شريط الأخبار
إطلاق البرنامج التنفيذي الثاني لخارطة تحديث القطاع العام للأعوام (2026-2029) ترامب يتعهد بتصنيف "الإخوان المسلمين" منظمة إرهابية أجنبية العثور على رفات محتجز إسرائيلي في غزة مستوطنون يحرقون أراضٍ زراعية شمال رام الله الأردن: قيود إسرائيل في الضفة تشلّ الاقتصاد الفلسطيني شي لترامب: عودة تايوان للصين من أسس النظام الدولي بعد الحرب العالمية ترامب يعلن قبوله دعوة الرئيس الصيني لزيارة الصين في أبريل مؤسسة غزة الإنسانية تعلن انتهاء مهمتها الطارئة في غزة اقتصاديون: الدعم والاهتمام الملكي "خارطة طريق" لتنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي "النواب" يتوافق على رؤساء لجانه الدائمة وزير العدل يبحث ونظيره السوري تعزيز التعاون العدلي وزير الإدارة المحلية يتفقد بلديات في بني كنانة بإربد رئيس النواب يطلع على خطة اللجنة المالية النيابية لمناقشة الموازنة أيمن هزاع المجالي يكشف تفاصيل استهداف والده الشهيد هزاع ووفاة الملك الحسين الحكومة تحيل استيضاحًا وثقه ديوان المحاسبة إلى مكافحة الفساد السفير القضاة : إجراءات ثنائية لتسهيل انسياب البضائع وعبور الشاحنات بين الأردن و سوريا وزير الثقافة : الأردن سيبقى القدوة والنموذج في مواقفه المشرّفة غنيمات تشارك في الحفل الخيري الذي نظمته جمعية عقيلات السفراء العرب بالمغرب ( صور ) ذهبية جديدة لروسيا.. دوخنو يكتب التاريخ بذهبيتين في بطولة العالم بالجمباز "بوليتيكو": الاتحاد الأوروبي يفشل في منافسة النفوذ الاقتصادي الصيني في إفريقيا

إعادة تشكيل المشهد الحزبي الأردني.. الاندماج الحزبي!!

إعادة تشكيل المشهد الحزبي الأردني.. الاندماج الحزبي!!
القلعة نيوز:
أحمد الخوالدة

شهدت الساحة السياسية الأردنية منذ الإعلان عن مخرجات "اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية" عام 2021 حالة من الترقب والحراك المكثف حول مستقبل العمل الحزبي، وضعت هذه المخرجات أساساً تشريعياً طموحاً لتعزيز دور الأحزاب في الحياة السياسية، حيث خصصت 41 مقعداً في مجلس النواب للأحزاب، مع خطة تصاعدية تهدف إلى رفع هذه النسبة إلى 65% من مقاعد المجلس بحلول عام 2032.

مع ذلك كشفت نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة عن تحديات جوهرية تواجه الأحزاب السياسية، إذ أظهرت ضعفاً ملحوظاً في أدائها وعجزها عن تمثيل الشارع الأردني وتقديم خطاب سياسي مقنع، هذا التراجع لم يكن مجرد انعكاس لأرقام انتخابية عابرة، بل كشف عن أزمة هيكلية أعمق تتعلق بضعف البرامج الحزبية، وغياب خطاب سياسي مؤثر، وعدم القدرة على فهم "البرامجية وحتى الإيديولوجية" بالإضافة لفشل الأحزاب في بناء جسور تواصل فعّالة مع المجتمع.

خرجت بعد الانتخابات النيابية الأخيرة والتي أسفرت عن فوز حزب "جبهة العمل الإسلامي " باكثرية مقاعد الدائرة العامة الوطنية (الحزبية)، الأصوات المطالبة بإعادة هيكلة المشهد الحزبي، حيث برزت فكرة اندماج الأحزاب كأحد الحلول المطروحة على الطاولة لتجاوز حالة التشرذم الحزبي وبناء أحزاب قوية وقادرة على التأثير في الساحة السياسية.

اندماج الأحزاب وإن بدا خطوة منطقية، يعكس في جوهره سعياً لإعادة بناء الثقة بين المواطنين وهذه الأحزاب، فقد أدى هذا العدد الكبير من الأحزاب ذات البرامج المتشابهة إلى تشتت الأصوات الانتخابية، مما أضعف تمثيلها البرلماني وحدّ من قدرتها على التأثير في في الناخبين حيث ذهب الناخبين إلى التصويت للعلاقات المعرفية التقليدية، ولم يكن هذا التشرذم مجرد عائق انتخابي، بل أسهم في تعميق الفجوة بين الأحزاب وقواعدها الشعبية، حيث بات المواطن ينظر إليها ككيانات منفصلة عن همومه المعيشية وتحدياته اليومية.

يُمكن أن يُسهم الاندماج في إعادة صياغة العلاقة بين الأحزاب والمجتمع عبر تشكيل أحزاب سياسية أكبر وأكثر تأثيراً. هذه الأحزاب ستكون أكثر قدرة على تقديم برامج سياسية متماسكة تُعبّر عن تطلعات المواطنين. بذلك، يُمكن للاندماج أن يصبح خطوة نحو تعزيز الثقة الشعبية بين الشارع والأحزاب.

لكن هذه الخطوة رغم أهميتها، ليست سهلة المنال. اختلاف البرامج والإيديولوجيات بين الأحزاب، حتى بين تلك التي تبدو متقاربة في طروحاتها، يمثل عائقاً حقيقياً أمام تحقيق اندماج ناجح. هذه الخلافات ليست مجرد تفاصيل فنية وتقنية، بل تعكس تبايناً في الرؤى "النخب السياسية" والأحزاب. إلى جانب ذلك، فإن الصراعات القيادية التي قد تنشأ حول توزيع المناصب داخل الأحزاب المندمجة تُهدد بإعادة إنتاج الانقسامات، ما يجعل من الصعب الحفاظ على وحدة الصف الداخلي، إضافة إلى ذلك، يواجه الاندماج تحدياً آخر يتمثل في إقناع القواعد الشعبية بجدوى هذه الخطوة، خاصة في ظل مخاوف من أن يؤدي الاندماج إلى طمس هوية الأحزاب وخصوصاً "الأحزاب الصغيرة "وتهميشها.



الجدل حول اندماج الأحزاب، بين من يرى في الاندماج فرصة لإصلاح العمل الحزبي ومن يخشى أن تكون هذه الخطوة مجرد معالجة سطحية لأزمة أعمق، المؤيدون يرون أن الأحزاب الموحدة تمتلك فرصاً أكبر لتحقيق تمثيل سياسي أكبر وعمل نيابي قوي عن طريق الكتل، ما يعزز من دورها في صياغة السياسات العامة ويمنحها القدرة على التأثير في التشريعات. كما أن الإصلاحات السياسية الأخيرة التي تضمنت تعديلات على قوانين الأحزاب والانتخاب، وفرت بيئة قانونية داعمة لتحفيز الاندماج عن طريق "الدعم المالي لأحزاب المندمجة" الوارد في (نظام المساهمة المالية في دعم الأحزاب السياسية لعام 2023) وإنشاء أحزاب ذات قواعد شعبية واسعة. أما المعارضون فيرون أن التركيز على الاندماج قد يغفل الحاجة إلى إصلاح جذري في بنية الأحزاب نفسها، بدءاً من تطوير برامجها السياسية، مروراً بتوسيع قواعدها الشعبية وتقديم خطاب سياسي وفهم العلاقة ما بين الإيديولوجيا والبرامجية، وصولاً إلى تحسين أدائها التنظيمي.



الاندماج، رغم ما يحمله من وعود وتطلعات وآمال وأفاق، ليس حلاً سحرياً. تجارب الاندماج الحزبي تشير إلى أن نجاح هذه الخطوة يعتمد بشكل كبير على وجود رؤية واضحة وإرادة سياسية حقيقية لتجاوز الخلافات، أما غير ذلك سيتحول الاندماج الحزبي إلى " استحواذ حزبي". فضلاً عن قدرة الأحزاب على تقديم نموذج جديد للعمل السياسي يتجاوز الصراعات التقليدية، يتطلب الاندماج مقاربة شاملة تعترف بتعقيدات المشهد السياسي وتعمل على معالجة جذور الأزمة، بدلاً من الاكتفاء بحلول قد تكون مؤقتة أو تجميلية.

أنا ليست من مفضلي فكرة الاندماج الحزبي لأني مؤمن بقاعدة "الميدان يا حمدان"، والأصل أنّ يكون لدينا ثلاثة تيارات (يمين، وسط، يسار)، فلا يهم عدد الأحزاب إنما المهم حقيقةً وجود ثلاث تيارات قادرة على مواكبة النظرة العالمية الجديدة إلى الحياة الحزبية المتمثلة أنّ البرامجية تطغى على الإيديولوجيا، حيث تأتي ببرامج تتناسب مع الأحوال السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي تمر بها الدول، حتى لو كان على حسب الإيديولوجيا هكذا هي -النظرة الجديدة إلى الحياة الحزبية- في أنحاء دول الشمال- شمال (دول العالم الأول).
لكن وفي نهاية المطاف، يبقى نجاح فكرة الاندماج رهيناً بقدرة الأحزاب على تجاوز انقساماتها والعمل بروح جماعية تضع المصلحة الوطنية فوق الاعتبارات الضيقة.

هيكلة الأحزاب ليست مجرد خطوة تقنية وفنية، بل اختبار حقيقي قدرة الأحزاب على تحمل مسؤولياتها الوطنية في هذه المرحلة الحرجة.