القلعة نيوز :
فارس حوّاري :
بسم الله الرحمن الرحيم
١_ تطوير امتحان الثانوية العامّة أصبحَ ضرورة مُلحّة في جوانب كثيرة منها : شكل الامتحان ومضمونه ، وإعادة النظر في المواد الاختيارية والإجبارية الّتي تدخل في مُعدّل طلبة الفرعين : الأدبي والعلمي .
٢_ عند اتّخاذ القرار المُناسب مِنْ الوزارة لتطوير هذا الامتحان ، عليها إحكام الربط بين مُخرجات التعليم الثانوي ومُدخلات التعليم الجامعي .
٣_ يُقدّم الجيل الجديد امتحانه في الصيف ( شهر حزيران ) وفي الشتاء الدورة التكميلية ( كانون ثانٍ ) ، لماذا لا نعودُ إلى النظام الّذي كان معمولًا به قبل سنتين ( الدورة الصيفية ، والدورة الشتوية ) للتخفيف عن الطلبة ؟
٤_ "الأصل في الامتحان أنه وسيلة لا غاية ، لكنّنا فهمنا الامتحان على أنّه غاية لا وسيلة ، وأجرينا أمور التعليم كلها على هذا الفهم الخاطئ السخيف " . ( طه حسين ) .
٥_ طالب التوجيهي عندما يدخل المدرسة يُوجّه إلى الامتحان أكثر ممّا هو مُوجّه إلى العلم ، مُهيئًا للامتحان ، أكثر ممّا هو مُهيئًا للتعلّم .
٦_ الغشّ الذي يُقترف ويُضْبَط أثناء الامتحان من قبل بعض الطلبة لحرصهم على النجاح ، أفرز غُشًا أسوأ خَفيّ ، يشترك فيه المُعلّمون والمُتعلّمون ؛ حين يهيئ المُعلّمون تلاميذهم تهيئة خاصّة لأداء الامتحان عن طريق الأسئلة المقترحة ، الدورات المُكثّفة ، ودورات المُراجعة ، وقد أصبح هدف بعض المُعلمين تجاريًّا لا تربويًّا .
٧_ نحنُ بحاجة ماسّة إلى المُعلّم المؤهّل المُتمكّن من مادته ، يُعلّم طلبته ويبني فيهم القدرات المُختلفة ، ويدرّبهم بعمق على جميع أنواع الأسئلة ، ولسنا مع المُعلّم المُهرج الّذي يُريد أن يستميل طلبته ويُسلّيهم ، لا أن يدرّسهم وينمّي المعارف عندهم .
٨_ بعض المنصّات أساءت إلى التعليم بالأسلوب الّذي يتبعه بعض المُعلمين فيها ، وهم في الأصل غير أكفّاء لكنهم اتّخذوا من التهريج شعارًا ، والإعلام وسيلة ، فكان الضحيّة طلبتنا ، وأصبحنا نُلقي اللوم على وزارة التربية والتعليم ، وواضعي الأسئلة .
٩_ جيل ( ٢٠٠٣ ) الّذي أنهى تقديم الامتحانات للعام الدراسي ٢٠٢٠_ ٢٠٢١ كان ضحيّة التعلّم عن بعد ، وغياب التعليم الوجاهي ، وبعض قرارات الوزارة ، فلماذا لم يقدّم الطلبة امتحانًا تجريبيًا إجباريًّا في المدارس في آخر العام الدراسي ، ما دام أنّهم قدّموا امتحان التوجيهي في المدارس ؟ ولماذا لم يُدّربوا على نماذج الأسئلة الجديدة الّتي تمتاز بالدقّة وتقيس القدرات ؟ ولماذا تعرض الوزارة أسئلة على منصّتها بعيدة كل البعد عن نمط الأسئلة في الامتحان ؟
١٠_ بعض أولياء الأمور اتّخذوا من امتحان ( ٢٠٢٠ ) نموذجًا للحُكم على الامتحان ، مَنْ مِنّا لا يُعايش التوجيهي عن طريق ابنه أو ابنته ، أخيه أو أخته ، قريبه ، جاره ، لكن هل فكّرنا بمُدخلات التعليم الجامعي ، هل فكرنا بالأثر السيء لحصول عشرات الطلبة على معدل ( %١٠٠ ) ، وعشرات آلاف الطلبة على معدل (%٩٠ ) فما فوق ؟
١١_ رصدتُ آراء بعض المُعلّمين على المنصّات ومواقع التواصل الاجتماعي وفي المراكز الثقافية ، فاتّضح لي أن المُعلّم يُريد أن تأتي أسئلة التوجيهي من دوراته المكثّفة أو المراجعة أو من دوسياته ، مَنْ يحاسب المُعلّم عندما يبثّ فيديو لطلبته بأنّه سيراجع مادة الرياضيات الفصل الثاني في ثلاث ساعات فقط !!!
١٢_ على ضوء ما سبق ، أصحبت الإشاعة عند البعض عادة وثقافة يبثّون سمومهم مِنْ خلالها للإساءة إلى سُمعة التعليم في الأردن ، فعدد الّذين تقدّموا الامتحان ٢٠٧ ( مائتان وسبعة آلاف ) ، فمن الطبيعي أن يستطيع بعض الطلبة إخفاء الهاتف النقّال في ملابسه ، وتصوير الامتحان أو بعض صفحاته ، وهذا سلوك فردي ، وليسَ سلوكًا جماعيًّا، ولا يعتبر تسريبًا ؛ لأنَ التسريب يكون قبل بدء الامتحان ، لا أثناء الامتحان .
١٣_ حتّى ننصف الوزارة : أسئلة هذا العام كانت بنمط جديد تدرّجت من السهل ، والسهل الممتنع ، والوسط ، والصعب ، وراعت الفروق الفردية ، وقاست القدرات العُليا ، وتناسبت مع وزن الوحدات المُقررة ، إلا أنَّ بعضها كان صعبًا جدًّا ، والوقت غير كافٍ ، فلو كان امتحان الفيزياء ثلاث ساعات لخفّت حدة الانتقادات ، ولو كان امتحان الرياضيات ساعتين لقامت الدنيا ولم تقعد !!
١٤_ لا نُجامل وزارة التربية والتعليم عندما نقول : إنَّ بعض الامتحانات كانت رائعة جدًّا ، وفيها مواصفات الامتحان المُميّز .
١٥_ هل مِنْ المعقول أن يكون امتحان الفيزياء ساعتين ، وأن يكون امتحان الأدبي / رياضيات ست ساعات ؟!
بعدَ كلُّ ما سبق ، ماذا نُريد ؟
أ_ الوزارة : تطوير امتحان شهادة الثانوية العامّة في كثير من جوانبه ، وعدم تأجيل ذلك مهما كان السبب ، وتهيئة أطراف العميلة التربوية لهذا التطوير عن طريق مؤتمر تربوي ، أو عن طريق وسائل الإعلام المُختلفة .
ب _ المِعلّمون : عليهم أن يُطوّروا أنفسهم ؛ لأنَّ بعضهم غير مُتمكّن من مادته ، يجهل طرق التعليم الصحيحة ، ويجب أن يعزفوا على لحن التربية مع الطلبة وتدريسهم بإخلاص ومهنيّة ، ولا يُعقّدون / أساليبهم ، ولا يسيئون لسمعة التعليم ، فالمُعلّم : علم وهيبة وخُلُق .
ج_ أولياء الأمور : متابعة أبنائهم ، ومراقبتهم باستمرار ، واختيار المُعلّم المُناسب في كُلّ المواد عن طريق التقصّي ، والتحرّي بأسلوب تربويّ .
د_ الطلبة : الابتعاد عن الإشاعة ، واختيار المُعلّم الذي يُدرّس ، لا المُعلّم الذي يُسلّي ، واعتماد كتاب وزارة التربية والتعليم أساسًا ، والابتعاد عن بعض المُعلّمين ، وبعض المراكز الثقافية ، وبعض المنصّات التي تخدعهم .
نحن مع وزارة التربية والتعليم في كلّ ما تتّخذه مناسًبا لمصلحة طلبتنا من تحديث وتطوير وغيرها .
ونحن مع طلبتنا في مراعاة ظروفهم ونجاحهم ، وحصولهم على المعدل الذي يستحقّونه ، ولسنا مع الطلبة الّذين يلهثون وراء الإشاعات ، ويسيئون اختيار المُعلّمين .
ونحن مع أولياء الأمور في فرحهم بنجاح أبنائهم، وفي تفهمهم لمدخلات التعليم الجامعي .
ونحن مع المُعلّمين الذين يحترمون المهنة … ولسنا مع التجّار والمُهرجين منهم .
ونحن مع المنصّات والمراكز الّتي تؤدي رسالة ، وتوازن بين التعليم والاستثمار ، وتستقطب النخبة من المُعلّمين .
ونحن مع الأردنِ في اهتمامه بالقطاع التعليميّ وتطويره .
( الحمدُ لله رَبّ العالمين ) .
فارس حوّاري
٢٠٢١/٧/١٦