شريط الأخبار
الأمير مرعد يزور مصابين عسكريين في إربد الصفدي يشارك بالاجتماع التحضيري للقمة العربية في القاهرة حسَّان يؤكد حرص الحكومة على الحوار المستمر مع مختلف الكتل النيابية الحزبيَّة مالية الاعيان تناقش المسؤولية المجتمعية للقطاع الخاص "تنظيم الطاقة" تتلقى 833 طلبا للترخيص خلال كانون الثاني مسابقة لتصميم شعار "عمان عاصمة الشباب العربي 2025" النائب مشوقة يسأل الحكومة عن مسيرات تخترق الحدود الغربية مندوبا عن الملك وولي العهد .. العيسوي يعزي عشيرة الحويان رمضان في الأردن .. تنوع ثقافي وتجارب روحية للطلبة الوافدين الملك يتقبل اوراق اعتماد سفراء اليابان وتركيا ومالطا وفيتنام وأثيوبيا ونيكاراغوا "الدوار" عند الإنحناء.. ما هي أسبابه؟ كنز غذائي.. فوائد صحية مذهلة في الفستق أسباب محتملة لاضطراب الذاكرة الأطعمة الأكثر فائدة لبصر قوي 4 شروط لوجبة سحور صحية تسد معاك فى الصيام مشروب البابونج لسفرة رمضان طريقة عمل صينية لحم بالباذنجان جرّبي هذه الطريقة البسيطة للتخلّص من الدهون الحشوية لكل سيدة.. احذري "اضطراب الغدة الدرقية" فالأمر خطير! كفتة بالطحينية على طريقة المطاعم

هبة احمد الحجاج نكتب "خَلِيْكَ فِي حَالِكَ" وابتعد عن الفضول وخصوصيات الاخرين

هبة احمد الحجاج نكتب خَلِيْكَ فِي حَالِكَ    وابتعد عن الفضول وخصوصيات الاخرين
القلعه نيوز - بقلم - هَبَّهُ أَحْمَدُ الْحَجَّاجِ *


يَوْمُ الْإِجَازَةِ .. هُوَ يَوْمُ الِاحْتِفَالِ الْعَالَمِيُّ لِلْمُوَظَّفِينَ مِنْ شَتَّى أَنْحَاءِ الْعَالَمِ ، وَ مَهْمَا اخْتَلَفَتْ مِهَنُهُمْ أَوْ حَتَّى وَظِيفَتُهُمْ، الْمُهِمُّ هُوَ الْيَوْمُ الْوَحِيدُ الَّذِي لَنْ أَلْتَزِمَ فِيهِ بِالِاسْتِيقَاظِ مُبَكِّرًا ، أَوْ خَلْقِ الْأَعْذَارَ الْكَاذِبَةَ أَوْ حَتَّى الصَّحِيحَةَ ، تَشْعُرُ وَ كَأَنَّكَ تَحَرَّرْتَ مِنْ هَذَا الرُّوتِينِ الْمُمِلِّ وَ الْجَمِيلِ فِي نَفْسِ الْوَقْتِ ، لِأَنَّ الْحَقَّ يُقَالُ ، أَنَّ لَوْلَا هَذَا الرُّوتِينُ لَمَا كُنَّا اسْتَمْتَعْنَا وَ شَعَرْنَا بِمَذَاقِ الْعُطْلَةِ ، وَ الْكَثِيرُ مِنْ أُمُورِ الْعَمَلِ الْمُفِيدَةِ ، وَ الْجَمِيعُ يَعْرِفُهَا دُونَ التَّطَرُّقِ إِلَى ذَلِكَ .

وَأَنَا بِمَا أَنَّنِي مَجَازٌ ، وَ أُرِيدُ الِاسْتِمْتَاعَ بِكُلِّ ذَرَّةٍ مِنْ الْعُطْلَةِ، اسْتَيْقَظْتُ مِنْ السَّاعَةِ السَّادِسَةِ صَبَاحًا وَ كَأَنَّنِي أَنَا وَالِدَيْكِ سَوِيًّا بِدُونِ مُبَالَغَةٍ ، وَ مَعَ ذَلِكَ حَاوَلْتُ أَنْ أَتَمَالَكَ أَعْصَابِي وَ أَتَمَاشَى مَعَ الْحَدَثِ وَ كَأَنَّهُ لَمْ يَحْدُثْ ، فَقَرَّرْتُ أَنْ أَقُومَ بِعَمَلِ فِنْجَانٍ مِنْ النُّسْكَافِيَّةِ ، وَ أَجْلِسُ عَلَى شُرْفَةِ الشُّقَّةِ وَ أَتَأَمَّلُ مَنْظَرَ الصَّبَاحِ الْجَمِيلَ ، وَ بِالْفِعْلِ قُمْتُ بِذَلِكَ عَلَى أَكْمَلِ وَجْهٍ ، وَ بَيْنَمَا أَنَا كَذَلِكَ أَسْتَمْتِعُ بِأَصْوَاتِ الطَّبِيعَةِ بَعِيدًا عَنْ ضَجِيجِ الْبَشَرِ ، وَ إِذْ أُشَاهِدُ جَارِي أَمَامِي فِي عُقْرِ دَارِي ، كَيْفَ دَخَلَ؟! مِنْ الَّذِي فُتِحَ لَهُ الْبَابُ ؟! هَلْ هُوَ يَتَعَامَلُ مَعَ الْجِنِّ وَ الْعِيَاذُ بِاَللَّهِ ؟! وَمَا أَنْ اسْتَوْعَبْتُ اللَّحْظَةُ ، حَتَّى سَمِعْتُهُ وَهُوَ يَقُولُ : لَا تَخَفْ وَ لَا تَقْلَقْ يَا جَارُ كَانَ الْبَابُ مَفْتُوحًاً بَعْضَ الشَّيْءِ ، فَقَلِقْتُ أَنْ يَكُونَ لَا قَدَّرُ اللَّهِ حَدَثَ لَكَ مَكْرُوهٌ ، فَفَتَحْتَ الْبَابَ، وَ الْحَمْدُ اللَّهَ وَجَدْتُكَ وَ لَيْسَ بِكَ مَكْرُوهٌ .

فَقُلْتُ فِي نَفْسِي " الْحَذَرُ وَ الْفُضُولُ لَا يَأْكُلَانِ مِنْ صَحْنٍ وَاحِدٍ"،

وَ لَكِنْ " إِنَّ بَعْضَ الظَّنِ إِثْمٌ " لَعَلَّهُ كَذَلِكَ ، فَأَجْلَسْتْهُ وَ أَحْضَرْتْ لَهُ كُوبًا مِنْ الْقَهْوَةِ ، وَ تَفَاجَأَتْ بِانْهِمَارِ الْأَسْئِلَةِ ، سُؤَالُ تِلْوِ الْأُخَرِ ، مِنْهَا : جَارٌ سَمِعْتَ أَنَّكَ تَعْمَلُ فِي عِدَّةِ مَوَاقِعَ وَ صُحُفٍ إِخْبَارِيَّةٍ فَبِالتَّأْكِيدِ تَتَقَاضَى رَاتِبٌ وَ قَدْرَهُ ، لَعَلَّكَ تَتَقَاضَى بِالْآلَافِ هَهْهْهُهْهْهْ، وَ مَعَ ذَلِكَ لَمْ تُفَكِّرْ فِي تَغْيِيرِ مَكَانِ سَكَنِكَ أَوْ حَتَّى سَيَّارَتِكَ ، لِمَاذَا يَا تَرَى ؟! قَدْ لَا تُرِيدُ أَنْ تُخْبِرَ النَّاسَ أَنَّكَ أَصْبَحْتَ مِنْ الْأَثْرِيَاءِ، لَا أَلُومُكَ هَهْهْهُهْهُهْ، كُنْتُ صَامِتًاً مُتَعَجِّبًا مَذْهُولًاً مِنْهُ ، وَ لَكِنْ سُرْعَانَ مَا تَمَالَكْتُ نَفْسِي وَقُلْتُ لَهُ وَ مَاذَا عَنْكَ ؟! أَلَا تُرِيدُ أَنْ تُخْبِرَنَا أَمْ أَنَّكَ سَتَتَّبَعُ سِيَاسَتِي حَتَّى لَا يَقُولَ لَكَ النَّاسُ "أَنَّكَ مِنَ الْأَثْرِيَاءِ" ، فَكَانَتْ الْإِجَابَةُ طَامَّةً بِالنِّسْبَةِ إِلَيَّ : أَنَا ! مِنْ أَيْنَ لِي يَا حَسْرَةُ ؟! أَنَا لَسْتُ مَوْهُوبَ مِثْلَكَ ، أَلَمْ تَسْمَعْ بِالْمَثَلِ الَّذِي يُقَالُ " الدُّنْيَا خِيَارٌ وَفُقُوسٌ" .

تَمَالَكْتُ نَفْسِي لِلْمَرَّةِ الثَّالِثَةِ ؛ وَ لَكِنَّنِي شَعَرْتُ بِالْغَضَبِ الشَّدِيدِ وَ كَأَنَّنِي مَاءٌ مَغْلِيَةٌ تُغْلَى عَلَى النَّارِ ، وَقُلْتُ لَهُ سَأَرْوِي لَكَ قِصَّةً لِلتَّسْلِيَةِ :

انْتَقَلَ زَوْجَانِ شَابَّانِ لِيَعِيشَا فِي حَيّ جَدِيدٍ. وَفِي صَبَاحِ الْيَوْمِ التَّالِي، وَ بَيْنَمَا يَتَنَاوَلَانِ الْإِفْطَارَ ، رَأَتْ الزَّوْجَةُ جَارَتَهَا تَنْشُرُ الْغَسِيلَ خَارِجًاً.

فَقَالَتْ فَوْرًاً : "الْغَسِيلُ لَيْسَ نَظِيفًاً، إِنّهَا لَا تَعْرِفُ كَيْفَ تُغْسِلُ بِشَكْلٍ صَحِيحٍ، رُبَّمَا تَحْتَاجُ لِصَابُونٍ أَفْضَلَ !!! "


نَظَرَ زَوْجُهَا إِلَى الْخَارِجِ وَ لَكِنَّهُ بَقِيَ صَامِتًاً. وَفِي كُلِّ مَرَّةٍ تَقُومُ الْجَارَّةُ بِنَشْرِ الْغَسِيلِ، تَقُولُ الزَّوْجَةُ ذَاتُ التَّعْلِيقَاتِ.


بَعْدَ شَهْرٍ، دُهَشَتْ الزَّوْجَةُ لِرُؤْيَةِ الْغَسِيلِ نَظِيفٌ عَلَى حَبْلِ بَيْتِ جَارَتِهَا، فَقَالَتْ لِزَوْجِهَا: "انْظُرْ، لَقَدْ تَعَلَّمَتْ جَارَتُنَا كَيْفَ تُغْسِلُ بِشَكْلٍ صَحِيحٍ، وَ لَا أَدْرِي مِنْ عِلْمِهَا هَذَا؟


فَقَالَ لَهَا زَوْجُهَا: "لَقَدِ اسْتَيْقَظْتُ بَاكِرًاً هَذَا الصَّبَاحَ، وَ قُمْتُ بِتَنْظِيفِ نَوَافِذِ بَيْتِنَا" !!!


هَذَا هُوَ الْحَالُ مَعَ الْحَيَاةِ ؛ إِنَّ مَا نَرَاهُ عِنْدَمَا نُرَاقِبُ الْآخَرِينَ ، يَعْتَمِدُ عَلَى نَقَاءِ النَّافِذَةِ الَّتِي نَنْظُرُ مِنْ خِلَالِهَا. قَبْلَ أَنْ نُقْدِمَ عَلَى أَيِّ انْتِقَادٍ، قَدْ يَكُونُ مِنْ الْمُنَاسِبِ أَنْ نَسْأَلَ أَنْفُسَنَا إِذَا كُنَّا عَلَى اسْتِعْدَادٍ لِرُؤْيَةٍ جَدِيدَةٍ بَدَلًاً مِنْ أَنْ نَبْحَثَ عَنْ شَيْءٍ فِي الْآخَرِ لِنَقَاضِيهِ عَلَيْهِ .

كَثِيرًاً مِنَ النَّاسِ يُضِيعُ مِنْ جَهْدِهِ وَ وَقْتِهِ فِي تَتَبُّعِ خُصُوصِيَّاتِ النَّاسِ إِذْ أَصْبَحَ هَذَا السُّلُوكُ الْغَرِيبُ عَادَةً يُمَارِسُهَا عِدَّةُ أَشْخَاصٍ، وَ مَرَضٌ يُبْعِدُهُ عَنْ شَغْلِ نَفْسِهِ بِمَا يَنْفَعُهُ فِي دُنْيَاهُ وَ آخِرَتِهِ ، لَكَانَ أَنْفَعَ لَهُ لَوْ يَشْغَلُ نَفْسَهُ بِقِرَاءَةِ قُرْآنٍ أَوْ سُورَةٍ يَحْفَظُهَا أَوْ تَسْبِيحَةٍ لَكَانَ ذَلِكَ أَنْفَعَ لَهُ .

وَ تَفَاجَأَتْ أَنَّهُ يُعْتَقِدُ أَنَّهَا مِنَ الْأُمُورِ الْعَادِيَّةِ وَ الطَّبِيعِيَّةِ ! ظَنًّاً مِنْهُ بِأَنَّهُ يُقَدِّمُ خِدْمَةً إِنْسَانِيَّةً وَ أَنّ الْآخَرِينَ بِحَاجَةٍ إِلَيْهِ وَ إِلَى مُسَاعَدَتِهِ ، وَ الَّذِي زَادَ الطِّينُ بَلَّهُ أَنَّهُ يُعْطِي نَفْسَهُ الْحَقَّ فِي تَرَصُّدِ وَ تَتَبُّعُ أَخْبَارِ الْآخَرِينَ، سَوَاءٌ بِحُكْمِ الصَّدَاقَةِ أَوْ الزَّمَالَةِ فِي الْعَمَلِ، أَوْ بِحُكْمِ الْقَرَابَةِ أَوْ الْجِوَارِ.


وَهُنَا انْتَابَنِي حَالَةً مِنْ الذُّهُولِ الْمَمْزُوجَةِ بِالصَّمْتِ، وَ بَيْنَمَا أَنَا كَذَلِكَ مَا رَأَيْتُهُ إِلَّا أَنْ وَقَفَ وَ أَخَذَ يُؤَشِّرُ عَلَى جَارِنَا " الَّذِي يَبْلُغُ مِنْ الْعُمْرِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ عَامًا " وَهُوَ الْآنَ فِي سَنَةِ تَحْدِيدِ الْمَصِيرِ كَمَا يَقُولُونَ "مَرْحَلَةُ التَّوْجِيهِيِّ" ، فَأَخَذَ يُنَادِي عَلَيْهِ وَ يَقُولُ : اُنْظُرْ بَدَلًاً مِنْ أَنْ يَدْرُسَ دُرُوسَهُ وَ يُفَكِّرَ كَيْفَ سَيَأْتِي بِمُعَدَّلِ امْتِيَازٍ وَكَيْفَ أَنَّهُ سَيَفْعَلُ ذَلِكَ ... الْخُ، يُمْسِكُ كُتُبَ التَّنْمِيَةِ الْبَشَرِيَّةِ وَ يُثْقِفُ نَفْسَهُ، اُنْظُرْ !

فَأَتَاهُ الرَّدُ مُسْرِعًا و قَالَ : أَتَعْلَمُ ، الْآنَ قَرَأْتُ فِقْرَةً أَثَارَتْ إِعْجَابِي كَثِيرًا تَقُولُ : بَدَلًا مِنْ التَطَفّلِ عَلَى خُصُوصِيّاتِ الْآخَرِينَ ،

حَاوَلَ أَنْ تَتَطَفّلَ عَلَى الْمَنَاطِقِ الْمُظْلِمَةِ فِي عَقْلِكَ تِلْكَ الَّتّي لَمْ تَحْظَ بِنِعْمَةِ الْفَهْمِ حَتّى الْآنَ وَ اسْتِيعَابِ نِعْمَةِ عَدَمِ التَّدَخُّلِ فِي شُؤُونِ الْآخَرِينَ ، وَأَنْ لَا تُصْبِحَ إِنْسَانٌ حَاقِدَ حَسُودَ ، يَنْظُرُ إِلَى مَا يَمْلِكُهُ غَيْرُكَ .

وَ أَنَا أَقُولُ لَكَ : أَنْ تَضَعَ أَنْفَكَ فِي كِتَابٍ، خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ تَضَعَهُ فِي شُؤُونِ الْآخَرِينَ . صَبَاحَ الْخَيْرِ...

وَهُنَا انْتَابَتْنِي حَالَةٌ هِسْتِيرْيَا مِنْ الضَّحِكِ ، كَانَتْ الْإِجَابَةُ جِدًّا قَوِيَّةً ،

وَ مَا أَنْ شَعَرَ بِالْإِحْرَاجِ قَلِيلًاً ، حَتَّى الْتَفَتَ إِلَى جَارَتِنَا ، هَذِهِ كَانَتْ جِدًّا تُحِبُّ الطَّعَامَ الشَّهِيَّ وَ تَأْكُلُهُ بِشَرَاهَةٍ ، وَ كَانَتْ مِنْ طُقُوسِهَا اللَّطِيفَةِ ؛ أَنْ تَأْكُلَهُ عَلَى شُرْفَةِ الْمَنْزِلِ ، وَمَا أَنْ رَأَهَا بَدَأَ يُلْقِي عَلَيْهَا أَسْئِلَتَهُ الْمُعْتَادَةَ ، فَقَالَ " مَتَى سَتُقَرِّرِي أَنْ تَتَزَوَّجِي؟ تُوقَّفِي عَنْ هَذِهِ الْمَأْكُولَاتِ، سَتَزِيدُ مِنْ وَزْنِكِ بِزِيَادَةِ " تَرَكْتَ الْأَكْلَ الَّذِي بِيَدِهَا وَ قَالَتْ لَهُ : أَتَعْلَمُ ؟ ذَكَرَتْنِي بِرَجُلٍ يُشْبِهُكَ تَمَامًا كَانَ فِي مُنَاسِبِهِ يَقُولُ :

فَرَأَيْتُ أَحَدَ الْحُضُورَ أَسْرَفَ فِي شُرْبِ الْقَهْوَةِ وَ أَكْلِ التَّمْرِ !!

فَقُلْتُ لَهُ : أَرَاكَ تَدْمِنُ الْقَهْوَةَ وَ التَّمْرَ .

فَرَدَّ عَلِيَّ قَائِلًاً : هَلْ تَعْلَمُ أَنَّ جِدِّي عَاشَ 100 عَامَ ؟

قُلْتُ لَهُ : هَلْ كَانَ يُدْمِنُ الْقَهْوَةَ وَ التَّمْرَ مِثْلُكَ ؟

قَالَ لِي : لَا

وَلَكِنَّهُ كَانَ لَا يَتَدَخَّلُ فِي شُؤُونِ الْآخَرِينَ.

أُُعْلَنَ إِعْجَابِي بِكُلّ شَخْصٍ تَسْمَحُ لَهُ الْفُرْصَةُ

عِدَّةَ مَرَّاتٍ أَنْ يَتَدَخَّلَ فِي شُؤُونِ الْآخَرِينَ وَ لَكِنَّهُ لَا يَفْعَلُ .


وَ لِلْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ عَلَى التَّوَالِي ، أَضْحَكُ مِنْ قَلْبِي فِي نَفْسِ الْيَوْمِ ، لَمْ أَسْتَطِعْ أَنْ أَتُمَالَكَ نَفْسِي صِدْقًا ، فَأَصْبَحْتُ أَضْحَكُ بِشَكْلٍ خَفِيفٍ ، حَتَّى يَشْعُرَ بِالْإِحْرَاجِ أَكْثَرَ مِنْ أَنَّهُ مُحْرَجٌ، وَ بَيْنَمَا أَنَا أُخَفِّفُ عَنْهُ لَمَّا حَصَلَ مَعَهُ ، تَارَةً أَضْحَكُ وَ تَارَةً أَبْتَسِمُ ، زَارَنِي جَارِي الطَّاعِنَ فِي السِّنِّ كَانَ لَهُ أَغْنَامٌ، وَ كَانَ يُعَامِلُهُمْ كَأَوْلَادِهِ، وَ لَكِنَّ جَارِيَ الْفُضُولِيِّ لَمْ يُحَرِّمْ نَفْسَهُ وَأَبَى إِلَّا أَنْ يَسْأَلَ أَسْئِلَتَهُ الْمُعْتَادَةَ وَ قَالَ لَهُ : شَخْصٌ مِثْلُكَ كَبِيرٌ بِالسِّنِّ يَجِبُ أَنْ يَبْقَى فِي بَيْتِهِ ، مُعَزَّزٌ مُكْرَمٌ، لَا يَرْعَى أَغْنَامَ هَذِهِ الْمِهْنَةِ تَحْتَاجُ شَخْصًا فَتِي .

سَكَتَ قَلِيلًا جَارِي ثُمَّ قَالَ لَنَا : هُنَالِكَ قِصَّةٌ أَعْجَبْتَنِي كَثِيرًا فَقُلْتُ أَنْ أُشَارِكَكُمْ بِهَا :

الْخَرُوفِ وَ الْحِصَانُ الْمَرِيضُ .


كَانَ هُنَاكَ حِصَانٌ مَرِيضٌ و قَالَ الطَّبِيبُ الْبَيْطَرِيُّ لِلْمُزَارِعِ : إِذَا لَمْ يَتَعَافَى فِي ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ، يَجِبُ قَتْلُهُ.


سَمِعَ الْخَرُوفَ كُلَّ شَيْءٍ ،قَالَ لِلْحِصَانِ : انْهَضْ!!


لَكِنَّ الْحِصَانَ مُتْعَبٌ جِدًّا وَلَمْ يَسْتَطِعْ ..


فِي الْيَوْمِ الثَّانِي جَاءَ الْخَرُوفُ إِلَى الْحِصَانِ وَ قَالَ لَهُ : انْهَضْ بِسُرْعَةٍ ! يَا أَخِي حَاوِلْ ؛ لَكِنَّ الْحِصَانَ لَمْ يَقْدِرْ أَبَدًا ..


فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ ،

جَاءَ الْخَرُوفُ و قَالَ لِلْحِصَانِ : انْهَضْ وَ إِلَّا سَيَقْتُلُونَكَ ، خَافَ الْحِصَانَ وَ جَمَعَ قُوَاهُ وَ نَهَضَ أَخِيرًا .


قَالَ الْخَرُوفُ لِلْحِصَانِ : الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى السَّلَامَةِ ..

حَضَرَ الْفَلَاحُ وَهُوَ سَعِيدٌ جِدًّا لِمُشَاهَدَةِ الْحِصَانِ يَقِفُ ، وَ نَادَى لِعَائِلَتِهِ وَ ابْنِهِ ، وَ قَالَ :

يَجِبُ أَنْ نَحْتَفِلَ بِهَذَا !!

اذْبَحُوا الْخَرُوفَ .


الْعِبْرَةِ :

خَلِيْكَ فِي حَالِكَ .


وَمَا أَنْ سَمِعْتْ هَذِهِ الْقِصَّةَ حَتَّى وَصَلَ صَوْتُ ضَحْكَتِي إِلَى كُلِّ أَرْجَاءِ الْعِمَارَةِ وَ ضَوَاحِيهَا ، وَ رَأَيْتُ جَارِي الْفُضُولِيَّ يُغَادِرُ الْمَكَانَ عَلَى الْفَوْرِ ، شَعَرْتُ لَوَهْلَةٍ بِالْحُزْنِ عَلَيْهِ ، وَ كُنْتُ أُرِيدُ أَنْ أَقُولَ لَهُ : الْعَاقِلُ كُلَّ الْعَاقِلِ ، مَنْ يَنْشَغِلُ بِنَفْسِهِ وَ لَا يَنْشَغِلُ بِالنَّاسِ، وَهَمُّهُ إِصْلَاحُ ذَاتِهِ، وَ تَنْمِيَةُ عَقْلِهِ، وَ تَطْوِيرُ فِكْرِهِ ، وَ تَصْحِيحُ مَسَارِهِ، وَ تَكْوِينِ شَخْصِهِ، مُنْطَرِحٌ فِيمَا يُفِيدُهُ وَ يَنْفَعُهُ وَ يُرْضِي رَبَّهُ عَنْهُ، لَا مِسَاحَةَ فِي نَفْسِهِ لِلِانْشِغَالِ بِالنَّاسِ وَ أَحَادِيثِهِمْ عَنْهُ، مُكْتَفٍ بِذَاتِهِ عَنْ حَيَاةِ الْآخَرِينَ، وَ لَا تَسْأَلُ عَنْ سَعَادَتِهِ وَ رَاحَتِهِ وَنَجَاحِهِ.

وَأَقُولُ لَكُمْ : يُقَاسُ رُقِيّ الْإِنْسَانِ بِتَقَلُّصِ مِسَاحَاتِ الْفُضُولِ لَدَيْهِ حَوْلَ خُصُوصِيّاتِ الْآخَرِينَ وَ تَفَاصِيلِ حَيَاتِهِمْ، بِنَأْيِهِ عَنْ حَشْرِ ذَاتِهِ فِيمَا لَا عَلَاقَةَ لَهُ بِهِ مِنْ شُؤُونِ غَيْرِهِ، فَلَا يَصَبّ اهْتِمَامُهُ عَلَى مَا لَا يَعْنِيهِ، وَ لَا يَحْفُلُ بِالْقِيلِ وَالْقَالِ ، وَ كَثْرَةِ التَّطَفُّلِ وَالسُؤَالِ.
* شُرُوقُ الْقُوَيْعِيِّ .