القلعة نيوز- كتب تحسين أحمد التل
عندما أسس الصهيوني جابوتنسكي منظمة بيتار، والإتحاد العالمي للصهاينة، كان يرغب من وراء هذا التأسيس؛ الوصول الى حركة تصحيحية يهودية خالية من كل الشوائب.
بالطبع؛ لم تكن تعجبه أفكار بعض الصهاينة الذين طمعوا بإقامة دولة يهودية في فلسطين، والى جانبها دولة فلسطينية مستقبلية، يعيش سكان الدولة بسلام مع جيرانها العرب، كان طموحه أن تكون دولة إسرائيل شاملة كل فلسطين بالإضافة الى الأردن، وتشترك بحدودها مع سوريا، والعراق، والسعودية.
عدل جابوتنسكي أفكاره، ومخططات تنظيمه الى إنشاء كيان كونفدرالي، أو ما يشبه كومنولث يهودي مع الضفة الشرقية، عندما يستقر كل الشعب الفلسطيني في الأردن، ويشكل غالبية ساحقة تجعل من قيام إتحاد يهودي فلسطيني، عربي أمراً في غاية السهولة.
أفكار العراب جابوتنسكي كانت قبل تأسيس دولة إسرائيل بسنوات، مع أن كثير من حاخامات اليهود، كانوا يرفضون إنشاء دولة، أو أي شكل من أشكال الحكم، ليس فقط في فلسطين، أو في قلب الوطن العربي.
.. يعتبر ثيودور هيرتزل الأب الحقيقي للحركة الصهيونية، وهو أول من وضع فكرة قيام دولة، أو كيان في فلسطين، لكن هيرتزل لم تكن أفكاره قد اكتملت قبل مؤتمر بال في سويسرا، بل كان مصراً على اندماج اليهود مع المجتمعات التي يعيشون فيها، وتشكل تجارتهم الرائجة على مر العصور؛ رأس مال اليهود للسيطرة على هذه المجتمعات، وكانت أفكاره تنادي بعدم خروج اليهود من المجتمعات التي يسيطرون عليها بالمال، وإنما ضرورة وجودهم ليبقى العالم تحت أيديهم.
الأفضل؛ وهذا رأي هيرتزل، حكم العالم اقتصادياً وسياسياً، على حكم دولة واحدة في قلب الوطن العربي الإسلامي الذي لن يقبل بوجود دولة صهيونية الى جانب الدول العربية.
وقد أكد هيرتزل على أن فكرة وجود كيان ضعيف بين العرب، سيؤدي الى استنزاف أموال اليهود، وإضعاف الحركة الصهيونية التي ستقوم على دعم هذا الكيان...
قال هيرتزل؛ إذا تعاملنا مع الوضع الذي سينشأ عن قيام دولة بطريقة دينية، وأثبتنا للدول الغربية أننا أصحاب مقدسات، كما للعرب والمسلمين من مقدسات، يجب أن نحافظ عليها، عند ذلك نكون قد حققنا البيئة المناسبة لإنشاء كيان يمكنه أن يعيش الى ما شاء الله.
أفكار هيرتزل المتغيرة، جعلت منه ليس عراباً للحركة الصهيونية، بل أباً روحياً لعدد من المتطرفين اليهود أمثال جابوتنسكي الذي يعتبر هيرتزل هو أحد أنبياء الحركة اليهودية العالمية.
ركزت الحركة الصهيونية على شراء الأراضي في فلسطين بأي ثمن، لهذا، افتتحت الحركة الصهيونية مكاتب لها في إيطاليا، واليونان، وقبرص، وتركيا لشراء الأراضي، مدعومة بمئات الملايين من الدولارات جاءت كتبرعات من يهود الغرب، وحضت على شراء الأراضي من العرب والفلسطينيين بأي ثمن، وقد وصل ثمن الدونم الواحد حوالي عشرة ملايين دولار.
في السنوات الأخيرة التي سبقت قيام دولة إسرائيل، عملت المنظمات اليهودية، وعلى رأسها الحركة الصهيونية على: شراء الأراضي بأي ثمن، وتهجير اليهود من مجتمعاتهم الغربية بمساعدة الإنجليز والحكومات المساندة.
عقدت الحركة الصهيونية مؤتمرها الثاني في زيورخ عام (1938)، واتخذ المؤتمر القرارات التالية:
- الإحتفال بمرور (40) عاماً على قيام المؤتمر الصهيوني الأول.
- إنتخاب بن غوريون لرئاسة اللجنة التنفيذية للمؤتمر، ومنحه صلاحيات إعلان الدولة في الوقت المناسب.
- ترحيل (480) ألف يهودي من مجتمعاتهم الى فلسطين فوراً، لتأسيس نواة الدولة قبل انسحاب بريطانيا من فلسطين.
كانت القرارات التي اتخذها اليهود في المؤتمر الذي سبق قيام دولتهم بسنوات قليلة، بمثابة القاعدة الحقيقية التي قامت عليها إسرائيل عام (48) عندما أعلن بن غوريون قيام الدولة، واعتراف الغرب والشرق بإسرائيل.
يُعد جابوتنسكي الأب الروحي والسياسي لحركة حيروت التي تزعمها مناحيم بيغن، ولا نريد أن نذكر القارىء من هو بيغن الذي يعتبر من أكثر اليهود تطرفاً على وجه الأرض.
جابوتنسكي أيضاً هو صاحب نظريات مهمة بالنسبة لليهود، فهو صاحب نظرية الجدار الحديدي قولاً وعملاً، عن طريق بناء سور يحمي دولة إسرائيل، وبناء مستوطنات مسلحة؛ تكون في مواجهة العرب كدرع واق في الحروب التي ستخوضها دولتهم مستقبلاً.
نظرية الجدار الحديدي التي تبناها جابوتنسكي، أفرزت طرقاً إلتفافية ابتلعت آلاف الدونمات من الأراضي الفلسطينية، ولا زالت المستوطنات تأكل الأراضي دون وجود حل حقيقي ينهي الإحتلال، ولو على جزء بسيط مما تبقى من فلسطين.
إذا كان الجدار الحديدي، والمستوطنات، جزء من أفكار المجرم فلاديمير جابوتنسكي؛ لنتخيل ما الذي حملته عقول اليهود منذ زمن بعيد، وما الذي تحمله عقول اليهود من بلاوي في الألفية الثالثة... الله يستر؟