شريط الأخبار
سيف العليمات.. مبارك النجاح والتفوق بالتوجيهي القطامين يوجه بتقديم مقترحات تطويرية لقطاع النقل الجيش ينفذ إنزالات جوية جديدة للمساعدات على غزة بمشاركة دولية الرواشدة يزور الفنان عبد الكريم القواسمي اجتماع المجلس الأمني المحلي لمركز أمن الهاشمية المومني يتصدى لمزاعم الكذب : تشوية خبيث للجهود الأردنية في قطاع غزة "الكابينت" يبحث خطة احتلال قطاع غزة وتوسيع الحرب مساء الخميس الاتحاد الأوروبي: تطورات إيجابية لإرسال المساعدات إلى غزة عبر الأردن ومصر الاقتصاد الرقمي تنهي تطوير مناهج المهارات الرقمية لجميع الصفوف المدرسية وزارة العمل: لا توجه لإعلان فترة تصويب أوضاع العمالة المخالفة الرسوم الجمركية الأميركية الجديدة على الأردن تدخل حيز التنفيذ الضمان توفر خدمة ترجمة لغة الإشارة عبر تقنية الاتصال المرئي في إدارات فروعها عشرات المستوطنين المتطرفين يقتحمون الأقصى توقيف 5 اشخاص بقضية الاعتداء على الصحفي الحباشنة نقابة الصحفيين تسلم النيابة العامة قائمة بـ 33 منتحلا للمهنة الأرصاد الجوية تطلق حملة "احمِ نفسك من الحر" للتعامل مع موجات الحر الفيصلي وشباب الأردن يلتقيان السلط والرمثا بدوري المحترفين غدا فئات ممنوعة من تناول أوميجا 3.. تعرف على الجرعات الآمنة قلة النوم: خطر حقيقي يهدد صحة دماغك وزير الشباب يتفقد مرافق مدينة الحسين للشباب ويشيد بجهود التطوير والتأهيل

الرمامنه يكتب : عقول للبيع :تأثير رأسمالية المراقبة على الصحة النفسية

الرمامنه يكتب : عقول للبيع :تأثير رأسمالية المراقبة على الصحة النفسية
د.محمد عبد الحميد الرمامنه
في زمنٍ أصبحت فيه التكنولوجيا نافذتنا اليومية إلى العالم، ظهرت رأسمالية المراقبة كأخطر أنماط السيطرة الناعمة، لم تعد الشركات العملاقة تبيع المنتجات فقط، بل أصبحت تبيع السلوك البشري نفسه، بعد أن تُحلله وتُعيد تشكيله دون علم صاحبه نحن لم نعد مجرد مستخدمين لهذه المنصات، بل أصبحنا مواد خام تُستخرج منها بياناتنا ومشاعرنا ونوايانا، لنُستهلك نحن في نهاية المطاف.
هذه الرقابة لا تأتي عبر الكاميرات أو الأنظمة الأمنية التقليدية، بل عبر هواتفنا وتطبيقاتنا وخوارزميات لا نراها، الإنسان في هذا السياق يعيش ما يمكن تسميته بـ"الجلد النفسي الثاني"، حيث يشعر بأن كل حركة وكل ضغطة زر تُسجل وتُراقب وتُحلل، ما يولد قلقًا رقميًا دائمًا، خاصة لدى المراهقين والشباب تؤكد دراسة من جامعة كاليفورنيا عام 2020 أن من يقضون أكثر من أربع ساعات يوميًا على التطبيقات التي تجمع البيانات، تزداد لديهم احتمالية القلق والاكتئاب بنسبة تصل إلى 22%.
المفارقة الكبرى أن هذه الرقابة تُقدّم بواجهة من الترف والحرية، بينما هي في جوهرها قيدٌ ناعم يعيد تشكيل وعينا تدريجيًا نحن نظن أننا نختار بأنفسنا، لكن الواقع أن الخوارزميات تتوقع سلوكنا بنسبة قد تصل إلى 94% كما أظهرت أبحاث من MIT، وتدفعنا لاتخاذ قرارات تمت هندستها مسبقًا يُعاد توجيه وعينا دون أن نشعر، فنُصبح ضحايا لتغذية رقمية مغلفة بالإعجاب والمتعة.
لا يقتصر الأثر على الجانب النفسي فقط، بل يمتد إلى التكوين الاجتماعي والتربوي في المدارس، تراجعت قدرة الطلبة على التركيز وتزايدت ظاهرة المقارنات الرقمية والقلق من التقييم المجتمعي وفي البيوت، تقلص تأثير الأسرة أمام نفوذ المحتوى الرقمي، وأصبحت شخصية الأبناء تُبنى من خلال مقاطع وتوجهات لا أحد يعرف مصدرها أو هدفها في هذا السياق، تتآكل الهوية الفردية وتُصبح الذات مرهونة بما يقال عنها، لا بما تعتقده عن نفسها.
بعض الدول حاولت التصدي لهذه الهيمنة الرقمية، فأقرت أوروبا قوانين لحماية البيانات الشخصية، بينما ذهبت الصين في اتجاه أكثر صرامة، حيث تُستخدم البيانات لتحديد المكانة الاجتماعية أما في العالم العربي، فما زالت هذه القضايا تُناقش بخجل، دون استراتيجية واضحة أو وعي مجتمعي واسع.
في ظل هذا الواقع، لا مجال للانعزال عن التكنولوجيا، لكن يمكننا أن نعيد امتلاك وعينا، نحن بحاجة إلى تربية نفسية جديدة تقوم على ما يمكن تسميته "بالمواطنة النفسية الرقمية"، حيث يتعلم الإنسان كيف يحمي وعيه من التوجيه الخفي، ويعيد بناء استقلاليته الداخلية، الإنسان ليس معادلة تُحل، بل كيان يتجاوز التوقع، كائن له الحق في الغموض والتناقض والاختيار، والمقاومة تبدأ من هنا: من الحق في أن نكون أنفسنا، في عالم يُراد لنا فيه أن نكون نسخة متوقعة قابلة للبيع.