القلعة نيوز :
عقد منتدى الفكر العربي، يوم الأربعاء 6/1/2021، لقاءً حوارياً عبر تقنية الاتصال المرئي، حاضر فيه د.علاء التميمي أستاذ القانون المدني من العراق والوزير المفوّض/ مدير إدارة البحوث والدراسات الاستراتيجية في جامعة الدول العربية، حول الآثار القانونية لجائحة كورونا بين الواقع والمأمول، وهو موضوع دراسة له صدرت في كتاب مؤخراً عن الهيئة العامة المصرية للكتاب بالقاهرة. وشارك في المداخلات خلال اللقاء، الذي أداره وزير المالية الأردني الأسبق وأمين عام المنتدى د.محمد أبوحمور، كل من: الحقوقي والوزير الأسبق عضو المنتدى من الجزائر الأستاذ عبدالوهاب دربال، والأمين العام السابق لاتحاد المحامين العرب وعضو المنتدى من لبنان الأستاذ عمر زين، وعضو اللجنة القانونية في نقابة المحامين العراقية د.وضّاح غسان، وأستاذ العلوم السياسية في الجامعة المستنصرية بالعراق د. مالك العيساوي.
بيّن المُحاضر د.علاء التميمي آثار جائحة كورونا القانونية على العقود الصناعية والتجارية والخدمية التشغيلية والالتزامات المالية والمسائل الضريبية ذات الارتباط، حيث دفعت الجائحة العديد من الشركات العالمية إلى إعادة ترتيب التزاماتها وفقاً للظروف المستجدة دون فرض غرامات التأخير أو التعويض عن التأخير في تنفيذ هذه العقود.
كما أشار د. التميمي إلى ما جاء به المشرِّع العربي من المقتضيات التي تتلاءم والوضع الحالي للتخفيف من الآثار القانونية السلبية، إضافة إلى دور غرف التجارة والصناعة العربية والجهات الحكومية في إعادة هيكلة تنفيذ العقود دون اللجوء للمحاكم، إذ إن تبني الأطر القانونية السلمية خارج القضاء لمعالجة آثار الجائحة على تنفيذ العقود هو نهج مطلوب لضمان الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي واستمرار تنفيذ المشاريع الاستراتيجية.
وأوضح المتداخلون أهمية نشر الوعي القانوني نظراً لتأثر الجميع بالجائحة في شتى ميادين الحياة، ومن هنا تكمن أهمية تفسير وتحديد مفهوم القوة القاهرة والظروف الطارئة في النصوص القانونية بشكل مفصّل، من أجل حفظ حقوق جميع الأطراف في العلاقات التعاقدية والمعاملات التجارية والالتزامات الضريبية وغرامات التأخير وغيرها، إضافة إلى ضرورة حل الإشكالات المتعلقة بالمدد القانونية تجنباً لحدوث تجاوزات على الحقوق القانونية للأطراف المعنية. كما أشار بعض المتداخلين إلى وجوب بيان كيفية تنفيذ العقود التي أُبرمت قبل بدء الإغلاقات، خاصة العقود الدولية، وأهمية التعامل مع التجاوزات في العلاقات الدولية الاقتصادية لتجنب آثارها الاقتصادية والسياسية والإنسانية.
التفاصيل:
أكد أستاذ القانون المدني والوزير المفوض د.علاء التميمي في محاضرته أهمية بيان التداعيات القانونية لجائحة فيروس كورونا، حيث إن مجموعة التدابير والإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدول لمواجهة خطر تفشي الفيروس أدت بشكل مباشر وغير مباشر لإشكالات قانونية في العقود التجارية والصناعية والخدمية التشغيلية والالتزامات المالية والمسائل الضريبية ذات الارتباط، حيث دفعت العديد من الشركات العالمية بوجود حالة القوة القاهرة أو الظروف الاستثنائية الطارئة أو حالة الإخفاق ومعوقات تنفيذ العقد من أجل وقف تنفيذ التزاماتها التعاقدية مؤقتاً، وإعادة ترتيب التزاماتها وفقاً للظروف المستجدة دون فرض غرامات التأخير أو التعويض عن التأخير في تنفيذ هذه العقود.
وبيّن د.التميمي أن المبدأ العام في الالتزامات هو أن العقد شريعة المتعاقدين، كما نصَّ عليه المشرِّع العربي في القوانين المدنية، أي اعتبر المشرِّع هذا الالتزام قانوناً يحكم الأطراف المتعاقدة، وبمعنى أكثر فإن ما اتفق عليه الأطراف في العقد يجب أن يلتزموا به ولا يجوز الرجوع عنه إلا بتوافق إرادتهم أو إذا أقر القانون ذلك. وفي ظل الجائحة التي تعتبر ظرفاً جعل من تنفيذ العقود أمراً صعباً أو مستحيلاً، جاء المشرِّع العربي بمجموعة من المقتضيات التي تتلاءم والوضع الحالي للتخفيف من الآثار السلبية على طرفي العقد.
وأوضح د.التميمي دور غرف التجارة والصناعة العربية والجهات الحكومية في إعادة هيكلة تنفيذ العقود دون اللجوء للمحاكم، إذ إن تبني الأطر القانونية السلمية خارج القضاء لمعالجة آثار الجائحة على تنفيذ العقود هو نهج مطلوب لضمان الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي واستمرار تنفيذ المشاريع الاستراتيجية، وتعزيز العلاقات التجارية والاقتصادية وخلق قاعدة علاقات تجارية مستقبلية طويلة الأمد، بعد أن تعززت الثقة وقت الأزمات والمحن.
وقال الوزير الأسبق وأمين عام المنتدى د.محمد أبوحمّور في كلمته التقديمية: إن بحث الآثار القانونية للجائحة مفيد في نشر الوعي القانوني على جميع المستويات، فالجميع هم أصحاب مصلحة في خضم الظروف غير العادية التي يعيشها العالم جراء الجائحة، نظراً لتأثرهم بأشكال مختلفة نتيجة الجائحة، مع التأكيد بأن المصلحة الأساسية والأولوية هي ضمان الأمن الصحي للمواطنين.
وأشار د.أبوحمّور إلى ضرورة تعامل النص القانوني مع الالتزامات التعاقدية ومدى القدرة على الإيفاء بها في ظل كورونا، ولا سيما في مجال الشركات المحلية والدولية، فالفعاليات الاقتصادية جانب حيوي أيضاً في الحفاظ على البنى الصحية والاجتماعية والموارد والعلاقات التجارية والصناعية والخدمية التشغيلية؛ مشيراً أيضاً إلى أهمية البحث في الجانب التشريعي المتعلق بقانونية الإجراءات التي تتخذها الدول، وكيفية التعامل مع القوانين والاختصاصات المخولة للسلطات التنفيذية.
وبيّن الحقوقي والوزير الجزائري الأسبق الأستاذ عبدالوهاب دربال أهمية دراسة الآثار القانونية للجائحة على العلاقات الدولية، وما تشمله من التزامات وحقوق في تعاملات الشركات متعددة الجنسيات والعابرة للحدود على وجه الخصوص. وذلك لتعلّق هذه الالتزامات بالتجارة البينية الدولية، ولسدّ هذه الشركات احتياجات العالم من المواد الأولية والمنتجات. وفي حال عدم التعامل مع التجاوزات في الالتزامات المتبادلة في التعاملات الدولية الاقتصادية في نطاق القانون الدولي الخاص، ستنعكس آثار هذه التجاوزات على المستوى السياسي والاقتصادي والإنساني.
وأكّد الأمين العام السابق لاتحاد المحامين العرب الأستاذ عمر زين ضرورة تعديل النصوص القانونية المدنية والجزائية في ضوء آثار جائحة كورونا، والاستفادة من التدابير التي تم اتخاذها خلال ما مرّ به العالم من الجوائح المتعددة على مدار عشرات السنين، استعداداً لأية ظروف مشابهة قد تحصل مستقبلاً؛ إذ لا بد من تفسير وتحديد مفهوم القوة القاهرة والظروف الطارئة في النصوص القانونية، ووضع الإضافات على هذه النصوص بشكل مفصّل من أجل حفظ حقوق جميع الأطراف في العلاقات التعاقدية والمعاملات التجارية والالتزامات الضريبية وغرامات التأخير وغيرها.
وأشار عضو اللجنة القانونية في نقابة المحامين العراقية د.وضّاح غسان إلى أن تعطلّ سير مختلف مجالات الحياة والإغلاقات أثّرت على القوانين الإجرائية ومنها قانون المرافعات، إذ إن هذه القوانين تشتمل على مدد قانونية محددة تتم فيها الإجراءات القانونية، ولا يجوز الزيادة في هذه المدد مهما كان العذر، مما أخل بحقوق الأطراف المعنية في قضايا معينة. ولذلك قامت العديد من الدول بوقف الإجراءات القانونية خلال هذه المدد لتجاوز حدوث أي تجاوزات على الحقوق في ظل الجائحة.
وأكّد أستاذ العلوم السياسية في الجامعة المستنصرية بالعراق د. مالك العيساوي أهمية بيان آثار جائحة كورونا على تنفيذ العقود الدولية وغيرها من العقود التي أبرمت قبل إعلان منظمة الصحة العالمية لوباء فيروس كورونا جائحة عالمية وبدء الإغلاقات تباعاً، وذلك تماشياً مع العمل المستمر في نشر الوعي بخصوص التحولات على الصعيد المجتمعي والاقتصادي والسياسي والإنساني في الظرف الراهن، من أجل تحقيق الأمان والحماية اللازمة في القطاعات كافة ولكل الفئات المجتمعية.
يذكر أن وقائع هذا اللقاء تبث بالصوت والصورة من خلال قناة منتدى الفكر العربي على منصة YouTube، وعلى الموقع الإلكتروني للمنتدى www.atf.org.jo.