د. عديل الشرمان
القلعة نيوز- حساباتك الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي مرآة تعكس الكثير من جوانب شخصيتك، وهي الغرف التي تقضي فيها وقت طويل، ومن خلالها يمكن للمتابعين والأصدقاء والأجهزة الأمنية والمعنية تحليل شخصيتك، ومعرفة اهتماماتك واتجاهاتك السياسية والأخلاقية ومعتقداتك الدينية، ورصد تحركاتك، ومن خلالها يمكن قراءة سماتك وخصائصك الشخصية ومزاجك وانفعالاتك (مؤيد، معارض، صامت، حقود، لئيم، منفتح، منغلق، متملق، منفصم، متماسك، متزن، أهوج، أهبل، عصابي، عصامي، انفعالي، ساذج، نسونجي، مصلحجي، سحيج، متزلّف، مداهن،...الخ) ومهما حاولت أن تكون ذكيا أو ماكرا فليس بوسعك إخفاء حقيقتك، أو الاختباء خلف حساباتك، فالطبع يغلب التطبّع، والأثر يدل على المسير.
لكي تعرف أكثر عن سلوكك، إليك هذه الحقائق العلمية:
تشير الدراسات إلى أن النساء هن الأكثر تأثراً بمنصات التواصل الاجتماعي، والأكثر تأثرا بأسلوب حياة الآخرين، وحتى فيما يتعلق بالتسوق والشراء، والموضة، ويسعين بذلك إلى تحقيق شعور من الرضا النفسي لديهن، إلا أن ذلك الشعور المنشود قلما يتحقق وربما ينقلب إلى قلق نفسي متواصل.
يعتقد البعض أن من يقضون وقتا طويلا على مواقع التواصل الاجتماعي أنهم أكثر انفتاحا، في حين أن الدراسات تقول عكس ذلك تماما، حيث تشير إلى أن من يقضون وقتا طويلا على مواقع التواصل الاجتماعي وفي العالم الافتراضي يكونون أكثر عزلة وأقل تواصلا في الواقع الحقيقي، فقد توصلت دراسة نشرت في المجلة الأمريكية للطب الوقائي وشملت استطلاع آراء سبعة الاف شخص إلى أن الأشخاص الذين يقضون وقتا أطول على مواقع التواصل الاجتماعي يصبحون أكثر عرضة بمقدار الضعف للشعور بالعزلة الاجتماعية.
يميل البعض إلى التكلم والحديث عن أنفسهم وخصوصياتهم، وما يتناولونه من طعام وشراب، أو لباس، أو مقتنيات وأثاث، فهؤلاء بحسب الدراسات يرتفع لديهم مستوى الشعور بالوحدة، وأكثر ميلا نحو العصابية، وهو نوع من الخوف والاكتئاب والقلق الذي يؤدي إلى الاضطراب في الشخصية والتوازن النفسي.
تبين الدراسات أن مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي ممن يظهرون اهتماما بصور المشاهير في الفن والرياضة هم في الغالب شخصيات تابعة وغير قيادية، وينخفض لديهم تقدير الذات، ولا يمتلكون حياة خاصة.
يذهب بعض مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي إلى الإكثار من تحديث معلوماتهم الخاصة تلك المتصلة بعلاقاتهم العاطفية، فهؤلاء يتصفون بعدم الاستقرار العاطفي، ومن أصحاب الثقة الضعيفة بالنفس.
بينت الدراسات أن مشاركة الأصدقاء والتفاعل معهم يشير إلى تقدير مستخدم مواقع التواصل الاجتماعي لذاته ولغيره، في حين أن من يقصدون مراقبة وتتبع حياة الآخرين من غير مشاركتهم والتفاعل معهم يعانون أكثر من غيرهم من الحسد والغيرة ويميلون إلى الاكتئاب.
يكثر البعض من الاقتباسات، وابداء الإعجاب بما يكتبه وينشره الآخرون من غير أن يكون لهم رأي خاص، أو بصمة ذاتية، فهؤلاء تضعف لديهم القدرة على التعبير عن آرائهم، وتقل ثقتهم بأنفسهم، ويلجئون إلى الاقتباس للتباهي والتظاهر بالمعرفة، والتغطية على ضعف معرفتهم وضحالة ثقافتهم.
أصدقاؤك ممن قبلتهم هم مؤشر في بعض الأحيان على التشابه بين تفكيرك وتفكيرهم، وربما تقارب في المستوى الاجتماعي والمهني، وفي حال قبلت أصدقاء تختلف معهم فهذا يعنى قبولك بالرأي الآخر والاختلاف وهو مؤشر ايجابي، وفي كلتا الحالتين فإن اختيارك للأصدقاء قبولا أو رفضا في الواقع الافتراضي يعكس إلى حد كبير جوانب من شخصيتك في الواقع الحقيقي، ومدى التزامك بالضوابط الاجتماعية وبقيم المجتمع وثقافته وتقاليده، وبجوانب اهتماماتك في الحياة العامة.
الاهتمام بقراءة المقالات الثقافية واعادة تغريدها ونشرها لا يعد اقتباسا، وهو سلوك ايجابي ودليل على الفكر الناضج والاتزان، والرغبة بالانفتاح والابداع، ومؤشر على مستوى ثقافة مستخدم مواقع التواصل الاجتماعي.
وبحسب دراسة أجريت على آلاف من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، فإن نسبة الاكتئاب والقلق ترتفع لثلاث أضعاف عند من يستخدمون هذه المواقع لساعات طويلة خلال اليوم.
في المحصلة إذا أردت معرفة شخص فلا داعي للانشغال كثيرا بالسؤال عنه، بإمكانك ذلك من خلال حساباته وتفاعله على مواقع التواصل الاجتماعي لتكتشف الكثير من سماته وخصائصه وجوانب شخصيته حتى المخفي منها، وطريقة تفكيره واهتماماته ومستوى ثقافته، ومدى قوة منظومة القيم والأخلاق لديه.