة شهداء اللّجون وأم الفحم، وذلك بالتعاون مع نشطاء وقيادات من مدينة أم الفحم.
ويتمثّل النصب التذكاريّ بصخرة كبيرة تزن نحو طنّين ونصف الطن، نُحتت عليها أسماء شهداء اللجون، بالإضافة إلى آية من القرآن الكريم، وبيت من الشِّعر، وعلم فلسطين، ونقوشات جمالية؛ عمل على نحتها الفنان والشاعر عادل خليفة ابن مدينة أم الفحم.
وأُزيل النصب من قِبل ما تُسمّى بـ»دائرة أراضي إسرائيل»، وذلك بحجّة أن المكان محميّ من قبل الدولة، ويُمنع تنفيذ أي نشاط يتعلّق بالمبنى والمنطقة المحيطة به، بحسب لافتة عمَد مُزيلو النصب التذكاريّ إلى تثبيتها في المكان، بعد إزالة النصب، الأمر الذي أثار غضبا شديدا لدى مواطني المدينة.
وقال خليفة الذي عمل على نحت النصب التذكاريّ، إن «الفكرة نبعت من مجموعة من النشطاء والمهجرين الذين قرروا تخليد ذكرى الشهداء، والعنوان الأول شهداء ثورة عام 1936، وذلك لتخليد وترسيخ ذكرى الشهداء، خاصة في ذاكرة الأجيال المتعاقبة».
وفي سياق تعقيبه على بيان أصدرته «دائرة أراضي إسرائيل» بشأن إزالتها النصب التذكاريّ، قال خليفة: «بكل وقاحة سرقوا الأرض وزيّفوا التاريخ وشردوا أهلها، ويريدون الآن سرقة الذاكرة الفلسطينية، مستمرون كلجنة لتخليد ذكرى الشهداء. لقد جئنا بعد يومين من سرقة الصخرة و أكدنا أن المجد والخلود لشهدائنا الأبرار، ولن ننسى و سنبقى نرمِّم «.
من جانبه، قال زياد أمين محاجنة، النازح من اللجون المهجّرة، وعضو لجنة تخليد شهدائها: «نزحنا من اللجون إلى أم الفحم، وحينها كنت ابن خمسة أعوام. آنذاك استيقظنا على أصوات الصراخ فجرًا، وكان الكثير من الصراخ والبكاء وصوت كثيف لأزيز الرصاص من حولنا، وكان الجميع يتساءل عن الذي يجري. صحيح أننا كنا نعلم أن هناك معارك تجري، ولكن كانت في مناطق بعيدة، ولم نكن نتوقع أن المعارك اقتربت ووصلت بلدتنا اللجون المهجرة، وبعد اقتراب الخطر منا، بدأ الجميع يهرب من الاعتداءات، خاصة النساء».
وأضاف محاجنة مستعيدا ما في ذاكرته عن التهجير: «بعد اقتراب العصابات، بدأت النساء تهرب خوفًا منها لأنها كانت تعتدي على الجميع. أخذت والدتي شقيقي الأصغر ونسيتني داخل المنزل أبكي وحدي، حتى سمعتني إحدى جارتنا أبكي في المنزل، وهي شقيقة الشهيد يوسف حمدان طميش، وبعدها قامت بأخذي معها حتى وصلنا مكانا آمنا واعتلينا حصانا و نزحنا إلى مدينة أم الفحم، وذلك عام 1948».
يقول محاجنة: «صحيح أنني كنت صغيرا حينها، ولكنني أتذكر منزلنا في اللجون بكل تفاصيله»، فيما كانت ذكريات القتل والإجرام (المُرتبكة بحق القرية وأهلها) صعبة، خاصةً أننا خرجنا من اللجون وكنا نتوقع أن نعود بعد مدة قصيرة، لكننا عندما عدنا إلى اللجون بعد بضعة شهور، وجدنا كل شيء مهدوما، ولا يوجد للمنازل أثر سوى الركام، لذا لا يوجد أي كلام يعبّر عن سرقة النصب، أتعجب ما الذي يخيفهم من صخرة نُحتت عليها أسماء الشهداء، وآية قرآنية وبيت شِعر، باعتقادي، إنهم يريدون سرقة الذاكرة منا، حتى لا تصل إلى الأجيال، ولكننا سنبقى نعمل لإحياء ذكرى الشهداء، لأننا إذا نسينا الشهداء سننى أنفسنا».
وتطرّق محاجنة إلى منع السلطات الإسرائيلية من تسمية الشوارع والمؤسسات في البلدات العربية على أسماء شهداء، وقال إن «السبب ذاته الذي جعل السلطات الإسرائيلية تسرق النصب التذكاري الذي وُضع في اللجون -وهو محاولة محو الذاكرة وتخليد الشهداء- يجعلها تمنع السلطات المحلية العربية من تسمية الشوارع على أسماء الشهداء، والبلدات العربية، وذلك حتى تسلبنا الذاكرة والتاريخ، وحتى لا ينتقل هذا التاريخ إلى الأجيال».
«عرب48»