شريط الأخبار
الأحداث تتسارع.... سفينة مساعدات إماراتية إلى غزة رئيس النواب يلتقي في لندن رئيسي مجلسي العموم واللوردات البريطانيين حماس: ندرس عروضا جديدة لوقف إطلاق النار تلقيناها من الوسطاء وزير الخارجية ونظيرته الفلسطينية يؤكدان ضرورة وقف العدوان على غزة بشكل فوري أميركا: قرار إيران تعليق تعاونها مع وكالة الطاقة الذرية غير مقبول محافظ دمشق من عمان : السوريون في الأردن لم يكونوا يومًا في المهجر مصدر سوري: الحديث عن سلام مع إسرائيل سابق لأوانه كتلة عزم نقف خلف مواقف الملك ونرفض التصريحات الإسرائيلية التصعيدية بشأن الضفة الغربية ولي العهد عن مشروع أول قمر صناعي أردني: إنجاز بأيدي شبابنا رسميا.. فريق سعودي يتعاقد مع المهاجم ألكسندر لاكازيت 3 شركات مطورة للعبة "عالم الدبابات" تنتقل إلى ملكية الدولة الروسية إعلام عبري يكشف تفاصيل ضمن المبادرة المصرية القطرية الجديدة بشأن غزة تعرقل صفقة حماس ـ إسرائيل بعد الإطاحة بـ"البلدوزر".. رسالة "مفاجئة" من هالاند إلى الهلال السعودي "إسرائيل تشيطن مشروعا مصريا قبل ولادته".. خبير يرد على تحذيرات تل أبيب من خطة مصرية قد تدمرها تقرير أمريكي عن دلالات تعليق ترامب مساعدات واشنطن العسكرية لنظام كييف الذكاء الاصطناعي يتوقع نسبة تأهل الهلال إلى المربع "الذهبي" لمونديال الأندية 2025 خطوة كبيرة لحزب الاتحاد الوطني الأردني تعيد تشكيل الخارطة السياسية الحزبية في الأردن مع اندماج حزب الأرض المباركة وحزب الشباب الأردني الأردن يدين تصريحات إسرائيلية تدعو إلى فرض السيادة على الضفة الجيش الأردني يقوم بإجلاء دفعة جديدة من أطفال غزة المرضى

الأردن تحت الهجوم الإلكتروني بدايةً

الأردن تحت الهجوم الإلكتروني بدايةً

د.محمد ابورمان

من دون سابق إنذار، تحوّلت النقاشات على مواقع التواصل الاجتماعي من إجماع وطني على تأييد الفلسطينيين والتعاطف بشأن الموقف من المجازر الإسرائيلية في غزّة إلى سجالات داخلية وخارجية، بصورة واضحة للغاية، تدفع نحو تأجيج حالةٍ من الفتنة الداخلية في الأردن، واستدعاء الأردنيين ضد بعضهم. وإذا كان موقع إيكاد كشف شيئاً من الأجندات الخارجية، بخاصة الإسرائيلية، التي عملت على إحياء الغرائز ومخاطبتها وتأجيج المخاوف، فإنّ هنالك بلا شك أجندات إقليمية أخرى جعلت من "قصّة احتجاجات الكالوتي" (الاعتصامات أمام السفارة الإسرائيلية قرب مسجد الكالوتي) في عمّان فرصة لإظهار الأجندة المختبئة منذ "7 أكتوبر" للانقضاض على حركة حماس وشيطنتها، وفي الوقت نفسه، إضعاف الموقف الأردني الذي كان الأكثر شراسة ديبلوماسياً ضد العدوان الإسرائيلي.


القناعة التي يحملها سياسيون عديدون في عمّان، وحتى بعض المسؤولين، أنّ السجال الراهن بشأن هذه الاحتجاجات هو صراع أجندات إقليمية ومحلية؛ وكانت هنالك نقاط تحوّل بارزة في ذلك، منها إطلاق أحد أبرز قادة حزب الله العراقي، أبو علي العسكري، المقرّب من طهران، تصريحات غامضة وغريبة (غداة الهجوم الأميركي على القنصلية الإيرانية في دمشق، الذي أدّى إلى قتل قيادات كبيرة في الحرس الثوري الإيراني) يتوعّد فيها باقتحام الحدود وتسليح 12 ألف مقاتل أردني للقتال ضد إسرائيل، وهي ادّعاءات هزيلة بالنسبة للمسؤولين الأردنيين.

على الجهة المقابلة؛ ما حدث من كسر خطٍّ أحمر في السجالات الأردنية العلنية، الذي يتمثّل في الوحدة الوطنية، جرى تأجيجه في القنوات الإعلامية والحسابات القادمة من الخارج، التي تصف الأردنيين من أصول فلسطينية بأنّهم "مجنّسون"، وهو مصطلحٌ خطيرٌ، ويمثل بحدّ ذاته خطاباً مقلقاً، وتتصدّر وسومات غير مسبوقة في خطاب الكراهية الداخلي موقع ×، من وسوماتٍ خطيرةٍ مستفزّة تشيع حالة من التهديد المباشر للسلم الأهلي الداخلي!

ثمّة، بالضرورة، انقسام داخلي بين أجندات رسمية وسياسية بشأن الموقف في غزّة انعكست في الحرب الإعلامية؛ فهنالك تيّار متخوّف من الشعارات والهتافات التي تتجاوز الحدود المقبولة، في رأي أصحابه، وتمجيد شخصياتٍ من حركة حماس مثل محمد الضيف والناطق باسم الحركة أبو عبيدة ويحي السنوار، وأن تصبح هذه الشخصيات رموزاً في المسيرات وتُرفع صورها وشعارات التأييد لها، ويتخوّف هذا التيار مما يعتبره "اختطافاً للشارع الأردني"، وتغليباً لهذه الاعتبارات الأيديولوجية والسياسية على الاعتبارات الوطنية التي حكمت الموقف السياسي الأردني. وينتقد أصحاب هذا الخط السياسي ضمناً وزير الخارجية أيمن الصفدي، ويرون أنّه تمادى في تصريحاته ومواقفه، ويروْن أنّ المصلحة الوطنية الأردنية تقتضي العودة إلى الوراء قليلاً، وعدم الدخول المباشر على خط المواجهة الحالية في غزّة. فيما يرى تيارٌ سياسيٌّ آخر أنّ الموقف الأردني والشعبي يجب أن يكون في خندق متقدّم في مواجهة العدوان الإسرائيلي، ولا بد من تقوية الموقف الأردني وتصليبه أكثر.

إذاً، ليست القضية في احتجاجات الكالوتي بحدّ ذاتها، فالأردن شهد، ولا يزال، منذ عقود طويلة، حركات احتجاجية وشعبية واسعة، وتعامل معها المسؤولون السياسيون والأمنيون باحتواء وذكاء، في أغلب الأحيان، لكن حجم المعركة الإعلامية والصناعة الدعائية والأجندات الإقليمية والمحلية المتضاربة بشأن هذه الاحتجاجات هو الظاهرة اللافتة، فـ"الكالوتي" أصبح مسرحاً للمعركة الفلسطينية- الفلسطينية، والعربية- العربية، والأردنية- الأردنية، بشأن المواقف والأجندات والمرحلة المقبلة من الحرب على غزّة!

لعلّ إحدى القصص المهمّة المفترض أن تكون محلاّ لاهتمام صانع القرار الأردني في المرحلة المقبلة أهمية الجبهة الداخلية وعدم السماح لأي خطابٍ بالمساس بها، لأنّ من الواضح أنّ هنالك صراعاً دولياً وإقليمياً على ترسيم ملامح النظام الإقليمي الجديد، والأردن ليس في حسبة إيران وحلفائها، ولا إسرائيل والمشروعات الإبراهيمية التي تسير في ركابها. وفي حال عاد ترامب إلى البيت الأبيض، فستزيد العزلة الأردنية بصورة كبيرة، وسوف يكون الأردن، كما حدث في "قضية الأمير حمزة"، هدفاً مرّة أخرى لمن يريد أن يأخذ البلاد إلى جانبه، سواء كانت إيران التي تريد نسخة شبيهة بما يحدُث في سورية والعراق ولبنان من هيمنة وحكومات عاجزة وحركات موالية لها، أو الأجندة المقابلة التي ربما تنظر إلى الأردن جزءاً من حلّ القضية الفلسطينية أو في أحسن الأحوال بدورٍ هامشي محدود.

العربي الجديد