شريط الأخبار
101 شهيد في قطاع غزة خلال 24 ساعة الماضية رئيس هيئة الأركان يستقبل السفير الهنغاري في عمان مندوبا عن وزير الثقافة ..الأحمد يرعى افتتاح معرض عمان الدولي السابع للعملات والطوابع في المكتبة الوطنية. وزير الداخلية يلتقي وزيرة الهجرة والمهجرين العراقية البنك المركزي يقرر تثبيت أسعار الفائدة عند مستوياتها الحالية دون تغيير المنطقة العسكرية الشرقية تحبط محاولة تهريب بواسطة بالونات المنطقة العسكرية الجنوبية تحبط محاولة تهريب مواد مخدرة بواسطة طائرة مسيرة "الإدارية النيابية" تشيد بمستوى التدريب في مجمع العقبة الوطني للتدريب المهني عاجل: النيابة العامة تستدعي أشخاصاً يتسترون على أملاك جماعة الإخوان المحظورة بوتين يهنئ السباحين الروس بالفوز الذهبي في بطولة العالم بسنغافورة الرئيس اللبناني يطلب من الأطراف اللبنانية تسليم السلاح "اليوم قبل غد" 66.9 دينارا سعر الذهب عيار 21 في السوق المحلية الخميس ميسي يعادل رقما تاريخيا ويصعد إنتر ميامي في صدارة الدوري الأمريكي طقس صيفي معتدل خلال الأيام الثلاثة المقبلة شهداء وجرحى جراء القصف الإسرائيلي عدة مناطق في غزة 8 وكلاء إعسار يؤدون القسم القانوني أمام اللجنة المختصة "لعبة شطرنج" تساهم في دفع الخليفي لإتمام الصفقة الصعبة وفيات الخميس31-7-2025 بالأسماء .. فصل التيار الكهربائي عن مناطق في المملكة الأسبوع القادم اتحاد العمال يؤكد رفضه المساس بالتأمينات الاجتماعية ويدعو لاصلاحات عادلة للضمان الإجتماعي

بوصفهم بشراً .. لا حيوانات .. ولا ملائكة!

بوصفهم بشراً .. لا حيوانات .. ولا ملائكة!
د.محمد ابورمان

يتجاوز الخطاب الإسرائيلي اليوم ومعه خطاب الإدارة الأميركية بوضوح، وجزء من الخطاب الغربي بتوريةٍ، أي معايير أخلاقية وإنسانية في التعامل مع سكان غزّة. وإذا كان بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه قد صرّحا بأنّ أبناء المقاومة "حيوانات بشرية”، فإنّ منح الضوء الأخضر لنتنياهو من قبل حكومات غربية عديدة للقيام بما يشاء من مجازر وحشية وحرب إبادة، وغض الطرف عن هذه الفظائع الإنسانية، بما في ذلك قطع الكهرباء والماء عن مليوني إنسان في هذه الرقعة الجغرافية المحاصرة، هو تعريف سافر لهم بأنّهم ليسوا بشراً، ولا حتى حيوانات، لأنّ العالم الغربي الرؤوف العطوف يرفض أن يحدث ذلك مع هذه الكائنات، هم جميعاً شيء آخر ربما ما دون الحيوانات، بأطفالهم ونسائهم وصغارهم وشيوخهم ومرضاهم ومدنييهم.

هكذا تنظر "السياسات الغربية” وإعلامها الحرّ إلى "الناس” في غزة، كما يعترف حقوقيون غربيون قليليون تحلّوا بالشجاعة، شاهدناهم جميعاً على الفضائيات، وإذا كانت الرواية الإسرائيلية نجحت – لنعترف- بسهولة شديدة وغريبة، مع حالة غيبوبة عقلية واسعة (وفق نظرية السيطرة على العقول لنعوم تشومسكي) في شيطنة حماس وربطها بداعش (لاحظ كيف اخترع هذه الصورة الشيطانية مارتن أنديك عندما وصف ما حدث بأنّه 11 سبتمبر الإسرائيلية، لتلتقط الماكينة الإعلامية الغربية هذا التوصيف وتعممه وتشكّل التيار العام في الأوساط السياسية والنخبوية الأميركية وشطراً من الغربية وفقاً له)؛ فإنّ الداعشية الحقيقية، إن جاز التعبير، بأكثر صورها تجلّت فعلاً فيما يقوم به جيش الاحتلال ومن ورائه السياسات الغربية الداعمة.

على الطرف الآخر تتبدّى معضلة إنسانية كبيرة أخرى، تتمثل في أنّ الاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية تسعى إلى خلق الرعب في قلوب الناس من خلال القصف العشوائي الهمجي واسع النطاق، بهدف تهجير غالبية السكان، والاستفراد بكتائب القسّام، ليس على قاعدة القتال البرّي المباشر بل من خلال سياسات الأرض المحروقة والقصف العنيف وتسوية جزء كبير من المدينة بالأرض وقتلهم تحت الأنقاض، حتى تكون المقاومة في أدنى حالاتها عند دخول القوات الإسرائيلية، والعمل – في سياق ذلك- على تحرير "الأسرى”، أو أكبر عدد منهم!

أين تكمن المعضلة؟! في أنّ سكان غزة أمام خيارين؛ الأول أن يكونوا تحت رحمة القتل والقصف والإبادة، بعائلاتهم وأطفالهم وأن يشاهدوا الموت يأتي إليهم ولا يتحركوا ولا يحرّكوا ساكناً، مما يصعّب مهمة القوات الإسرائيلية (بالرغم أنّ الأيام الماضية أظهر العالم أنّه لا يكترث لهذه الوحشية) أو أن يلتجئوا إلى أي أرض أو صحراء بعيداً عن هذا الجحيم، وينقذوا عائلاتهم من قتل بشع لا يرحم!

في مقابل ذلك المنظور الذي يرى سكان غزة "كائنات دون الحيوانات” ثمّة منظور آخر يراهم ملائكة، أو كائنات فوق مستوى البشر، ليسوا من لحمٍ ودمٍ ولا تتنابهم – كأي جموع بشرية- مشاعر الخوف والقلق والهلع مما يحدث، وكأنّ ما ينزل عليهم من السماء هي ألعاب نارية فقط، وليست صواريخ وقنابل، وكأنّ العمارات والأحياء التي سويت بالأرض وما يزال البشر تحت ركامها يستغيثون، بلا حول ولا قوة للدفاع المدني الفلسطيني، هم "أشباح”!

لا يوجد مثال في التاريخ لبشر، في أي حرب من الحروب، على هذا المنظور الذي يحمله كثير من الناس، ممن يقولون ببرود، وهم في منازلهم بين أهليهم، أنّ أهل غزة يرفضون المغادرة ولن يتركوا منازلهم، وهو أمر قد يكون صحيحاً، لأنّ من نزحوا هم قرابة 430 ألف (حتى كتابة هذا المقال) من أصل مليونين (تقريباً)، لكن السبب الآخر يكمن في أنّه لا ملجأ ولا مهرب، في ظل إغلاق الحدود ورفض مصر لتمرير سياسة التهجير الإسرائيلية، وتطبيق أجندة الترانسفير والتفريغ السكاني، ولكن هذا القدر من التحمل، لمن لا يزالون في بيوتهم وأحيائهم، هو فوق طاقة البشر وقدرتهم الطبيعية، ومن الممكن مع اشتداد الهمجية والبربرية العسكرية الإسرائيلية أن تزيد الأعداد كثيراً.

من يفكّر غير ذلك لا يقرأ التاريخ أبداً، ولا يعرف حجم وأعداد النازحين من المسلمين خلال هجوم المغول أو الحملات "الصليبية”، بل أي مجتمع بشري على الأرض لا يمكن إذا اعترفنا بإنسانيته أن نطالبه بغير ذلك!

معهد السياسة والمجتمع