
يخوض أبناء النقب صراعَ وجودٍ على الأرض، وتُمارَس ضدّهم مخطّطات مصادرة واقتلاع، تُعيد إلى الأذهان ما عاشته بلدات مثلّث يوم الأرض في البطّوف قبل 45 عامًا. وتهدّد المصادرة أكثر من 40 ألف دونم، فيما تعيش 6 قرى خطر التهجير والاقتلاع، وتعاني 40 بلدة بدويّة في النقب من سلبها حقّ الاعتراف، عدا عن غياب الخدمات الأساسيّة للعيش، من ماء وكهرباء، وغياب الأُطُر التعليميّة والبنيّة التحتيّة الأساسيّة.
وحسب تقرير عمر دلالشة، يعايش أبناء النقب خطر المصادرة من خلال مشاريع تهدّد وجودهم في أراضي آبائهم وأجدادهم، وتتصاعد عمليات هدم البيوت باستمرار، حتّى بلغ عدد المساكن التي هدمتها السلطات في السنوات الخمس الأخيرة، إلى 11 ألفًا و600 مسكن.
قال رئيس المجلس الإقليمي للقرى غير المعترف بها، عطية الأعسم: «هناك استهداف لوجود العربيّ في النقب، فنحن نتعرّض إلى خطر التهجير ومصادرة الأراضي، وهناك ست قرى مهددة بالترحيل الفوريّ في النقب، مثل رأس جرابة، والبقيعة، وأم البدون، وأم الحيران، والعراقيب، ووادي المشاش، عدى عن تهديد 40 ألف دونم بالمصادرة للتحريش وهي أراض متوارثة أبًّا عن جد».
وقال الناطق بلسان لجنة الدفاع عن العراقيب، د. عواد أبو فريح، إن «النقب هو الوجه الحقيقي لزيف الانتخابات والديمقراطيّة الإسرائيلية، فالعرب في النقب يشكّلون 30% من سكان النقب، وتُخصَّص لهم 3% فقط من الأرض بعد أن كانت أراضي النقب كلها بملكيّة عربيّة».
وأضاف: «وتُستَهدف هذه الأراضي من خلال المصادرة والتحريش. نحن نعيش في عام 2021 ولا تزال قرى عديدة في النقب تفتقد لأبسط الخدمات الحياتيّة، حيث لا ماء ولا كهرباء، علاوة على الخدمات الأخرى مثل التعليم والصحة وغيرها، نحن نتحدث عن 40 قرية عربية مسلوبة الاعتراف والخدمات في النقب، من بينها 15 قرية في طور الاعتراف الأوّل (ما يُعرف بتصريح الاعتراف) وهناك ما يقارب 10 قرى يمكن أن تُضَم للتصريح الأول للاعتراف، وقرى مستهدفة للترحيل والاقتلاع الفوريّ مثل العراقيب وأم الحيران».
وفي معرض حديثه، تطرّق أبو فريح إلى الصندوق القومي اليهودي (الصندوق الدائم لإسرائيل - «كاكال»)، ودوره في النقب، موضحا أن «دائرة أراضي إسرائيل تحاول من خلاله تحويل هذه المناطق إلى أحراش، يُمنع المواطنون حتى من المرور فيها».
وأضاف: «وكونه صندوقا قوميا يهوديا فهذا يعني أن هذه الأراضي يُسمح لليهود فقط التطوير فيها، والصندوق القوميّ الإسرائيليّ يعمل هذه الأيام وبتسارع كبير من خلال مساعدات مالية خارجيّة ومنظمات دينيّة مسيحيّة مثل ’غود تي في’، والتي تعتقد أن ’نزول المسيح’ مرهون بتجشير النقب، وفي نفس الوقت الذي احتسى فيه نتنياهو القهوة (في محاولته لاستقطاب أصوات عربية قبيل الانتخابات)، عاثت جرارات دائرة أراضي إسرائيل فسادا في أراضي أهل النقب، فالحرب على الوجود وحق العيش، واستنزاف القوى البشرية والوجود، وهدم وتجريف وتحريش واستهداف الوجود، فالنقب ساحة حرب وجودية لتفريغ أهل النقب من أرضهم ووعيهم وارتباطهم بأرضهم، نحن شعب نحب الشجر والأرض الخضراء، لكن الصندوق القومي الإسرائيلي، حول كل شجرة يزرعها إلى عدو لنا، إذا أردت معايشه الظلم فعليك زيارة النقب، وإذا أردت مشاهدة زيف الديمقراطية تعال وشاهد النقب، فالنقب هو الوجه الحقيقي لزيف الديمقراطية والمساواة، ففيه قرى عديدة بدون أيّة خدمات؛ لا ماء ولا كهرباء حتى ولا شارع».
«عرب48»