شريط الأخبار
السفير القضاة يلتقي وزير التعليم العالي والبحث العلمي السوري كواليس رحلة اتفاق السلام في غزة من "مخبأ المليارديرات" إلى شرم الشيخ إيران تغيب عن قمة شرم الشيخ رغم تلقيها دعوة أمريكية شخصيات تعلن عزمها المشاركة بالقمة الدولية بشأن غزة في مصر نائب الرئيس الأميركي: سيتم إطلاق سراح المحتجزين من غزة "في أي لحظة" فرنسا: الاتحاد الأوروبي سيعزز حضوره في غزة الحكومة الإسرائيلية: إطلاق سراح الرهائن من غزة قبل الفلسطينيين قمة شرم الشيخ للسلام: إيران مدعوة ونتنياهو يتغيب و"حماس" حاضرة بالوساطة الرئيس السيسي: مصر لن تقف مكتوفة الأيدي أمام نهج إثيوبيا غير المسؤول بنهر النيل حماس: الإفراج عن المحتجزين في غزة سيبدأ صباح الاثنين استطلاع: 87% من الأردنيين راضون عن موقف الدولة تجاه الحرب على غزة إسرائيل: نزع السلاح من غزة يعني تدمير جميع أنفاق حماس حماس: الحركة لن تحكم غزة بعد الحرب الأردن يستضيف ثلاثة اجتماعات إقليمية حسين الشيخ وبلير يبحثان في الأردن مرحلة مابعد الحرب في غزة وزير العدل: 19 ألف وثيقة موقعة رقمياً في قصر عدل عمان التعليم العالي: اليوم آخر موعد لتقديم طلبات التجسير دون تمديد الخارجية: وصول 45 شخصا من رعايا دول أخرى كانوا على متن أسطول الحرية إلى المملكة غوتيريش يشارك بقمة شرم الشيخ للسلام الدراسات الاستراتيجية: 70 % من الأردنيين يثقون بحكومة الدكتور جعفر حسان

احمد الكواملة يكتب : شهادة في ثقافة وأغنية الطفل

احمد الكواملة يكتب : شهادة في ثقافة وأغنية الطفل






"أن فرصة الإمساك بالمستقبل ما زالت بين أصابعنا ،أفاق ثقافة الطفل و أغنيته جزء منها تعد بالكثير, إذا عرفنا كيف نبدع بإحساس الطفل وإذا طرقنا بشدة جدران المؤسسات الثقافية المعنية , وأخطرها شأناً مؤسسة الإذاعة والتلفاز"






==========================

القلعه نيوز - بقلم : احمد الكواملة

==========================

لحظات من الرهبة أحسستها و أنا أقف أول مرة , أمام باقة من الأطفال ، كان هذا في السنة الأولى التي أتصل فيها بتلاميذ الصف الأول الابتدائي ، حشدت كل ما لقنت من نظريات تربية وعلم نفس

أحسست بخواء ثقيل ، حاجز يعمق الهوة بيني وبين هؤلاء الأطفال الرائعين ، لا أدري كيف استيقظ ذلك الشيء الغائب منذ ولادتي بعد طول سبات ، طفلاً بريئاً مشاكساً ودوداً، فر من صدري إلى تلك المقاعد الخشبية حيث تجلس تلك الباقة من الأزهار, عندها فقط تلاشت تلك الرهبة ، وتفتقت في ناظري عوالم فسيحة من البهجة , البراءة , الدهشة , الجمال .

يا لعالم الطفولة الفاتن , ظننت لفترة أنني اكتشفته ، عرفته كظاهر يدي، غير أني كنت أدرك في كل يوم , عاماً اثر عام أنني مازلت أجهد في اكتشافه من جديد , فضاء هائل من الاحتمالات , أنه عالم الطفولة الذي لا أظن أن احد يمكنه زعم إمساكه ، قد يقيم جسوراً من التواصل ، التي لا يتاح لأحد أن يقيمها إلا إذا فر من قلبه ذلك الطفل القديم , الغائب الذي فر من قلبي ذات يوم ،

بغير هذا لن تتاح لأي مهتم أدنى مقاربة من عالم الطفولة ذاك، وبغير هذا لن يقيض لمبدع أن يقدم ثقافة تخاطبه ، لأنه ببساطة سيفرض عالمه هو " عالم الكبار وثقافة الكبار " وهذا تماماً ما يقع فيه كثير من يتنطعون لثقافة الطفل .

بعضهم يخضع عالم الطفولة لمقايسه العقلانية المسطحة ، والتي لا تتجاوز الاعتقاد بقصور مدركات الأطفال وضعف ملكاتهم ، فيقدم لهم ثقافة مسطحة مبتسرة ، لن افجأ إذا واجهها الأطفال بكثير من الاستياء والاستخفاف .

اقول أن إي مبدع لن تتاح له مقاربة عالم الطفولة مهما عظمت أسلحته الثقافية والأكاديمية، إذا لم يسبقها حضوره الطفولي , إذا لم يدع الأطفال يكتبون معه ما يكتب لهم , يلحنون معه ما يلحن لهم , يغنون معه ما يغني لهم ، يواجهون معه المواقف ويقترحون الحلول ، يضعون معه قاموسهم اللغوي والدلالي الحي، قيمهم الإنسانية العميقة الواعدة ، يعالج معهم في المرة الواحدة فكرة واحدة , أو عدداً محدوداً من الرؤى والأفكار , وليس حشداً من القيم التربوية , الخلقية , المعرفية.

الطفل يرى في قطته وطناً , لماذا نكرهه في مرحلة عمرية ما على غير هذه الرؤيا ، لماذا لا نتميز ذلك الوطن الذي يراه في قطته تلك , وفق هذه الرؤيا المختزلة والمختزنة , يمكن أن نخلق واقعاً ثقافياً جديراً بعالم الطفولة، عالم المستقبل الواعد .

وحيث أن مادتنا في هذا الكتاب تعنى فيما تعنى بأغنية الطفل ، فأنني استذكر بكثير من الغبطة والفرح و بما يعمق إيماني بما قلت , تلك التجربة الاستعراضية الغنائية المسرحية ، التي شاركني فيها الفنان " وضاح زقطان " رأيته كيف يبني مع الأطفال موسيقاه , أداءه , نبراته , إحساسه, كانت موسیقاهم , وكان أداؤهم , وكان إحساسهم ، تماماً كما يحبون ، لذلك كانوا يغنون بطفولة سعيدة , ما كان " وضاح " يغني معهم , فقط يغني معهم , ليتكم كنتم معنا لتروا كم كبر أولئك الأطفال في تلك الأيام القليلة .

وقريباً من هذا فعل الفنان " يحيى الترك" ، وطفلته المرهفة " ربى ". إن أغنية الطفل لا يمكن أن ترتقي إلى ما ينبغي لها , إلا إذا رددنا مع القائلين , دعوا الأطفال يغنون ... بل غنوا معهم أيها الكبار .
لقد أنارت ابنتي الصغيرة طرقاتي وهي تقول : و أحب الأغنية ذات الكلمات السهلة ، الأفكار المحدودة , الموسيقى المرحة، يؤديها أطفال بعفوية وبساطة . أن ما يشاهد وما يسمع عبر التلفاز والإذاعة في أكثره مسخ الأغنية الطفل ، بل مسخ لطفولته , وتشويه خطير لذائقته وقيمه الروحية والنفسية ، وإزهاق لطفولته الغضة ,

وخير مثال على ذلك , أغاني الكبار التي يدفع الأطفال إلى إعادة إنتاجها وفق نظام playback" " و المدهش أنها تقدم ضمن برامج الأطفال ، فقط المجرد أن أطفالا تم تصويرهم في هيئة من يؤدون ، علاوة على الإصرار على تقديم أغان مضى على تصويرها عشرات السنين، فقدت معناها وتواصلها حتى مع الأطفال أنفسهم ، مع أن الأرشيف يزخر بكل جديد مبدع , ثم لم هذا الإصرار الفج من كتابنا وفنانينا على تقديم القضايا الكبرى في كل حين وكيفما اتفق؟ إن للأطفال عالم آخر يجدر الحديث عنه , وكشف روائعه ...
هذا تماماً ما قالت طفلتي الصغيرة دون كلام , وهي تختار أنشودة " قمر الأطفال " من مجموعة قصائدي التي نشرتها بين يديها ... عند سؤالها عن مبرر اختيار هذه الأنشودة بالذات , قالت - قرأت فيه إحساسي، فانا أرى في القمر وجه طفل ينظر الي كلما نظرت إليه .

أن فرصة الإمساك بالمستقبل ما زالت بين أصابعنا ، أفاق ثقافة الطفل و أغنيته جزء منها تعد بالكثير, إذا عرفنا كيف نبدع بإحساس الطفل وإذا طرقنا بشدة جدران المؤسسات الثقافية المعنية , وأخطرها شأناً مؤسسة الإذاعة والتلفاز ، وإذا خلصنا من الذهنية الماضوية ، وخلعنا قيود النص الجاهز إلى فضاء الإبداع القادم ، إذا خرجنا من إطار المكان والزمان , إلى أفق الكون الإنساني الأرحب , عندها فقط نبدأ خطواتنا إلى المستقبل إلى وطن أكثر براء و رسوخا و حرية .