القلعة نيوز - كتب تحسين التل:-
من المؤكد أننا لو أردنا الحديث عن قرية إربد، فإننا لن نوفيها حقها بتقرير صحفي واحد، إنها تحتاج الى العديد من التقارير الإعلامية التي يمكن أن تصور جزءً بسيطاً من قرية كانت وما زالت تضم مئات القرى، والتجمعات السكانية، وتتولد فيها بشكل يومي حركة تجارية أقرب الى خلية النحل.
تركزت المحلات التجارية وسط قرية إربد، وبالذات في منطقة الجامع الكبير، إذ كان الى الشمال من المسجد تقع محلات بيع الخضار قبل أن تتحول الى محلات لبيع الذهب والمشغولات الفضية، فيما يعرف الآن بسوق الصاغة، وتقع محلات تصريف وتبديل العملات العربية والأجنبية، ومحلات العطارة؛ خلف السوق الى الجهة الشرقية بالقرب من أول شارع الهاشمي.
أما من الجهة الغربية، فكانت تتركز مضافات ودواوين وبيوت الخرزات، وبقية عائلات قرية إربد، أي أن التجمع السكاني كان يقع الى الشمال الغربي، والجنوب الغربي من المسجد الكبير، ومحلات بيع الألبسة، والأحذية، والأدوات المنزلية إضافة الى
كان التوزيع يتم عن طريق (عربايات ذات ثلاث عجلات) على المحلات التي تبيع المشروبات الغازية، وكان أحد هذه المحلات يقع بالقرب من مكتبة الجهاد، أسفل مبنى بلدية اربد الحالي الى الجهة الشرقية، وأحياناً تقوم هذه المحلات ببيع الأسكيمو، (قطع من الثلج والسكر والصبغة)، والدورادو، (ألواح من الحليب المجفف والسكر)، والإيما، أو البوزة، (أعتقد أنها مكونة من الحليب، والصبغة، والنشأ وبعض المواد الغذائية لزوم الشكل والطعم واللون) وتوضع في محقان من البسكويت الهش، أو على الأعواد الخشبية.
فيما يتعلق بالمشروبات الغازية، وكانوا يطلقون عليها: الكازوز، كانت أكثر المشروبات التي تباع في الأسواق الأردنية على النحو التالي:
- بيبسي كولا، كوكا كولا، سفن أب، تيم، كراش، ميراندا، كندا دراي، جلول، شاني، آر سي، والعديد من المشروبات التي كانت تُصنع في الأردن أو في السعودية، أو في سوريا، أو لبنان وفق الماركة التي كانت تشتهر بصناعتها كل دولة.
على سبيل المثال؛ شراب (الجلول) كان صناعة سورية، و مشروب (آر. سي) صناعة لبنانية، وزجاج الكراش صناعة سعودية، (وقناني) البيبسي كولا والكولا صناعة مصرية أو امتياز مصري... وهكذا بقية المشروبات والعصائر التي كانت منتشرة، وربما أكثر انتشاراً من مشروبات وعصائر هذه الأيام، وأسعارها في متناول يد المواطن.
- كشك المدهون:
كشك مصنوع من الألومنيوم، يبيع العطور بعد تركيبها، وهي من العطور الزيتية ذات الرائحة المنفرة، لأن أغلب الذين يبتاعون هذه العطور هم الشيوخ، وكبار السن، وممن لا يميزون بين أنواع العطور الفرنسية أو الزيتية، ويقع الكشك على مدخل شارع فرعي تنتشر فيه محلات بيع وتصليح الأحذية (والشحاطات، والزنانيب، ومفردها زنوبة)، أسفل مبنى مدرسة النهضة الثانوية، وبالقرب من مكتبة الجهاد.
- مكتبة الجهاد:
أعتقد أنها من أقدم المكتبات في تاريخ مدينة إربد، وهي مخصصة لبيع الكتب، والدفاتر، ولوازم المدرسة، وتقع أسفل مبنى مدرسة النهضة الثانوية الخاصة التي كان يملكها الأستاذ المرحوم فهمي العابد.
جزء بسيط من تكوين اجتماعي، وتجاري يقع في وسط إربد، ما زلنا نتذكره نحن أبناء منطقة إربد القديمة، على الأقل منذ الستينات والسبعينات ولغاية نهاية الثمانينات.
ملاحظة: أطلقت على إربد؛ قرية ليس لصغر حجمها بل لأن بيوتها متلاصقة، وحجرية، ويجد الباحث داخل حاراتها، وشوارعها، وبيوتها رائحة الريف، ومهما تطورت فستبقى تحاكي القرية في كل شيء، ثم إن القرآن الكريم تحدث عن مكة، ووصفها بأم القرى، وتعني المنطقة التي تتجمع فيها وحولها عشرات القرى، والقرية تشبه المدينة وربما أكبر منها، وفق ما أفادنا به المصحف الشريف في العديد من الآيات.