يؤلمني جداً، مشاهدة جذوع (وقرامي) الأشجار تباع على جوانب طريق إربد عمان، أو داخل المشاتل، وعلى عين وزارة الزراعة، بل ينفطر قلبي حزناً عندما أشاهد بعض الفيديوهات والصور لمجموعات من لصوص الطبيعة، يدمرون ثروتنا الحرجية، وما يجري من ممارسات كارثية في الغابات، يؤكد على أنه مثلما يوجد قًطاع طرق، هناك أيضاً؛ قُطاع شجر، ولصوص.
أكاد أجزم أن شخصيات ممن يقومون بزراعة الأشجار في الأعياد الوطنية ومنها عيد الشجرة، يتعاملون مع هذه الأشجار المقطوعة؛ كحطب داخل مواقدهم في الشتاء، ولا يكلف أي وزير زراعة أو وزير بيئة نفسه، وخاطره، وإحساسه المرهف؛ مجرد توجيه سؤال لمن حوله من كوادر وظيفية: من أين يقطع هؤلاء وأولئك؛ الأشجار لبيعها وحرمان الطبيعة، والوطن من فوائدها، وضرورة وجودها على المستوى الديني، والبيئي، والوطني.
أنا أعرف مشاتل، ومحلات على طريق إربد عمان، وداخل المدن والقرى، والمزارع، يتكدس فيها آلاف الأطنان من الأشجار المقطوعة، ما عدا الذي يستخدم في المفاحم، وإذا ما علمنا أن ثمن الشجرة الواحدة ربما يصل الى أربعمائة دينار، وفق حجمها ووزنها، علينا أن نعرف بالمقابل أن خسارة الوطن مقابل هذا الثمن يساوي أضعاف مضاعفة من الخسائر التي تقع على البيئة، وما تحتوي عليه من تنوع حيوي يخدم الإنسان، والطبيعة عموماً.
نعلم جميعاً أن هناك عقوبات شبه رادعة، لكن إذا تدخلت الواسطات في هذا الشأن فإن الواسطة لن تخرب جرش فقط، إنما ستدمر ما تبقى من ثروات حرجية، سنحتاج الى عشرات الأعوام كي نغطي النقص في زراعة الأشجار الحرجية، وأعتقد جازماً أن الأشجار التي تتعرض للتصفية، هي من الأشجار المعمرة، إذ يبلغ عمر الشجرة المقطوعة حوالي خمسين سنة على أقل تقدير.
المطلوب من وزارة الزراعة بناء أبراج في المناطق ذات الكثافة الحرجية، وتركيب كاميرات مراقبة، وإيجاد تشريع مناسب يؤدي الى تغليظ العقوبات المالية والجزائية، ورفع الغرامة الى ألف دينار غرامة على كل قاطع شجرة، وإرسال دوريات فحص للأشجار المقطوعة والمكدسة في المخازن وعلى جوانب الطرق، وفحصها بواسطة خبراء من وزارة الزراعة لمعرفة عمرها الإفتراضي، والوقت الذي تم الأعتداء عليها وقطعها، ومصادرة الكميات مهما بلغت، وتحويلهم الى القضاء، وبذلك يمكن أن نوقف هذا النزيف في شريان الطبيعة الأردنية التي تتعرض الى أعنف خطر يمكن أن تتعرض له البشرية، وبرأيي هو أخطر من القتل.