بيان السفارة الأمريكية وقواعد السيادة الوطنية:
لا يجوز لدولة صديقة كالولايات المتحدة أن تأخذ من بعض وكلائها في الداخل قبل ان تستمع باصغاء وحكمة وروية الى رأي الدولة والمؤسسات ذات العلاقة، ولا يجوز لها ان تصدر بيانات تخدش قواعد الثقة المتبادلة بينها وبين دولة هي رمز للاعتدال والتوازن، ومثالاً لاحترام حقوق الإنسان في المنطقة، وتحظى بمصداقية في المجتمع الدولي بأسره، ولديها قيادة حكيمة وفاعلة تمتلك كل أدوات الاحترام من الإدارة الامريكية، وقيادات الكونغرس والشعب الأمريكي، ولا يصح إثارة حفيظة الشعب الأردني في المعارضة والموالاة على حدٍ سواء، وتقويض الصداقة القائمة بين بلدين يمتلكان كل مقومات التعاون المثمر البنّاء.
===============================
===============================
عمان- القلعه نيوز - بقلم -د.طلال طلب الشرفات
===============================
الولايات المتحدة الأمريكية بلد صديق وحليف للأردن في ملفات رئيسة ومهمة وفي مقدمتها مكافحة التطرف والأرهاب، والعلاقات الاقتصادية والعسكرية مميزة وترتكز الى قواعد الاحترام والمصالح المتبادلة، والمساعدات المالية والاقتصادية والعسكرية التي تقدم للأردن موضع تقدير وعرفان من كل أبناء الوطن في ظل ظروف اقتصادية صعبة وتحديات المياه واللاجئين والإرهاب، وكل ذلك ما كان ليتأتى لولا الدور المحوري للأردن في المنطقة في محاربة الإرهاب وتكريس ثقافة التسامح والاعتدال والذي بات يشكل سمة فارقة للدولة الأردنية في كل صراعات المنطقة والأقليم.
بيان السفارة الأمريكية حول مشروع قانون الجرائم الإلكترونية صادم ويثير الاستغراب والأسف، ويعيد التذكير بضرورات إدراك مضامين القانون الدولي في العلاقات بين الدول، وقواعد العمل الدبلوماسي، ووجوب عدم التسرع والاستعجال في بناء الأحكام الجزافية حول تشريع ما تجري مناقشته وفق الأعراف البرلمانية والقواعد الدستورية في الدول الديمقراطية، ولعل حرص الأردن على مراعاة المعايير الدولية والتفرقة الحصيفة بين متطلبات حق النقد المباح وحرية التعبير المسؤول من جهة، ومفاهيم سيادة القانون والمساءلة في إختراق وانتهاك الحياة الخاصة وإثارة الكراهية وازدراء الأديان واغتيال الشخصية التي التزمت الدول الموقعة على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد بضرورة تجريمها من جهة أخرى.
السياسة الخارجية الحكيمة التي يقودها جلالة الملك والتي ترتكز على الاعتدال والتسامح ونبذ العنف ومحاربة الارهاب، والسياسة الأردنية خالية تماماً من مشاعر الكراهية تجاه العالم بأسره وتستحق من دولة عظمى كالولايات المتحدة الأمريكية أن تقدر مسؤوليات الدولة الأردنية تجاه مواطنيها، وحرصها على تطبيق مبادئ سيادة القانون والمساءلة، واحترام دور القضاء في تقرير قواعد المسؤولية الجنائية بما يحقق التوازن بين الحقوق والواجبات؛ مما ينبغي عدم التسرع في تقرير الأحكام وممارسة الضغوط على الدولة ومؤسساتها وسلطاتها الدستورية؛ وهي الأكثر قدرة على قراءة الواقع الوطني، وضرورات التشريع في ضوء التغير النمطي في منظومة القيم الاجتماعية والسياسية في العقود الأخيرة.
النصائح المتبادلة الصامتة بين الدول الصديقة وفق قواعد الأحترام المتبادل مقبولة ومطلوبة احياناً لتحقيق الأهداف المشتركة، ولكن البيانات المتسرعة والمزعجة تثير حساسية الشعوب التي تحترم قيمها وسيادتها قبل الحكومات؛ إذ لم يسبق للدولة الأردنية أن أصدرت بياناً يعلق على شأن أمريكي أو غيره، ولم تعلق مثلاً على أسباب عدم انضمام الولايات المتحدة إلى نظام روما بخصوص محكمة الجنائية الدولية لتحقيق مصالحها أو أسباب انسحابها من اليونسكو؛ والسبب أن قواعد القانون الدولي وأدبيات العمل الدبلوماسي تمنع التدخل في شؤون الدول الأخرى.
لا يجوز لدولة صديقة كالولايات المتحدة أن تأخذ من بعض وكلاءها في الداخل قبل ان تستمع باصغاء وحكمة وروية الى رأي الدولة والمؤسسات ذات العلاقة، ولا يجوز لها ان تصدر بيانات تخدش قواعد الثقة المتبادلة بينها وبين دولة هي رمز للاعتدال والتوازن، ومثالاً لاحترام حقوق الإنسان في المنطقة، وتحظى بمصداقية في المجتمع الدولي بأسره، ولديها قيادة حكيمة وفاعلة تمتلك كل أدوات الاحترام من الإدارة الامريكية، وقيادات الكونغرس والشعب الأمريكي، ولا يصح إثارة حفيظة الشعب الأردني في المعارضة والموالاة على حدٍ سواء، وتقويض الصداقة القائمة بين بلدين يمتلكان كل مقومات التعاون المثمر البنّاء.
الأردن دولة قانون ومؤسسات، وقانون الجرائم الإلكترونية يلبي المعايير الدولية في إحترام حرية التعبير وحقوق الإنسان، ومنظومة القيم الاجتماعية في الأردن تختلف عن نظيرتها في المجتمع الأمريكي في بعض التفاصيل مما يستدعي معه تفهم الخصوصية الأردنية في بعض المعالجات القانونية، واذ كنا نحرص على علاقتنا المميزة مع الولايات المتحدة بإعتبارها الداعم الأكبر لوطننا الغالي؛ فإنني ما كنت لأكتب بوادر قلقنا ومتطلبات سيادتنا الوطنية لولا ان كبريائنا الوطني إهتز بشراسة عند قراءة هذا البيان.