شريط الأخبار
إسرائيل ستتسلم عبر الصليب الأحمر عينات من غزة قد تعود لمحتجزين الصفدي: الأردن فضح السردية الإسرائيلية وحشد الرأي الدولي لرفض العدوان على غزة ملحس: صندوق استثمار أموال الضمان سيستثمر في المشاريع الوطنية الكبرى ذات العائد الاستثماري المرتفع من الألم إلى الأمل.. الأردن يفتح نوافذ الشفاء أمام أطفال غزة استشهاد فلسطينيين وإصابة آخرين جراء قصف الاحتلال شرقي غزة الرواشدة يلتقي المخرجة لينا التل ويؤكد العمل التشاركي يعزز الابداع الثقافي محافظ جرش يؤكد أهمية تعزيز الخدمات للمواطنين وزير الثقافة لـ "نسيم المشارفة " : أمثالكِ يرفعون من قيمة الإعلام الأردني أرنولد يوجه رسالة للاعبي منتخب العراق وجماهيره قبل مواجهة البحرين الملك سلمان يوجه بتمديد العمل ببرنامج حساب المواطن السعودي حتى نهاية 2026 لافروف: روسيا تقدر اهتمام زملائها الصينيين بالمهام التي حددها قادة البلدين تصريح "طريف" حول المغرب.. مدرب منتخب الأردن يكشف عن أمنيته في قرعة كأس العالم 2026 بوتين: انخفاض التضخم في روسيا أحد أهم النتائج في 2025 "سي بي إس نيوز" عن مسؤولين أمريكيين: إدارة ترامب تفكر في توسيع "حظر السفر" للولايات المتحدة أول ركلة جزاء ضائعة في كأس العرب 2025 خلال مباراة مصر والكويت وزير الثقافة و السفيرة التشيكية يبحثان تطوير العلاقات الثقافية بين البلدين الصديقين المعايطة يؤكد أهمية تطوير الشراكة مع نقابة الصحفيين ومستقلة للانتخاب "مالية الأعيان" تبحث استراتيجيات وزارتي المياه والشباب رئيس مجلس النواب يلتقي السفير البلغاري رئيس هيئة الأركان المشتركة يستقبل نظيره الإيطالي

بوصفهم بشراً .. لا حيوانات .. ولا ملائكة!

بوصفهم بشراً .. لا حيوانات .. ولا ملائكة!
د.محمد ابورمان

يتجاوز الخطاب الإسرائيلي اليوم ومعه خطاب الإدارة الأميركية بوضوح، وجزء من الخطاب الغربي بتوريةٍ، أي معايير أخلاقية وإنسانية في التعامل مع سكان غزّة. وإذا كان بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه قد صرّحا بأنّ أبناء المقاومة "حيوانات بشرية”، فإنّ منح الضوء الأخضر لنتنياهو من قبل حكومات غربية عديدة للقيام بما يشاء من مجازر وحشية وحرب إبادة، وغض الطرف عن هذه الفظائع الإنسانية، بما في ذلك قطع الكهرباء والماء عن مليوني إنسان في هذه الرقعة الجغرافية المحاصرة، هو تعريف سافر لهم بأنّهم ليسوا بشراً، ولا حتى حيوانات، لأنّ العالم الغربي الرؤوف العطوف يرفض أن يحدث ذلك مع هذه الكائنات، هم جميعاً شيء آخر ربما ما دون الحيوانات، بأطفالهم ونسائهم وصغارهم وشيوخهم ومرضاهم ومدنييهم.

هكذا تنظر "السياسات الغربية” وإعلامها الحرّ إلى "الناس” في غزة، كما يعترف حقوقيون غربيون قليليون تحلّوا بالشجاعة، شاهدناهم جميعاً على الفضائيات، وإذا كانت الرواية الإسرائيلية نجحت – لنعترف- بسهولة شديدة وغريبة، مع حالة غيبوبة عقلية واسعة (وفق نظرية السيطرة على العقول لنعوم تشومسكي) في شيطنة حماس وربطها بداعش (لاحظ كيف اخترع هذه الصورة الشيطانية مارتن أنديك عندما وصف ما حدث بأنّه 11 سبتمبر الإسرائيلية، لتلتقط الماكينة الإعلامية الغربية هذا التوصيف وتعممه وتشكّل التيار العام في الأوساط السياسية والنخبوية الأميركية وشطراً من الغربية وفقاً له)؛ فإنّ الداعشية الحقيقية، إن جاز التعبير، بأكثر صورها تجلّت فعلاً فيما يقوم به جيش الاحتلال ومن ورائه السياسات الغربية الداعمة.

على الطرف الآخر تتبدّى معضلة إنسانية كبيرة أخرى، تتمثل في أنّ الاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية تسعى إلى خلق الرعب في قلوب الناس من خلال القصف العشوائي الهمجي واسع النطاق، بهدف تهجير غالبية السكان، والاستفراد بكتائب القسّام، ليس على قاعدة القتال البرّي المباشر بل من خلال سياسات الأرض المحروقة والقصف العنيف وتسوية جزء كبير من المدينة بالأرض وقتلهم تحت الأنقاض، حتى تكون المقاومة في أدنى حالاتها عند دخول القوات الإسرائيلية، والعمل – في سياق ذلك- على تحرير "الأسرى”، أو أكبر عدد منهم!

أين تكمن المعضلة؟! في أنّ سكان غزة أمام خيارين؛ الأول أن يكونوا تحت رحمة القتل والقصف والإبادة، بعائلاتهم وأطفالهم وأن يشاهدوا الموت يأتي إليهم ولا يتحركوا ولا يحرّكوا ساكناً، مما يصعّب مهمة القوات الإسرائيلية (بالرغم أنّ الأيام الماضية أظهر العالم أنّه لا يكترث لهذه الوحشية) أو أن يلتجئوا إلى أي أرض أو صحراء بعيداً عن هذا الجحيم، وينقذوا عائلاتهم من قتل بشع لا يرحم!

في مقابل ذلك المنظور الذي يرى سكان غزة "كائنات دون الحيوانات” ثمّة منظور آخر يراهم ملائكة، أو كائنات فوق مستوى البشر، ليسوا من لحمٍ ودمٍ ولا تتنابهم – كأي جموع بشرية- مشاعر الخوف والقلق والهلع مما يحدث، وكأنّ ما ينزل عليهم من السماء هي ألعاب نارية فقط، وليست صواريخ وقنابل، وكأنّ العمارات والأحياء التي سويت بالأرض وما يزال البشر تحت ركامها يستغيثون، بلا حول ولا قوة للدفاع المدني الفلسطيني، هم "أشباح”!

لا يوجد مثال في التاريخ لبشر، في أي حرب من الحروب، على هذا المنظور الذي يحمله كثير من الناس، ممن يقولون ببرود، وهم في منازلهم بين أهليهم، أنّ أهل غزة يرفضون المغادرة ولن يتركوا منازلهم، وهو أمر قد يكون صحيحاً، لأنّ من نزحوا هم قرابة 430 ألف (حتى كتابة هذا المقال) من أصل مليونين (تقريباً)، لكن السبب الآخر يكمن في أنّه لا ملجأ ولا مهرب، في ظل إغلاق الحدود ورفض مصر لتمرير سياسة التهجير الإسرائيلية، وتطبيق أجندة الترانسفير والتفريغ السكاني، ولكن هذا القدر من التحمل، لمن لا يزالون في بيوتهم وأحيائهم، هو فوق طاقة البشر وقدرتهم الطبيعية، ومن الممكن مع اشتداد الهمجية والبربرية العسكرية الإسرائيلية أن تزيد الأعداد كثيراً.

من يفكّر غير ذلك لا يقرأ التاريخ أبداً، ولا يعرف حجم وأعداد النازحين من المسلمين خلال هجوم المغول أو الحملات "الصليبية”، بل أي مجتمع بشري على الأرض لا يمكن إذا اعترفنا بإنسانيته أن نطالبه بغير ذلك!

معهد السياسة والمجتمع