شريط الأخبار
أورنج الأردن تعلن عن الفائزات في جائزة ملهمة التغيير باستخدام العالم الرقمي وفد تونسي يُشيد بالتجربة الأردنية في إنشاء مركز مكافحة الأوبئة الأمانة تنجز أتمتة الإعفاء من غرامة المسقفات والمعارف على أنظمة خدماتها الإلكترونية وفاة الشاب ماجد الفواعير جريمة غامضة.. أردني يقتل زوجته ويُنهي حياته في الولايات المتحدة الأمريكية لاحتلال يكشف عدد الفرق العسكرية التي تقاتل في غزة حاليًا ارتـفاع أسعار الـنفط عالميا قبل أن يبلغ 17 عاما .. لامين يامال يحطم رقما قياسيا في الليغا هل يجوز الجمع بين راتب العجز الإصابي والأجر من العمل؟ مدعي عام الجنائية الدولية: لن أرضخ لنفوذ أقوياء العالم بمعدل 40 قرشا .. ارتفاع أسعار الذهب في الأردن الأربعاء جيش الاحتلال يعلن اعتراض مسيرتين في مدينة إيلات ارتفاع حوالات العاملين في الخارج 4.2% خلال الربع الأول فوز الرمثا على شباب العقبة بدوري المحترفين ارتفاع على درجات الحرارة الأربعاء والخميس وطقس لطيف في أغلب مناطق الأردن مدعي عام الجنائية الدولية: لن أرضخ لنفوذ أقوياء العالم "موديز" ترفع توقعاتها لنمو الاقتصاد الأردني إلى 2.8-3% مع نهاية 2025 ناد سعودي يضع عينه على ديبالا مستشار ... ومنصب الرئيس في حكومة ما جماعات" السلام العربيه اليهوديه" تستعيد زخمها رغم اشتداد الحرب في غزة

الدكتوره برو تكتب : هل يشكّل استخدام سلاح الفوسفور الأبيض في قطاع غزة جريمة إبادة جماعية؟

الدكتوره برو  تكتب : هل يشكّل استخدام سلاح الفوسفور الأبيض في قطاع غزة جريمة إبادة جماعية؟
استخدام "إسرائيل" سلاح الفوسفور الأبيض في قطاع غزة يشكل جريمة إبادة جماعية طبقاً لاتفاقية الإبادة الجماعية لعام 1948 لتوفر ركنيها المادي والمعنوي.

تمارا برو - أستاذة محاضرة في الجامعة اللبنانية وباحثة في الشأن الصيني

اجتمعت محكمة العدل الدولية على مدى يومين لدراسة شكوى جنوب أفريقيا ضد "إسرائيل" بتهمة ارتكاب الأخيرة جريمة إبادة جماعية في قطاع غزة، منتهكة بذلك اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها لعام 1948.

وإذا كانت جرائم "إسرائيل" في قطاع غزة من تهجير وقتل وتدمير وتجويع وغيرها واضحة وضوح الشمس مع وجود نية لدى القادة والمسؤولين الإسرائيليين بارتكاب جرائم إبادة جماعية وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، فهل يشكل استخدام "إسرائيل" سلاح الفوسفور الأبيض في قطاع غزة جريمة إبادة جماعية، كما عرّفتها اتفاقية الإبادة الجماعية لعام 1948؟

تُعد جريمة الإبادة الجماعية أشد الجرائم الدولية جسامة، نظراً إلى ما تشكله من تهديد للإنسان في حياته وصحته وكرامته، وهي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بمبدأ الحق في الحياة المنصوص عليه في المادة 6 فقرة 1 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية.

وبحسب المادة 2 من اتفاقية الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها لعام 1948، فإن جريمة الإبادة الجماعية هي "أي فعل من الأفعال التالية يرتكب بقصد الإفناء الكلي أو الجزئي لأي جماعة قومية أو إثنية أو عنصرية أو دينية بصفتها هذه:

1- قتل أعضاء من الجماعة.

2- إلحاق أذى جسدي أو روحي خطير بأعضاء من الجماعة.

3- إخضاع الجماعة عمداً لظروف معيشية يراد بها تدميرها المادي كلياً أو جزئياً".

ولمعرفة ما إذا كان سلاح الفوسفور الأبيض يشكل جريمة إبادة جماعية، لا بدّ من توافر أركان الجريمة، وهي الركن المادي الذي يقصد به الأفعال أو الامتناع عن الأفعال التي تشكل جريمة دولية، والركن المعنوي الذي يعني ارتكاب الجريمة عمداً، أي القصد الجنائي.

وفيما يتعلق بالركن المادي، فإنه يتخذ مظاهر عديدة، منها قتل أعضاء من الجماعة. والقتل قد يكون مباشراً أو قد يتسبب الفعل في الموت. وهنا، يجب إثبات العلاقة بين استخدام سلاح الفوسفور الأبيض والموت المباشر أو التسبب بالموت.

هذا المظهر من فعل الإبادة ينطبق على استخدام سلاح الفوسفور الأبيض، وهو غاز سام وحارق يلحق أضراراً جسيمة بجسم الإنسان. وفي بعض الأحيان، يؤدي إلى وفاة الضحية.

استخدمت "إسرائيل" سلاح الفوسفور الأبيض في أماكن مكتظة بالسكان. مثلاً، استهدفت مدرسة تابعة لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة، والتي كانت تؤوي آلاف النازحين، بسلاح الفوسفور الأبيض. أيضاً، تعرّض مستشفى الشفاء للقصف بذخائر الفوسفور الأبيض، وكان يؤوي آلاف المدنيين النازحين، ما أسفر في جميع الحالات التي استخدمت فيها "إسرائيل" الفوسفور الأبيض عن استشهاد وإصابة المدنيين.

ومن مظاهر الركن المادي لجريمة الإبادة الجماعية إلحاق أذى جسدي أو روحي خطير بأعضاء الجماعة. وتتحقق هذه الصورة من فعل الإبادة عند استخدام سلاح الفوسفور الأبيض؛ فمن مميزات هذا السلاح أنه يحدث حروقاً عميقة وخطيرة في الجلد مع آلام مبرحة وموت كامل للأعضاء المصابة وتشوه للجلد. ومما يزيد من خطورته قدرته العالية على الذوبان في الدهون والنفاذ السريع إلى جسم المصاب وإكمال تفاعله واحتراقه داخل الجسم.

ويؤدي استنشاق الدخان الصادر عن الفوسفور الأبيض أو التعرض المزمن للهواء الملوث بالفوسفور إلى السعال وظهور إصابات وتشوهات في عظام الفك، وقد يؤدي إلى تلف الأوعية الدموية في الفم، وإلى أضرار خطيرة في الرئة والحنجرة. كما يؤدي استنشاق الدخان إلى تهيّج العينين، وتهيّج الأغشية المخاطية، والتدميع المتواصل، ويمكن أن يؤدي إلى فقدان البصر نتيجة تمزّق القرنية.

أمّا ابتلاع الفوسفور الأبيض بشكل منتظم، فيؤدي إلى تدهّن الكبد مع علامات وعوارض فشل الكبد الحاد. كما أظهرت الأبحاث التي أجريت حول علاقة ارتفاع نسبة الإصابة بالسرطان والتشوهات الخلقية في غزة بسلاح الفوسفور الأبيض أن 27% من أهالي الأطفال الذين يظهرون عيوباً خلقية، والذين شملتهم الدراسة، تعرضوا لقنابل الفوسفور الأبيض.

أيضاً، قد تترك الإصابات التي يخلفها سلاح الفوسفور الأبيض كالحروق والتشوهات آثاراً نفسية خطيرة في الشخص المصاب.

تسببت "إسرائيل" باستخدامها سلاح الفوسفور الأبيض بإلحاق أذى جسدي خطير بالمدنيين. وبحسب شهادة الطبيب الفلسطيني غسان أبو ستة الذي أمضى 43 يوماً في قطاع غزة خلال العدوان الإسرائيلي، فقد عالج أشخاصاً مصابين بحروق ناجمة عن الفوسفور الأبيض.

وفيما يتعلق بالمظهر الثالث لجريمة الإبادة الجماعية الذي ينطبق على استخدام سلاح الفوسفور الأبيض، فهو إخضاع الجماعة لظروف معيشية قاسية يقصد بها إهلاكها أو تدميرها الفعلي كلياً أو جزئياً. ويرتبط استخدام سلاح الفوسفور الأبيض بهذا المظهر، فهو يترسب في التربة وفي البحر، ويلوث المياه والمزروعات، ويهدد بذلك صحة الأفراد الذين يعتمدون على المياه لأغراض الشرب أو أكل المزروعات أو الأسماك الملوثة.

أما الركن الثاني لجريمة الإبادة الجماعية، فإنه يتمثل في الركن المعنوي، أي اتجاه إرادة الفاعل لارتكاب أحد الأفعال المكونة للسلوك الجرمي في الجريمة مع علمه بأن هذا الفعل محظور ومعاقب عليه، أي لا بدّ من توفر القصد الخاص لارتكاب الإبادة الجماعية الذي يتمثل في نية الإبادة أو نية التدمير الكلي أو الجزئي للجماعة.

والسؤال الذي يطرح: هل القصد الخاص لارتكاب جريمة الإبادة الجماعية يكون متوفراً في حال استخدام سلاح الفوسفور الأبيض؟

من المؤشرات التي تدل على توافر القصد الخاص في جريمة الإبادة الجماعية باستعمال سلاح الفوسفور الأبيض طبيعة السلاح السامة والحارقة التي تلحق ضرراً كبيراً بالإنسان والبيئة، بحيث يكون استعماله في ظل المعرفة المسبقة بآثاره مؤشراً على توفر هذا القصد.

لقد استخدمت "إسرائيل" سلاح الفوسفور الأبيض في أماكن مأهولة بالسكان في قطاع غزة، بالرغم من معرفتها بآثاره الضارة، إذ إنها استخدمته خلال الحروب التي خاضتها ضد القطاع خلال أعوام 2009 و2012 و2014 وبكميات كبيرة.

وفي أثناء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة عام 2009، صدر تقرير عن وزارة الصحة الإسرائيلية يشير إلى الآثار الخطيرة لسلاح الفوسفور الأبيض في صحة الإنسان.

وبعد الإدانات الدولية لـ"إسرائيل" بسبب استخدامها الفوسفور الأبيض في عدوان غزة 2009 بكميات كبيرة، رفع أكثر من 100 إسرائيلي ومنظمات حقوق الإنسان دعوى عام 2011 أمام المحكمة العليا الإسرائيلية تطالب "الجيش" الإسرائيلي بحظر استخدام الفوسفور الأبيض في المناطق المأهولة، وهذا يعني أن "إسرائيل"، من خلال استخدامها السابق لسلاح الفوسفور الأبيض، تعي تماماً الآثار الضارة التي يحدثها. ومع ذلك، استخدمته في حرب غزة مؤخراً.

والمؤشر الثاني على توافر القصد الخاص في جريمة الإبادة الجماعية باستعمال سلاح الفوسفور الأبيض هو استعماله بكمية كبيرة وبطريقة عشوائية، فـ"إسرائيل" مثلاً استخدمت سلاح الفوسفور الأبيض في مناطق مكتظة بالسكان كحي الرمال ومخيم الشاطئ ومستشفى الشفاء.

والمؤشر الثالث على توافر القصد الخاص هو التصريحات التي أطلقها المسؤولون الإسرائليون بحق القطاع. مثلاً، رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو صرّح بأنه سيحول غزة إلى أنقاض. كما أن وزير التراث الإسرائيلي لم يستبعد استخدام السلاح النووي في قطاع غزة، وغيرها من التصريحات التي تشير كلها إلى نية الحكومة الإسرائيلية ارتكاب جرائم إبادة جماعية بحق الشعب الفلسطيني، بصرف النظر عن الأسلوب أو الطريقة أو الأداة المستخدمة.

إن استخدام "إسرائيل" سلاح الفوسفور الأبيض في قطاع غزة يشكل جريمة إبادة جماعية طبقاً لاتفاقية الإبادة الجماعية لعام 1948 لتوفر ركنيها المادي والمعنوي.

قد يقول البعض أنْ لا فائدة من تقديم الشكاوى ضد "إسرائيل" أمام المحاكم الدولية، لأنها لن تُحاسب لاعتبارات سياسية وضغوطات تمارسها بعض الدول الغربية، وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأميركية، ولكن وفاء لدماء الشهداء الأبرياء، على الشرفاء في هذا العالم أن يطرقوا كل باب لمحاسبة "إسرائيل"، حتى ولو لم ينجحوا في ذلك، إلا أنهم بذلك يكونون قد أظهروا للعالم وجهها الوحشي. وستبقى أرواح الشهداء ترافقهم حتى الممات.

المصدر : الميادين نت