شريط الأخبار
مركز الملك عبدالله الثاني للتميز يختتم ورشة "مقيِّم معتمد" بالتعاون مع المؤسسة الأوروبية لإدارة الجودة (EFQM) إعلان القائمة الأولية للمنتخب الوطني ت23 لمواجهتي البحرين وديا والتصفيات الآسيوية العماوي يعلن ترشحه لرئاسة مجلس النواب من أوائل الثانوية بمحافظة شمال سيناء.. وفاة الطالبة شروق المسلماني وزارة المياه تضبط مصنعا يعتدي على خط ناقل في المفرق قبل تناول أدوية السكر.. تعرف على الأطعمة التي ترفع الغلوكوز! كيف يسلب مرض الزهايمر حاسة الشم؟ «نبتة خضراء» زهيدة الثمن تقلّص مخاطر السرطان والضغط رخيصة الثمن.. الكشف عن نبته خضراء تحمي من السرطان وأمراض القلب بمناسبة موسم العنب.. الفاكهة الخارقة لصحة قلبك ودماغك! الامانة تنظم زيارةأعضاء المجلس البلدي السابع للأطفال الى مجلس الأمة إعلان قائمة النشامى لوديتي روسيا والدومينيكان أسباب صرير الأسنان طبيبة توضح سبب الصداع الشديد أثناء الليل سماوي: مهرجان الفحيص يجمع الثقافة والفن لتسليط الضوء على الهوية الأردنية بالأسماء .. صدور نتائج المقبولين في المكرمة الملكية لأبناء المتقاعدين العسكريين ريال مدريد ضيفا ثقيلا على ريال أوفييدو في الدوري الإسباني.. الموعد والقنوات الناقلة والتشكيل المتوقع الجيش ينعى عدوان العدوان 39 لاعبة يشاركن في بطولة المصارعة للسيدات البنك الدولي يقدّم 4 ملايين دولار لدعم برنامج التغذية المدرسية في الأردن

السردي يكتب : التصعيد في السويداء يُربك المشهد السوري ويهدد الأمن الإقليمي

السردي يكتب : التصعيد في السويداء يُربك المشهد السوري ويهدد الأمن الإقليمي
د علي السردي
في تطور ظاهر يعكس تصاعد العنف الشعبي في سوريا، تشهد محافظة السويداء احتجاجات شعبية واسعة النطاق، تضع النظام السوري أمام اختبار سياسي بغاية الصعوبة. الحراك الذي انطلق على خلفية صعوبة الأوضاع المعيشية وغياب الحد الأدنى من الخدمات الأساسية، ما لبث أن تحوّل إلى انتفاضة سياسية صريحة، تطالب بتغيير جذري في بنية الحكم، وترفض هيمنة الأجهزة الأمنية والنفوذ الأجنبي المتغلغل في مفاصل الدولة.

ما يُميز هذا الحراك هو انبثاقه من محافظة لطالما التزمت الحياد خلال سنوات الحرب، وارتبط اسمها بالاستقرار النسبي مقارنة بمناطق أخرى شهدت مواجهات دموية. إلا أن الواقع الصعب، وتراكم الإهمال والتهميش، دفع أبناء السويداء إلى كسر جدار الصمت، ورفع شعارات لم تعُد تقبل بالتسويات المؤقتة أو الوعود المؤجلة، بل تنادي صراحة بإعادة صياغة العلاقة بين السلطة والمواطن على أسس من العدالة والمساءلة والكرامة.

الاحتجاجات، التي اتسمت بالسلمية والانضباط، لم تعد مجرد ردّ فعل على تدهور الأوضاع الاقتصادية، بل باتت تعبّر عن أزمة سياسية عميقة يعيشها النظام السوري، في ظل تراجع شرعيته أمام قطاعات واسعة من المجتمع. المتظاهرون، وفي مشهد غير مألوف في السياق السوري، وجّهوا انتقادات صريحة لرأس النظام، ونددوا بالتغلغل الإيراني في الجنوب، كما رفعوا شعارات تؤكد على وحدة البلاد ورفض الطائفية، ما يعكس نضجًا سياسيًا ورغبة حقيقية في بناء دولة مدنية جامعة.

في المقابل، لا يزال الخطاب الرسمي يتعامل مع الحراك من منطلق أمني تقليدي، متجاهلًا التحولات العميقة التي تمر بها بنية المجتمع السوري. إذ تواصل وسائل الإعلام الرسمية اظهارالتحركات على أنها محاولات "انفصالية" أو "مؤامرة خارجية"، متغاضية عن حقيقة أن هذه المطالب تنبع من عمق سوريٍّ أصيل، ومن محافظة ظلت لعقود ضمن نطاق السيطرة الرمزية للدولة، لكنها اليوم تقود حراكًا شعبيًا وطنيًا، يطالب بالإصلاح الحقيقي لا بالوعود المؤقتة.

إقليميًا، يثير ما يجري في السويداء قلقًا متصاعدًا في كل من الأردن وإسرائيل. فالأردن الذي يعاني بالأساس من تحديات اقتصادية وأمنية، يرى في تدهور الوضع في الجنوب السوري تهديدًا مباشرًا لأمنه الحدودي، خاصة مع تصاعد نشاط شبكات تهريب المخدرات والسلاح. أما إسرائيل، فهي تتابع بقلق تزايد النفوذ الإيراني في الجنوب، وقد تعتبر أن الفراغ الأمني الناتج عن تراجع سيطرة دمشق يبرر تدخلات عسكرية متزايدة بذريعة حماية أمنها القومي.

إن استمرار الأزمة دون استجابة سياسية فعلية ينذر بمزيد من التدهور في الداخل السوري، ويزيد من احتمالات الانفجار الأمني، ليس في السويداء فقط، بل في مناطق أخرى تعاني من ظروف مشابهة. كما أن تجاهل هذه المطالب سيُفاقم من حالة الاحتقان الشعبي، ويدفع البلاد نحو مزيد من التفتت المجتمعي والسياسي، ما قد يفتح المجال لتدخلات إقليمية ودولية أوسع، تُعيد إنتاج الصراع بأشكال جديدة أكثر تعقيدًا.

وفي ظل هذا المشهد المتشابك، تبدو الحاجة إلى حلٍّ سياسي شامل وواقعي أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى. فالدعوة إلى الحوار الوطني، وفتح المجال أمام القوى المجتمعية للمشاركة في صياغة مستقبل البلاد، باتت ضرورة وطنية لا ترفًا سياسيًا. إذ لا يمكن الحفاظ على وحدة سوريا واستقرارها إلا من خلال معالجة جذور الأزمة، والاعتراف بمطالب الشارع، والتخلي عن أسلوب الإنكار الذي لم يعد يجدي نفعًا بعد أكثر من عقد على بداية الأزمة.

وفي النهاية المطاف ان مطالب محافظة السويداء لا تنفصل عن مطالب الشعب السوري، بل هي تجسيد لحالة وطنية ، تبحث عن الخلاص من قبضة الشمولية ، وتطمح إلى بناء دولة مدنية يسودها القانون والعدالة والكرامة والحرية. وإذا لم يُستجب لهذا المطلب، فإن البلاد ستواجه مزيد من التوترات والعنف الشعبي التي لن تكون محصورة داخل حدودها فقط، بل ستمتد بتأثيرها إلى الإقليم بأكمله.