شريط الأخبار
"الدوار" عند الإنحناء.. ما هي أسبابه؟ كنز غذائي.. فوائد صحية مذهلة في الفستق أسباب محتملة لاضطراب الذاكرة الأطعمة الأكثر فائدة لبصر قوي 4 شروط لوجبة سحور صحية تسد معاك فى الصيام مشروب البابونج لسفرة رمضان طريقة عمل صينية لحم بالباذنجان جرّبي هذه الطريقة البسيطة للتخلّص من الدهون الحشوية لكل سيدة.. احذري "اضطراب الغدة الدرقية" فالأمر خطير! كفتة بالطحينية على طريقة المطاعم رانيا يوسف تكشف عن تعرضها للسحر من احد المقربين " غير مناسب في رمضان".. مشهد نسائي في مسلسل عربي يثير الجدل نجوى كرم: دروس الحياة تبدأ من العائلة .. والطعام يُطهى بالحب والالتزام كتمت نفسها ومن ثم خنقتها حتّى الموت.. شابة تركية احتفظت بجثة رضيعتها في حافظة ماء لا نحتفل برمضان.. رسالة تتسبب باحتجاز رئيس شركة بتركيا لأول مرة.. خدمة التحلل من النسك في المسجد الحرام سرقة هلال زينة رمضان مضاء بطول 4 أمتار على دوار في مادبا بالأسماء .. فصل التيار الكهربائي عن مناطق في المملكة الخميس مصري يشعل النار في نفسه في الشيخ زايد الأردن يرفض محاولات الدعوة لتشكيل حكومة سودانية موازية

الشرفات يكتب: غريسا ومحمود الزيودي والوطن

الشرفات يكتب: غريسا ومحمود الزيودي والوطن

القلعه نيوز - بقلم - د.طلال طلب الشرفات

======================

غريسا رداء الشمس، وأريحة الأمس الباسقة، الواثقة والرابضة على تخوم الأنفة الوطنية، وأكتاف مدينة الجند، ومحمود الزيودي يتجرّع الحزن صمتاً وصبراً ورضى وانعتاق من دمعة حرّى على رفيقة الدرب، دمعة عزّ انفكاكها وسكنت السويداء مقاماً إلى حين، رحلت أم نزار التي أنجبت، وضحّت، وصنعت كغيرها من حرائر الأردن فضاءً شريفاً للوطن؛ جنوداً ورجالاً غير آبهة بمتاع الدنيا، رحلت راضية مرضية، وجاورت الشهداء، والأباة، وصنّاع الفضائل وحسُن أولئك رفيقاً، غادرت وبقي الأثر الطيب، والوفاء العنيد، وما زالت رائحة القمح والمحيّا السمح تُطِل من وجنتي أبي نزار، ولون الشمس شاهدة عطاء في المنجل، وعبير الزعتر البرّي، والصبر المسجى في حنايا الوطن، وطرقات غريسا العتيقة.

غريسا لم تعد قرية بلا سقوف بعد أن هزم دم الشهيد راشد الزيود رواد الظلام، وشذّاذ الآفاق، هبوب الريح صنع للوطن عنفواناً لا يصدأ، وللكرامة الوطنية عنواناً لا يهدأ، المنية ولا الدَّنيّة، وإن عَادوا عُدنا، والدَّم الزَّكي قرباناً نستحضره في كل لحظة ومقام؛ فداءً للتاج والتراب المقدس الطهور. غريسا التبر والتراب هي النقش على حدِّ السيف، وقهوة الضَّيف، السمراء العابقة بالحكايا العتيقة، غريسا ملهمة شريك الهوى الوطني النبيل حبيب الزيودي؛ شذا البوح، وعتب القصيدة، الذي غنّى للثرى، والثريا، ولعمان الحب، وواسط البيت الكبير؛ فغفى غفوته الطويلة الموجعة في هضاب العالوك النَدية:

فإن عطشتِ وكان الماءُ ممتنعا
فلتشربي من دموعِ العين يا بلدي
وان سقطتُ على درب الهوى قطعاً
أوصيكَ اوصيكَ بالأردن يا ولدي.

محمود الزيودي ملح الأرض كما عهدناه، وفارس الكلمة كما ألفناه ، وحارس أمين للهوية الوطنية الأردنية الأصيلة في كل عمل أنجزه أو دور أدّاه، ورسول الأردنيين الصادق لتجليات الدراما الأصيلة، ومفاعيلها الناصعة التي عكست تضحيات الأردنيين، وأحلامهم النبيلة في البناء الوطني، وأداء دورهم المكلل بالغار في الدفاع عن فلسطين، ونصرة الأقصى؛ لم يألف الجنوح نحو الاغتراب، والحداثة المزيّفة التي تغادر القيم والجذور، ولم يأنس لكل مظاهر الردّة الوطنية التي تفتك بقيمنا الحية، وإرثنا الشريف، بل بقي يكتب " للخاكي" والحداء للجيش والحصّادين، وذكرياتنا الجميلة التي خالطت هواه؛ فتمسك بها، وعضّ على الولاء للعرش، والانتماء للأرض بالنواجذ، وعاش شريفاً يعانق الشمس؛ بشرف أمسى عزيزاً على الكثير ممن هم بين ظهرانينا.

الزيودي أثقل علي بالنقد ذات مقال، ولكن ذلك ما زادني -والله- إلا شرفاً بالحوار معه، والوفاء لقلمه ولتاريخه الشريف؛ والسبب أن هذا الرجل قدم للأردن والتراب والهوية أكثر بكثير مما قدمنا، وما زلنا نتلمس في أفقه الكبير، وضميره الوطني الحي طريقنا نحو مساحات النبل الوطني، ومعايير الإخلاص في سعة الوطنية الشريفة، وضيق المواطنة المحفوف بقلق الحساب المقيتة.

غريسا والزيودي توأمان يتبادلان الحكايا والوصايا الشريفة، واذا كانت أم نزار قد رحلت إلى بارئها؛ فالبقاء لله وحده، والأوطان التي تنبت الشرفاء حتماً لا تموت، ولعل الأوجاع تهدأ.