القلعه نيوز - تحسين التل*
الحديث عن كبار الضباط، وقادة الجيش، هو من الأحاديث الشائكة، والدقيقة، ويحتاج الى دقة متناهية في التوثيق، لأن التاريخ العسكري والسياسي؛ خصوصاً في الأردن، لا يحتمل التأويل، ولأن تقاريرنا دائماً موثقة والحمد لله،
سنتحدث عن القائد اللواء خلف باشا محمد التل، وفق ما وردنا من معلومات جديدة، وبعض تفاصيل حياته كممثل للدبلوماسية الأردنية في بغداد.
- بداية؛ عاش اللواء خلف التل، منذ ولادته الى حين وفاته ثلاثة وخمسين عاماً (1890 - 1943)
- حصل على منحة دراسية وعمره لا يتجاوز عشرة أعوام، ودرس في كلية عنبر بدمشق، مثله كمثل العشرات من أبناء الوطن الذين درسوا وتخرجوا في عنبر، وفيما بعد انضم للجيش التركي، وتخرج برتبة ملازم، مع وسام التفوق العسكري، وكان لا يتجاوز الخامسة والعشرون.
- عمل قائداً عسكرياً في عدة جبهات تركية، ومصرية، وعراقية، وسورية، ولبنانية، وأردنية، واستطاع بما تحت يديه من قوات عسكرية، وعشائرية القضاء على المد الوهابي، وكانت خسائر الأعداء بالآلاف ما بين قتلى، وجرحى، وأسرى.
- عُين قائماً لمقام عجلون، ثم متصرفاً في الكرك، والبلقاء، وحاكماً إدارياً لمنطقة معان، وكان من بين القلة القليلة الذين استقبلوا الأمير عبد الله الأول في معان سنة (1921) وكان أول من بايع الأمير بالإمارة.
- عينه الأمير عبد الله الأول وزيراً للداخلية في حكومة توفيق أبو الهدى، عام (1938)، ولم يستمر طويلاً في الحكومة لأن الإنجليز اكتشفوا تعامله مع الثوار الأحرار، ورفضه توجيه مذكرات اعتقال بحقهم، فطلب المعتمد البريطاني من توفيق أبو الهدى إقالة ونفي خلف باشا الى الطفيلة.
-عينه الأمير عبد الله قنصلاً في بغداد، وهنا بدأت مرحلة دبلوماسية جديدة في تاريخ القائد الكبير خلف التل، وبالرغم من أنها لم تستمر طويلاً إلا أننا سنسجل بعض مميزات هذه الفترة خلال عمله قنصلاً في العراق حتى وفاته عام (1943).
- كان راتب خلف باشا مع مخصصات القنصلية في بغداد لا يتجاوز خمسة وثلاثين ليرة، بمعدل تسعة عشر ليرة راتب خلف التل، وستة عشر ليرة مخصصات ضيافة، لم تكن تكفي على الإطلاق في بلد غني مثل العراق في ذلك الوقت.
-بتاريخ (30- 5 - 1943)، أرسل القنصل التل رسالة الى توفيق أبو الهدى يشكو فيها ارتفاع الأسعار، وأن كثرة الزيارات الدبلوماسية، والسياسية، والعسكرية التي يقوم بها السلك الدبلوماسي العربي والأجنبي، تتطلب زيادة في المصاريف.
-اشتكى من عدم قدرته على توفير الضيافة المناسبة التي تليق بقنصلية الأردن في المملكة العراقية الهاشمية، وأرفق قائمة بأسعار المواد الغذائية، والتموينية، وجاءت مفصلة بالوزن والسعر، وقال لرئيس الحكومة:
"أرجو زيادة مخصصات القنصلية من أجل تسهيل مهمتي، وتخفيف العبء عن راتبي الشخصي، لأنني أضطر الى التعدي على راتبي حتى أستطيع القيام بواجبات الضيافة."
رحمة الله على خلف باشا التل، فقد كان قائداً عسكرياً كبيراً، حارب على كل الجبهات لنصرة القضايا العربية والإسلامية، ودبلوماسياً من الطراز الأول، استطاع أن يمثل الأردن أفضل تمثيل، وكان وزيراً للداخلية في عهد الإمارة، لم يتعسف في قراراته، ولم يؤذي أردنياً واحداً طيلة فترة وجوده على قيد الحياة.
* الكاتب : - رئيس مركز حق للتنمية السياسية.- مؤسس وأمين سر جمعية الصحافة الالكترونية سابقاً.-
مستشار إعلامي سابق لجامعة جدارا الأردنية للتميز.