القلعة نيوز:

تعود فكرة التفكير بالعلم العربي الى الأيام الاؤلى للمنتدى الأدبي في اسطنبول في عام 1909-1911م حيث تم التشاور بين المؤسسين للمنتدى وخاصة الشباب ،للفكرة العلم القومي للعرب .وتوصلوا الى أن علم المستقبل يجب أن يتألف من أربعة الوان وهي :الابيض والاسود والاخضر والاحمر ،والتي جمعها بيت من الشعر العربي الذي يتغنى بأمجاد العرب وكانوا يرددونه ويتغنون به .

بيض صنائعنا، سود وقائعنا

خُضر مرابعنا حمر مواضينا

وكان الشباب في تلك المرحلة يشعرون بضرورة وجودعلم قومي لهم علماً لم يكونوا بتلك الفترة يفكرون بالانفصال عن الدولة العثمانية .وتم صناعة الراية وتعليقها بالمنتدى الأدبي وكتبوا أسفل الراية بيت الشعر المذكور أعلاه .

وزار يوماً الرصافي المنتدى وقال :

إن الحقيقة قالت لي وقد صدقت -لا ينفع العِلم إلا فوقه عَلم

وظلت الافكار تراود الشباب في حينه وهي الفكرة العربية ،الى أن اتخذ المركز الاداري للجمعية العربية الفتاة في شهر 3 عام 1914م باجتماع لهم في مكتب جريدة المفيد في بيروت واتخذوا قراراً بأن يتألف علم الدولة العربية المستقلة من 3 الوان وهي الابيض يرمز الى الدولة الاموية والاسود للدولة العباسية والاخضر للدولة الفاطمية .وفي الثمن عشر من الشهر الثالث كتب محمد المحمصاني ،عضو الجمعية برسالة خاصة الى زميله محب الدين الخطيب في القاهرة وكتب بها ما يلي من الفقرتين التاليتين : قررت (أتاء) في جلستها الاخيرة أن يكون شعارها الالوان الثلاثة التي تمثل الدول العربية الثلاث :أخضر فأبيض فأسود.

وقررت تكليفك بعمل ختم لها بحرفي (عين ،فاء) مع صورة النخلة تاركة لحسن ذوقك انتخاب شكل الختم .

وقام محب الدين الخطيب بعرض الفكرة على زملائه في حزب اللأمركزية العثماني فكان رد السكرتير بالحزب على المحمصاني والتي جاء بها أن أعضاء اللأمركزية استحسنوا فكرة الوان العلم العربي وقرروا الأخذ بها .أما أعضاء العربية للفتاة ببيروت فقد مضوا شوطاً طويلاً بتنفيذ قرارهم اذ كانوا يستعملون شارات تحمل تلك الالوان الثلاثة .

وفي البيان الذي حمل عنوان الصرخة الثالثة وصادر عن حزب اللأمركزية وموجهاً الى الامة العربية وكان يحمل العبارات التالية " سلاماً أيتها الأمة سلام برّ أمين ، يظلله في ( سواد ) الليل ( بياض ) الضمير و(خضرة ) الأمل اليقين".

وفي 10 حزيران عام 1916م وعند اعلان الثورة العربية في الحجاز رفع الثوار علم الاشراف التقليدي وهو قطعة قماش ذات لون واحد الداكن ،وقد بلغ المغفور له الشريف حسين بن علي زعيم الثورة المندوب السامي البريطاني بمواصفات العلم بمصر الجنرال ريجنالد ونجت ، وطلب منه اعطاء التعليمات بعدم التعرض للسفن البريطانية والحليفة في البحر الاحمر أن لا تتعرض القوارب العربية التي ترفع ذلك العلم وابلغه بأنه علم مؤقت لحين وضع مواصفات العلم الرسمي والذي سيبلغ به جميع الدول المحاربة .والتف حول الشريف حسين بن علي عدد من اعضاء الاحزاب العربية السرية وتناقشوا بالوان العلم والتي استقرت الآراء عليه قبل نشوب الحرب العالمية الاؤلى وقبل الثورة العربية ،فوافق الشريف حسين والاخذ بالفكرة والعمل على تنفيذها .وقد نشرت جريدة القبلة بياناً رسمياً ،بأنه تقرر رفع العلم ابتداء من 9 شعبان 1335 هجري وهو يوم الذكرى الاؤلى لقيام الثورة وتم تحديد الالوان والمواصفات واوضحت جريدة القبلة بأن اللون الاسود هو رمز راية العقاب التي كان سيدنا محمد ﷺ،يرفعها في حروبه وهو نفس اللون الذي اتخذه العباسيين أما اللونيين الاخضر والابيض كانا من الشعارات التي رفعها العرب قديماً أما اللون الاحمر هي لون الراية التي اعتاد الاشراف رفعها منذ عهد الشريف (ابو نمي) الذي عاصر السلطان سليم العثماني وكتبت جريدة القبلة ان الوان العلم الجديد (جامعاً لرموز الاستقلال العربي بأدواره التاريخية ).

وذكر أحمد قدري بمذكراته أن العربية للفتاة هي من أوحت للشريف حسين بإتخاذ العلم العربي بالوانه المعروفة .وذكر جعفر العسكري بمذكراته انه في عام 1917م أثناء أقامته أسيراً عند الانجليز في مصر عرض عليه الجنرال كلايتون نموذجاً للعلم العربي وقال له : هذه هي رايتكم العربية بالوانها الاربعه التي أعد تصميمها الملك حسين بن علي بنفسه .ومن ذلك الحين ظلت هذه الالوان تؤلف اعلام الدول العربية بسبب الجذور التاريخية .أما الدولة السورية الاؤلى التي بدأت رسمياً في 8 اذار عام 1920مفقد اتخذت علم الثورة العربية ولكنها أضافت النجمة السباعية البيضاء في وسط المثلث بأعتبار انها الدولة العربية الاؤلى التي تنبثق عن الدولة الام (الحجاز). واتخذت العراق في عام 1921م علم الثورة ايضاً ولكنها أضافت نجمتين سباعيتين بوسط المثلث باعتبارها انها الدولة الثانية .ورفعت امارة شرق الاردن العلم السوري على اعتبار انها جزء من سوريا الطبيعية ولكن تم تحديث في التصميم .اذ وضع اللون الابيض بالوسط ولكن ضباط الجيش احتجوا بان اللون الابيض لا يبدوا واضحاً من بعيد وان وضعه بالوسط يكون اكثر وضوحاً وتميزاً .كل هذا ينفي ما زعم به بمذكرات السير مارك سايكس ان وضع الوان العلم المغفور له الشريف حسين بن علي واقتراحه .بينما نجد مما تقدم أن العلم العربي كان من تصميم الطلائع العرب من رواد النهضة القومية وعلى رأسهم الجمعية العربية للفتاة ،أما سايكس الذي بعث برسالة الى ريجنالد ونجت والتي تتضمن اقتراحاً بالوان وتصميم العلم بتاريخ 2231917م والتير ارفق 4 تصاميم مختلفة لكي يقع الاختيار على واحدة منها ،ربما كان نتيجة جولاته بالبلاد العربية ولقاءته مع الجمعيات العربية وخاصة مصر فقدم اقتراحه بناءً على ذلك .بالنهاية ومن المؤكد بأن الاقتراح كان من الجمعيات العربية هم الذين وضعوا الالوان واتخاذه شعاراً قبل نشوب الحرب وقبل اتصال سايكس بالقضية العربية باعوام عديدة .

وأضيف في السياق نفسه أن الشريف أبو نمي أول من رفع راية الهاشميين بلونها وشكلها الاحمر الداكن في عام 1515م، كما رفعها الملك عبد الله الاول أثناء توجهه الى معان .ونشر بالجريدة الرسمية عام 1929م من كانون الاول بأن تم أختيار علم لواء سمو الامير المعظم . وجرى حديثاً وفي 9 حزيران 2015م بأن سلم جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين الراية الهاشمية للقائد القوات المسلحة خلال مراسم عسكرية في ساحة قصر الحسينية لتنضم هذه الراية الى رايات واعلام القوات المسلحة في الجيش العربي .

إن رسالة العلم العربي والراية الهاشمية والاهتمام بها هي ثقافة خاصة وما هي الا تاريخ ورسالة للأمة وللأجيال ،بأنها هوية تاريخية جمعت بها الاستقلال والانسانية والاخلاق والمحبة والنظام والولاء للوطن . اللهم أحمي الاردن وليحفظ الله جلالة الملك عبد الله الثاني سبط رسول الله ﷺ وذريته.وتبقى الراية الهاشمية خفاقة عالية .

أمل محي الدين الكردي