القلعة نيوز:
بقلم الكاتب عدنان قازان
القصة المأساوية "لفتاة الجوكر" تأخذنا في رحلة من الألم والانتقام، حيث تعبّر عن صراع التعليم والتحرر النسائي في إطار قصة مشوقة، القصة هي قراءة إبداعية تستكشف المغامرات والأحداث المثيرة.
"فتاة الجوكر" تمثّل الصوت الضائع والمنسي للنساء في المجتمعات قديمًا، تحاول أن تُثبت قدراتها وتحقيق حلمها في الدراسة والتحصيل العلمي، ولكنها تواجه المعارضة والتمييز، يظهر الناس بأفعالهم الوحشية وعقدتهم الاجتماعية المتجذرة برفضهم لاختلافها.
تدفع المآسي الشخصية والخيانة والقهر "وجد" نحو طريق الظلمة والانتقام، ترتكب جرائم وحشية لتصبح هي نفسها ذلك الشيء الذي كانت تسعى لتجنبه، تجد نفسها متورطة في شباك الانتقام، ما يشير إلى أن الظروف القاسية والتهميش يمكن أن تحول الناس الطيبين إلى وحوش.
مع تطور القصة، نرى تحوّل شخصية "وجد" من ضحية تحب الخير إلى جانب الجانية التي تحب الشر رغمًا عنها، يصبح لديها القدرة على توجيه الضربات المدمرة وتحطيم أعدائها، ترتكب العديد من الجرائم وتصبح الرمز الحيّ للانتقام، تقتل الحاكم وزوجته وتحدث الفساد في القرية وتحرق البيوت وتحول القرية من قرية ساحرة تنبعث منها روائح الزهور وتملؤها ألوانها الزاهية. فور دخولنا إليها، نجد أنفسنا محاطين بمشاهد طبيعية خلابة ومدهشة، تزدهر الزهور في كل زاوية وركن من القرية، ما يعطيها جوًا ساحرًا ومليئًا بالحياة، الى قرية يسود الجمود والضياع في كل مكان، القرية بشعة ومهملة، ولا يبدو أن هناك أي جهود لإعادة إحياءها أو إعادة بنائها، الجماجم والبقايا المتناثرة تشكل مشهدًا مرعبًا ومريعًا، البيوت المدمرة والأبواب المفتوحة والنوافذ المكسورة تعكس حالة الإهمال والتراجع التي تعاني منها القرية، الشوارع المهجورة مليئة بالأتربة والقمامة، ولا يوجد حيوية أو حركة تشير إلى وجود حياة سابقة…
ولكن سؤالنا للكاتبة، كيف لفتاة كهذه أن تفعل كل هذا وأن تحدث هذا الخراب؟ هل حب الإنتقام يفعل كل هذا؟؟ من أين جاءت بهذه القوة؟؟
وبعدها تنتقل "وجد" إلى المدنية وتسكن في بيت مهجور، وتتعرف على "دُعاء" حيث تصبحان أعز صديقاتي، وقضايا أجمل أيامهما معًا، عندما يتم القبض على وجد وتعذيبها في المصحة تحت إدعاء زوجها بأنها مختلة عقليًا، نشهد صراعًا بين العقل الصحي والعقل المضطرب، يبرز السؤال الأخلاقي حول الحدود بين العدالة والانتقام والعقاب.
في النهاية، "وجد" تحررت من قيود الظلام والانتقام وأصبحت مؤمنة بأن الحقيقة والشفاء تكمن في القوة الداخلية والتغيير الإيجابي، بعد قضاء فترة السجن، قررت أن تبدأ حياة جديدة تحت هوية مختلفة.
خضعت "وجد" لعملية تجميل تغيرت فيها ملامح وجهها واختارت مسارًا جديدًا لنفسها، وافتتحت سيركًا يحمل اسم "سيرك الجحيم" ، لكن هذه المرة، تقوم بتقديم عروض استثنائية تجمع بين الألم والجمال، الخوف والتحرر، وتحكي قصتها المظلمة من خلال فنون السيرك.
تستمر وجد في إرسال الورود إلى صديقتها "دُعاء" كرمز للصداقة والشكر على وقوفها إلى جانبها في أوقات الشدة، تعيش وجد حياة مزدهرة ومليئة بالألوان والتعبير الفني، مستخدمة ماضيها المظلم كمصدر للإلهام والإبداع.
في هذه الرواية القصيرة، تتناول القصة قضايا عدة، مثل الاضطهاد والمقاومة، العنف والعدالة، القوة الداخلية والتحرر الشخصي. تعكس الرواية التحول الذي يمكن للأفراد أن يخوضوه، حيث يمكن للماضي المؤلم أن يصبح مصدرًا للتعلم والنمو، وأن يجعل الشخص يتجاوز الألم ويصبح أقوى وأكثر إبداعًا.
باختصار، هذه الرواية القصيرة تعرض قصة فتاة يتعرض لها الظلم والقهر، لكنها تتحول بشكل مفاجئ إلى قوة مظلمة تنتقم وتعيش حياة جدية مليئة بالتحدي والتعبير الفني، تسلط الضوء على قوة العزيمة والتصميم الشخصي في التغلب على الصعاب وتحقيق النجاح.
هذه الرواية القصيرة تحمل رسالة قوية عن قوة الإرادة والتحول الشخصي، تذكرنا بأن القوة الداخلية يمكنها تغيير مجرى الأحداث وتحويل الألم إلى إلهام وابتكار، إنها رحلة شخصية لوجد، حيث تجد في نفسها الشجاعة لمواجهة الماضي وإعادة بناء حاضرها بشكل جديد، وهذه الرواية القصيرة تعكس قوة الروح الإنسانية وقدرتها على التحمل والتجاوز، ترسم صورة لشخصية قوية تتحدى الصعاب وتنتقم، لكنها تجد أخيرًا السلام الداخلي وتبني مستقبلها الخاص بطريقة إبداعية ومليئة بالألوان.
صاحبة هذه الرواية تتمتع بصفات رائعة تؤكد على قدراتها الكتابية وإمكاناتها الإبداعية، تتحلى بالشجاعة والعزيمة التي تمكنها من تحقيق رؤيتها الفنية والانتقال بثقة نحو تحقيق أهدافها، إضافةً إلى ذلك، تمتلك قدرة على التفكير العميق والإبداع، مما يساعدها على إحضار أفكار جديدة وملهمة إلى روايتها. تتمتع صاحبة الرواية بخيال واسع، يسمح لها بخلق عوالم مختلفة وشخصيات متنوعة، هذا الخيال يجعل القراء ينغمسون في الرواية ويتشابكون مع الأحداث والشخصيات التي تصوّرها، توجد لديها قوة الملاحظة، حيث تتمكن من انتقاء التفاصيل الصغيرة والوصفات البارزة التي تجعل القراء يشعرون بواقعية العالم الذي تصوره.
وأخيرًا، أوصيكِ بالاستمرار في الكتابة والتطوير، وقراءة الأعمال الأدبية المتنوعة واستفادة من الملاحظات الخارجية، والكتابة بصدق وأمانة، وعدم الاستسلام أمام التحديات، تذكري أن العمل الإبداعي يحتاج إلى صبر وتفانٍ، فاستمري في تحقيق طموحاتك الكتابية وتطوير هذه الهواية الجميلة.