القلعة نيوز : نجح المدير الرياضي لنادي باريس سان جرمان البرازيلي ليوناردو بتحقيق الانضباط في ناديه، مبرزا حنكته التفاوضية من خلال إدارته لقضية شائكة محورها مواطنه نيمار، محاولا رسم طريق يعيد من خلاله فريق العاصمة الفرنسية الى المرتبة العليا على حساب نجوم كلّفوه الملايين.
قاد ليوناردو هذا الصيف عملية التفاوض الشاق بشأن احتمال عودة نيمار الى برشلونة الإسباني، بعد عامين من تعاقد النادي الباريسي معه في صفقة بقيمة 222 مليون يورو، جعلت منه أغلى لاعب في العالم.
عاد اللاعب السابق في حزيران/يونيو 2019 لتولي الإدارة الرياضية للنادي المملوك قطريا، بدلا من البرتغالي أنتيرو هنريكي الذي تولى لنحو عامين، منصبا شغله ليوناردو حتى استقالته في 2013.
في عهد هنريكي، حقق النادي صفقات كبرى، أبرزها في صيف 2017 حين تعاقد مع أغلى لاعبين في العالم، أي نيمار والمهاجم الشاب كيليان مبابي الآتي من موناكو بمبلغ قدّر بـ180 مليون يورو.
نال النجوم في عهد البرتغالي حظوة واضحة، تمثلت مثلا في حالة نيمار، بالسماح له بالسفر مرات عدة من دون استشارة المدرب الألماني توماس توخل، ما تسبب بفتور في العلاقة بين المدير الرياضي السابق والمدير الفني، كان - بحسب التقارير - من الممهدات لرحيل هنريكي.
وبحسب تصريحات نقلتها وسائل إعلام فرنسية، رأى الرئيس السابق لباريس سان جرمان ميشال دونيزو أن ليونادرو "أعاد الانضباط من خلال وضع النادي في المقدمة وليس اللاعبين".
وتابع "عودته كانت في محلها، سيعيد بعض التواضع لصفوف الفريق".
منذ حزيران/يونيو، بدا واضحا أن إدارة النادي قررت تغيير نهج التعامل مع نجوم الفريق، وكان أول الغيث تصريحات لرئيس النادي ناصر الخليفي في الشهر ذاته لمجلة "فرانس فوتبول"، لم يوفر فيها نيمار.
وقال "يتوجب على اللاعبين تحمل مسؤولياتهم أكثر من قبل. يجب أن يكون ذلك مختلفا. يتوجب عليهم بذل المزيد، والعمل أكثر (...) ليسوا هنا من أجل الاستمتاع. وفي حال لم يوافقوا، فالأبواب مشرعة (لرحيلهم)".
وتابع "لا أريد المزيد من سلوكيات النجوم"، مضيفا في انتقادات علنية غير مسبوقة للنجم الدولي البرازيلي "لم يجبره أحد على التوقيع معنا. لم يدفعه أحد. جاء على دراية كاملة للانخراط بهذا المشروع".
- ليوناردو يدير الدفة -
أتت هذه التصريحات مع بدء الهمس حول رغبة نيمار بالعودة الى برشلونة، أو أقله الرحيل عن سان جرمان، بعد عامين غير مثمرين تعرض في كل منهما لإصابة أبعدته أشهرا عن الملاعب، ولم يتمكن خلالهما من منح الفريق مبتغاه: الذهاب بعيدا في دوري أبطال أوروبا.
كان ليوناردو واضحا بعيد تسلمه مهامه: لا لاعب فوق "مؤسسة" النادي. وقال في تصريحات لقناة "كانال بلوس" الفرنسية، "لا يهم إذا كان نيمار هو نيمار، أو (البرتغالي) كريستيانو رونالدو هو كريستيانو رونالدو. النادي، هو مؤسسة يجب احترامها".
أمسك ليوناردو مبكرا بالملف الشائك. مع موعد التحاق اللاعبين بالفريق لبدء تحضيرات الموسم الجديد، لم يحضر نيمار الى باريس، في خطوة قال المقربون منه أن سببها ارتباطات سابقة.
لم يرُق الأمر لليوناردو. أصدر النادي بيانا شديد اللهجة وحذر من إجراءات بحق نيمار. في الأسابيع التالية، جمعت بينهما لقاءات تردد أن بعضها كان عاصفا، حتى أن تقارير أشارت مؤخرا الى أن ليوناردو توجه قبل أيام الى اللاعبين خلال حصة تدريبية بالقول "سأتحدث بالفرنسية، وعلى أولئك الذين لا يفهمونها أن يتعلموها"، في انتقاد مبطن لمواطنه الذي لم يشأ تعلم لغة موليير رغم عامين أمضاهما حتى الآن في فرنسا.
خارج حدود ملعب بارك دي برانس، قرر ليوناردو عدم التنازل عن نيمار سوى بالشروط التي يراها مناسبة لمصالح ناديه. لم يقفل الباب أمام برشلونة لاستعادة خدمات البرازيلي، لكنه لم يتزحزح قيد أنملة عن مطالبه.
قبل نحو 72 ساعة من انتهاء فترة الانتقالات الصيفية الإثنين، رمى ليوناردو بالكرة في ملعب برشلونة، مؤكدا "لقد كنا منفتحين على التحدث (...) قلنا دائما إن في إمكانه الرحيل في حال تلقينا عرضا يرضينا".
واختصر المفاوضات بعبارة "لم يحصل ذلك"، معوّلا على أن برشلونة لا يملك القدرة المالية الكافية حاليا لاستعادة لاعب من طينة نيمار، لاسيما بعد إنفاقه هذا الصيف لضم لاعبين يتقدمهم الفرنسي أنطوان غريزمان.
لم يكتف ليوناردو بالإبقاء على النجم البرازيلي في صفوف الفريق.
المدير الرياضي الذي كان مهندس انتقال لاعبين بارزين الى صفوف الفريق الباريسي في عهده الأول، مثل السويدي زلاتان ابراهيموفيتش والبرازيلي تياغو سيلفا، ضرب بقوة في اليوم الأخير لانتقالات صيف 2019، بضم لاعبَين يتمتعان بالخبرة هما الحارس الكوستاريكي كيلور نافاس المتوج بطلا لدوري أبطال أوروبا ثلاث مرات مع ريال مدريد الإسباني، والمهاجم الأرجنتيني ماورو إيكاردي المبعد من إنتر الإيطالي، معززا ترسانة هجومية تضم نيمار ومبابي والأوروغوياني إدينسون كافاني.
السؤال المطروح حاليا: هل تتطابق حسابات الحقل مع حسابات البيدر، لتصل خطة ليوناردو وإدارته الى خواتيمها السعيدة؟
في تموز/يوليو، خص ليوناردو صحيفة "لو باريزيان" القريبة من النادي بمقابلة مطولة من جزأين، عرض فيها لاستراتيجيته ومشاكل الفريق.
وأجاب ردا على سؤال عن فرضه قواعد صارمة "أنا لست شرطيا".
أضاف الأمور لا تجري على هذا النحو. كلٌّ مسؤول عما يقوم به، عما هو عليه (...) ليست العقوبة ما يجب أن يحدد ما نقوم أو لا نقوم به، بل ضمير كل منا"، مشيرا الى أن أهدافه هي "القيام بكل ما يجب على نادٍ يرغب في أن يكون على أعلى مستوى، القيام به".
وتابع "نحن في مرحلة على الجميع خلالها التفكير".